نظم مدونون ونشطاء عراقيون حملة اعتراضات واسعة؛ على استمرار السلطات المختصة في عملية تغليف المرقد العلوي بالنجف، جنوب بغداد، بالذهب الخالص، في وقت يشتد وقع
الأزمة المالية على أغلب شرائح المجتمع، وخصوصا الموظفين الذين توقع وزير المالية أن تعجز الحكومة عن سداد مرتباتهم مطلع شهر نيسان/ أبريل المقبل.
وأعلنت الجهة المشرفة على إدارة "العتبة العلوية"، في بيان تلقت "عربي 21" نسخة منه، عن مباشرتها بالمرحلة الثانية من تذهيب القبة، وبواقع استهلاك يتراوح بين 12 و15 غراما من الذهب لكل من القطع المشمولة، والبالغ عددها 9227 قطعة، مبينة أن المرحلة الأولى شملت تذهيب 2522 قطعة من القبة.
وكتب المدون
العراقي الشاب مصطفى الصوفي على حسابه في موقع فيسبوك: "لو كان علي بن أبي طالب حيا يرزق، ويعيش في النجف وفي زمننا، هل كان سيقبل بأن يعيش في بيت بني من الذهب وبقباب عالية/ في وطن يقترب من أزمته المالية وسط شعب جائع؟".
ورأى بليغ الحجامي، مدرس ثانوي، في تدوينة له على موقع "العتبة العلوية المقدسة"؛ أن "الإمام علي لو بُعث اليوم لأنفق هذه الأموال على بناء مدارس ومستشفيات، بدلا من مدارس الطين المنتشرة في عموم العراق، والخرائب التي تسمى مستشفيات وهي لا تغني من جوع".
وذهب الحاج الزير جاوي إلى القول بأن "أمير المؤمنين لو شاهد هذا الشيء لأمر بقطع رؤوس القائمين عليه؛ لأنه لم يعرف في حياته الزخرفة أو مباهج الحياة"، مستغربا من "إنفاق هذه الأموال على تغليف مرقد في بلد يعج بالفقراء والأيتام والشهداء والشباب العاطلين عن العمل والعاجزين عن الزواج بسبب الفقر".
إلى ذلك، كتب المحامي صفاء الساعدي، في مدونته الشخصية: "هذا عمل يُراد به تملق
الشيعة من قبل القائمين على إدارة مرقد أمير المؤمنين في النجف"، مضيفا بأن "سيرة وعمل أمير المؤمنين لم تذكر رؤيته للذهب في حياته"، وتساءل: "كيف تغلفون قبره بالذهب وتتركون آلاف الجياع يحلمون بوجبة طعام واحدة في اليوم؟".
وفي تعليق على صفحة "أخبار
المراقد والمزارات"، أوضح المحاسب علي ذنون الصفار أن "احتساب أسعار الذهب وفق حركة السوق الحالي تبين أن المبلغ الذي سينفق في المرحلة الثانية لن يقل أبدا عن خمسة ملايين دولار"، لافتا إلى أن "هذا المبلغ يمكن استخدامه في شراء وحدات سكن خشبية لحل مشكلة السكن لآلاف النازحين الذين يعيشون الخيام ويعانون الأمرين من الأمطار والأجواء الباردة".
وأضاف الصفار: "جزء من هذا المبلغ يمكن إنفاقه بشكل رواتب لمئات الموظفين المؤقتين الذين تم الاستغناء عن خدماتهم مؤخرا في وزارة الصحة؛ بسبب عدم وجود التخصيص المالي لهم"، على حد قوله.
من جهته، سخر الصحفي المتعاون مع منظمة العفو الدولية، رسلي المالكي، من قرار الحكومة العراقية تقديم 100 كيلوغرام من الذهب مجانا إلى المراقد الشيعية، موضحا أن "الحكومة لم تنفقها في سبيل الله، بل في سبيل تثبيت فكرة أنها تعمل لأجل المذهب لأجل البقاء في السلطة".
ويعاني العراق من أزمة مالية خانقة بسبب الانخفاض الشديد في أسعار النفط بالأسواق العالمية، وانعدام مصادر التمويل البديلة عن النفط، وهو ما دفع وزير المالية هوشيار زيباري إلى الإعلان عن أن "الحكومة لن تكون قادرة على دفع مرتبات الموظفين ابتداءً من مطلع شهر نيسان/ أبريل المقبل".
وكانت وزارة التخطيط العراقية قد أوضحت في بيان لها أن "نسبة الفقر في العراق وصلت الآن إلى 30 في المئة".