نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تقريرا حول القيادي في المعارضة السورية
رياض حجاب، الذي رأت أن هذا الرجل بما يمتلكه من كاريزما وخبرة سياسية أهلته ليكون المنسق العام لقوى الثورة السورية، فهو يتمتع بالمصداقية والأهلية ليكون شخصية محورية في مفاوضات السلام، التي انطلقت في جنيف منذ يوم الاثنين الماضي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن المعارضة السورية لطالما عانت من الانقسامات الداخلية والاتهامات بالتبعية الخارجية لبعض القوى المساندة لها، مثل قطر والسعودية وتركيا، كما أنها واجهت صعوبات كبيرة في إيجاد الرجل المناسب الذي يتمتع بالمصداقية ويحظى بالقبول على المستوى الدولي وعلى الصعيد الميداني الداخلي، ليقود هذه المعارضة. وقد تولت هذه المهمة عدة شخصيات، على غرار برهان غليون وجورج صبرا وأحمد الجربا، ولكن كل هذه الشخصيات لم تتمكن من تحقيق المرجو منها، ولم تتكمن من جمع كل تيارات وفصائل الثورة السورية.
واعتبرت الصحيفة أن تعيين رياض حجاب مؤخرا منسقا عاما للهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل قوى المعارضة، يمكن أن يغير من قواعد اللعبة بين النظام والمعارضة، ورغم أن الوقت مبكر لإصدار حكم نهائي، إلا أن هذا الرجل الذي عمل داخل نظام بشار الأسد ويعرف دهاليز النظام وأسراره ومناوراته، يبدو أنه يمتلك الوزن والخبرة اللازمتين ليقود بنجاح قوى الثورة السورية.
وذكرت الصحيفة أن رياض حجاب انشق عن النظام السوري في شهر آب/ أغسطس 2012، عندما كان رئيسا للوزراء، وقام بنقل عائلته نحو الأردن، وقال حينها إنه لا يريد أن يكون متواطئا مع النظام في تدمير
سوريا وتسليم سيادة البلاد للأطماع الإيرانية.
وذكرت الصحيفة أن رياض حجاب الذي شغل منصب وزير الزراعة لمدة سنة ونصف، اضطر لقبول منصب رئاسة الوزراء بعد دخول البلاد في الحرب، ولكنه سرعان ما وقف في صف الثورة، بعد أن وجد نفسه فجأة على رأس "حكومة حرب" يقودها بشار الأسد ولا تنوي الإيفاء بأي من تعهداتها الوطنية، بل إنها تستعمل الطيران لقصف مواقع المعارضة والمدنيين، ما يعني أنها كانت تسعى لهزم الشعب وليس كسبه.
وذكرت الصحيفة أن رياض حجاب الذي شغل بين سنتي 2004 و2008 منصب محافظ دير الزور، المحاذية للحدود العراقية، شهد على فترة تزايدت فيها المشاعر المعادية للغزو الأمريكي للعراق وتوافد الجهاديين من مختلف الدول العربية نحو العراق، للانضمام للتنظيمات المقاتلة هناك، وكان شاهدا أيضا على تنامي العلاقة بين الأجهزة الأمنية السورية وهذه التنظيمات، حيث قال: "النظام السوري يعرف جيدا من يمر عبر الحدود، ومنذ تلك الفترة التي تلت الغزو الأمريكي للعراق توطدت العلاقة بين الأجهزة الأمنية السورية والتنظيمات الجهادية".
كما نقلت الصحيفة تصريحات سابقة لرياض حجاب حول شخصية رئيس النظام السوري، وقال إنه كان يتحدث بشكل يومي مع بشار الأسد وقد لاحظ عليه أنه "شخص منغلق ولديه اضطرابات في شخصيته، ويمارس الكذب والتضليل، ويمكنه أن يقول شيئا في الصباح ويقول عكسه في المساء، كما أنه واقع تماما تحت السيطرة الإيرانية، على عكس والده حافظ الأسد الذي نجح سابقا في المحافظة على نوع من التوازن في العلاقة بين سوريا وإيران".
ويقول: "الميليشيات الإيرانية بقيادة قاسم سليماني هي التي تتخذ القرارات في البلاد، كما أنها هي التي تقوم بتوقيع الاتفاقات والهدن مع قوى المعارضة السورية".
وأوردت الصحيفة أن مطالب وفد المعارضة السورية الذي يقوده رياض حجاب في جنيف، تتلخص خاصة في رفع الحصار عن المدن المحاصرة وتحرير المعتقلين في سجون النظام، وإيقاف عمليات القصف العشوائي على المدنيين من قبل طائرات النظام وروسيا.
وقال رياض حجاب بكل وضوح إنه "لا يمكن الجلوس على طاولة
المفاوضات بينما ترتكب جرائم ضد الإنسانية في سوريا من قبل مليشيات من خارج البلاد".
وذكرت الصحيفة أن مطلب إيصال المساعدات الإنسانية للمدن السورية المحاصرة يواجه أيضا صعوبات كبيرة؛ لأن النظام يرفض ذلك وروسيا وإيران كثفتا من دعمهما لبشار الأسد على الميدان، بالتوازي مع اقتراب موعد المفاوضات في جنيف.
واعتبرت الصحيفة أن كل هذه الخلافات تمثل عوائق كبيرة يواجهها رياض حجاب في مهمته في جنيف، حيث إن الوفد الذي يقوده حجاب مطالب بالمشاركة في محادثات السلام حتى لا يواجه اللوم من قبل القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وموسكو والأمم المتحدة، ولكنه في الوقت ذاته يواجه معضلة تعنت النظام السوري وتشبثه بعدم القيام بأي تنازلات، وهو ما عمق من قلق رياض حجاب الذي يقول بأن أكبر مخاوفه هي "اختفاء سوريا كدولة".