نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا حول تراجع شعبية
حزب النور السلفي في
مصر، وقالت إن هذا الحزب الذي انخرط في العمل السياسي؛ خسر شعبيته بعد أن ساند الانقلاب العسكري في سنة 2013، ثم خابت آماله في أخذ مكان الإخوان المسلمين في الانتخابات الأخيرة، وأصبح الآن يواجه خطر الاندثار.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن واحدة من الصور التي بقيت في أذهان المصريين إثر الانقلاب العسكري في صيف سنة 2013، كانت ظهور عبد الفتاح السيسي في "صورة عائلية"، وبجانبه بابا الكنيسة القبطية تواضروس الثاني مرتديا اللون الأسود المطرز بالذهب، وعلى جانبه الآخر بسام الزرقا الذي كان حينها نائب رئيس حزب النور السلفي الذي يتبنى نظرة محافظة للإسلام.
وأشارت الصحيفة إلى أن التحالف الذي يقوده حزب النور، حقق مفاجأة كبيرة في انتخابات سنة 2011، التي كانت أول انتخابات ديمقراطية تشهدها مصر بعد إسقاط نظام حسني مبارك، حيث حصل على 27 في المئة من الأصوات، واحتل 123 مقعدا في البرلمان، ولكنه في الانتخابات الأخيرة التي نظمها السيسي مني بنكسة كبيرة، وحصل فقط على عشرة مقاعد، رغم أنه كان يأمل في الفوز بعدد أكبر من المقاعد؛ لأنه كان يعتبر نفسه الممثل الوحيد الباقي للتيار الإسلامي.
ونقلت الصحيفة عن جورج فهمي، الباحث المصري في مركز كارنجي للدراسات، قوله: "إن حزب النور خسر حتى في الأماكن التي كانت تعتبر معاقلا له، وبات من الواضح أن هذا الحزب لم يعد ممكنا اعتباره ممثلا للتيار الإسلامي في مصر".
وأشارت الصحيفة إلى أن الانتخابات الأخيرة أفرزت برلمانا مشتتا وضعيفا، طغت عليه الشخصيات والتحالفات المساندة للسيسي، في ظل منع أي معارضة حقيقية من المشاركة في هذه الانتخابات، بعد قرار منع الإخوان المسلمين من النشاط السياسي، رغم أنهم كانوا الفائزين في الانتخابات الماضية، وفي ظل مقاطعة الانتخابات من قبل عدة أحزاب وحركات اعتبرتها مهزلة ولا تستجيب للمعايير الدنيا للديمقراطية.
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب النور برر الانتكاسة التي تعرض لها في الانتخابات الأخيرة بغياب المنافسة النزيهة. ونقلت عن عمرو المكي، المسؤول عن العلاقات الدولية في الحزب، قوله: "لقد وقف حزب النور عاجزا أمام التأثير الكبير للمال السياسي في هذه الانتخابات، وغياب الحيادية من قبل أجهزة الدولة وخاصة الإعلام العمومي. كما أننا تضررنا من مقاطعة شرائح واسعة للانتخابات، خاصة الشباب، الذين كنا نطمح لكسب تأييدهم ولكنهم قرروا عدم الذهاب لمراكز الانتخابات".
وذكرت الصحيفة أن التيار السلفي في مصر لم يكن مسيسا في السابق، ولهذا سمح لهم الديكتاتور السابق حسني مبارك بالنشاط والتوسع في مصر، أملا منه في أن يساهموا في الحد من شعبية الإخوان المسلمين، الذين كان يعتبرهم خصمه الحقيقي على السلطة. ولكن بعد الثورة تذرعت قيادات التيار السلفي بما سمته "خطر فوز حكومة غير إسلامية في الانتخابات"، واختارت الدخول في معترك السياسة دون أن تتخلى عن بعض التعاليم الصارمة التي تتبناها، مثل رفض وضع صور المرشحات من النساء في الانتخابات على اللوحات الدعائية.
وذكرت الصحيفة أن أغلب من ساندوا حزب النور في سنة 2011 يقولون إن سبب تخليهم عنه الآن هو تحالفه مع السيسي، وهو ما يعتبرونه خيانة للمبادئ والقضية الفلسطينية.
ويقول أحمد مرسي، المناصر السابق لحزب النور، والذي يعتبر نفسه إسلاميا محافظا: "إن موقف حزب النور بعد الانقلاب كان مخزيا، فقد ساندوا الانقلاب ضد أول رئيس منتخب ديمقراطيا في تاريخ البلاد، وساهموا بذلك في صنع نظام عسكري وفاشي. إنهم لا يؤمنون بالديمقراطية، وعوض وصفهم بحزب النور كان من الأجدر تسميتهم بحزب الزور".
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب النور الذي تخلت عنه قواعده الشعبية، استعاض عن ذلك بدعم النظام المصري، الذي استعان بهذا الحزب في البداية ثم تخلى عنه لأنه لم يعد في حاجة لهذا الغطاء الديني.
وبالإضافة إلى الهجمات الإعلامية التي تتعرض لها قيادات هذا الحزب، فإنه يتعرض أيضا لهجمة قضائية من خلال سعي عدة محامين لرفع قضية لمطالبة القضاء بمنع هذا الحزب من النشاط، اعتمادا على فصل في الدستور الجديد بمنع الأحزاب الدينية، ولكن الحكومة اكتفت بمنع نشاط بعض المنتمين لهذا الحزب، عبر منعهم من إلقاء الخطب من منابر المساجد.
ورغم هذا الفشل والخيارات التي أثبتت خطأها، فإن عمرو المكي لم يعبر عن ندمه على موقف حزب النور المساند للسيسي، بل أكد أن موقفه لن يتغير بعد الفشل الأخير في الانتخابات. وقال: "كان ذلك أفضل خيار بالنسبة لنا، وسوف نواصل في مساندة أجهزة الدولة، رغم أن الكثير من الناس بمن فيهم الإسلاميون لا يتفهمون خياراتنا".
ورأت الصحيفة أن حزب النور الذي وجد نفسه بين غضب القواعد الشعبية الإسلامية وازدراء النظام العسكري، يواجه اليوم خطر الاندثار، رغم أن قيادييه يصرون إلى حد الآن على عدم الانسحاب من المشهد السياسي والاكتفاء بممارسة الدعوى، حيث يقول المكي: "إن حزب النور حزب سياسي مستقل عن رجال الدين السلفيين، ولن يندثر، بل سنواصل تواجدنا في الخارطة السياسية المصرية".