قال خبيران في شؤون القدس، إن
الاحتلال الإسرائيلي ينتهج أساليب "شيطانية" في منظومة
التعليم بمدينة
القدس المحتلة، تهدف إلى هدم أحد أهم مقومات المجتمع المقدسي، بإنتاج جيل "ممسوخ" ثقافة وعلما، لا يمت لعمقه الفلسطيني أو العربي بصلة.
وحذر الخبير في شؤون القدس، جمال عمرو، من "خطورة سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على منظومة التعليم في مدينة القدس، وذلك بتشويه التعليم، وإجبار المدارس على اعتماد
المناهج التعليمة الإسرائيلية"، موضحا أن "خطوات الاحتلال تجاه التعليم بالقدس محسوبة بعناية فائقة، فهو يدفع مبالغ طائلة جدا في بناء المدارس؛ من أجل خطف التعليم من أيدي الفلسطينيين".
وقال لـ"
عربي21" إن "الاحتلال يعلم أن أفضل الطرق للسيطرة على مدينة القدس؛ هي السيطرة على عقول المقدسيين، والتحكم في ثقافتهم، وهذا أخطر من الاحتلال العسكري"، مؤكدا أن الاحتلال "لا ينفق المبالغ الطائلة في إنشاء مدارس جديدة؛ من أجل عيون الفلسطينيين، رغم النقص الشديد في المعلمين والغرف الصفية".
محاضرات جنسية
وكشف عمرو عن أن "بعض المحاضرين الخارجيين يتعمدون الحديث للطلاب، في أعمار حساسة، عن قضايا جنسية بطرق مثيرة، ولا يستطيع مدير المدرسة أن يمنعهم من ذلك، كما أنهم يزودون الطلاب بأرقام للاتصال المجاني، للحديث في أي موضوع بسرية تامة"، مشيرا إلى أن "هذا الأمر الخطير؛ قد يساهم في إسقاط بعض الطلاب بوحل العمالة للاحتلال".
و"تسيطر وزارة المعارف الإسرائيلية على أكثر من 70 بالمئة من المدارس بالقدس"، بحسب عمرو، الذي أوضح أن الاحتلال "يسعى للسيطرة على باقي المدارس التي تتبع الأوقاف الإسلامية، أو المدارس الخاصة والكنسية، أو تلك التي تتبع وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وهي التي ربما تشكل ناقوس خطر على خطته التهويدية، ويطالبها بضرورة اعتماد المناهج التعليمية الإسرائيلية لديها".
وشدد الخبير في شؤون القدس، على أن "الاحتلال الثقافي الذي يجري لمدينة القدس؛ خطير جدا، وغير مسبوق على الإطلاق"، مؤكدا أن الاحتلال "بهذا الغزو الثقافي التعليمي مدفوع الثمن؛ يسعى لتكوين جيل جديد ممسوخ ثقافة وعلما ومعرفة، منسلخ عن ماضيه وحاضره ومستقبله، وبذلك يهدم أحد أهم مقومات المجتمع المقدسي".
وحول أخطر مظاهر تهويد التعليم في المدينة المقدسة؛ أشار عمرو إلى اعتماد "السلام الوطني الصهيوني في طابور الصباح للتلاميذ، ورفع العلم الإسرائيلي فوق أسطح المدارس، ووضع صورة الرئيس الإسرائيلي في كافة الفصول الدراسية".
مشاكل متعددة
وقال عمرو، إننا "أمام كارثة محققة على المستوى التعليمي والثقافي، فلقد سُجل أوسع تسرب في كل أنحاء فلسطين بالقدس، فهناك أربعة آلاف و500 طالب لم يجدوا طريقهم إلى المدارس"، مشيرا إلى ضرورة "مواجهة المخطط الصهيوني في القدس، وإيجاد تمويل منقطع النظير لبناء مدارس جديدة، وتوفير المصاريف التشغيلية، ورواتب المعلمين".
من جانبه؛ أكد الباحث في شؤون القدس، فادي عبد الباري، أن الاحتلال "يسعى لطمس
الهوية الفلسطينية لدى الطلبة المقدسيين؛ بإعادة تشكيل شخصيتهم منذ مراحل الطفولة الأولى".
وقال لـ"
عربي21" إن المناهج الإسرائيلية "فُرغت من أي روابط تشير إلى علاقة المقدسي بعمقه الفلسطيني والعربي، واعتمدت على تزييف الوعي لدى الأجيال، وطمس كافة المعالم التي تدل على عروبة القدس وإسلاميتها".
وبيّن أن تعدد جهات الإشراف على مدارس القدس التي يبلغ عددها نحو 181 مدرسة؛ "تسبب بوجود العديد من المشاكل، التي من أهمها غياب المرجعية التي تشرف على وضع الاستراتيجية التعليمية، ما يفتح الباب للاحتلال لفعل ما يريد".
وحذر من "العواقب الوخيمة بتغافل الاحتلال عن اعتماد إلزامية ومجانية التعليم"، مؤكدا أن ذلك "يتسبب بزيادة نسبة المتسربين من المدارس، ويعرض الطلبة للجنوح والانحراف".
وأضاف عبد الباري أن "من المشاكل الخطيرة التي يعاني منها قطاع التعليم بالقدس؛ نقص عدد المعلمين في المدارس التي تشرف عليها جهات فلسطينية"، لافتا إلى "صعوبة وصول المعلمين إلى أماكن أعمالهم، بسبب سياسة الاحتلال الرامية لعزل القدس عن محيطها الفلسطيني من خلال الحواجز والجدار، إضافة إلى تدني رواتب المعلمين، ما ساهم في تسربهم نحو المدارس التي تتبع الاحتلال".