نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية مقالا على إثر
الفضيحة التي هزت
حزب بوديموس اليساري، بعد تلقيه تمويلا غير مباشر من
إيران، اعتبر فيه الكاتب أن إيران التي تعد أبعد دولة عن الديمقراطية والحرية، هي آخر دولة يمكن أن تدعم نموذج الديمقراطية الأوروبية، خاصة وأنها لطالما دعمت
الإرهاب والطائفية في الشرق الأوسط.
وقال الكاتب، في المقال الذي ترجمته "
عربي21"، إن إسبانيا تعد فعلا واحدة من أغرب الدول الأوروبية، والديمقراطية الإسبانية تتميز بكثير من الغرائب، على غرار أن "تشكيل حكومة وحدة وطنية" يعد ظاهرة جديدة في المشهد السياسي الإسباني، ومن بين هذه الغرائب أيضا أن مرشحي أحد الأحزاب الكبرى، الذي قد يشكل هذا الائتلاف الحكومي، تم تمويله من قبل بلد أجنبي، وليس أي بلد أجنبي، إنما هو الجمهورية الإيرانية الإسلامية.
وقال الكاتب: "نحن لا نحتاج إلى تذكير الإسبانيين بالطبيعة الوحشية لنظام الملالي في إيران، وطريقة معاملته للمعارضين والأقليات والنساء في البلاد".
كما أضاف: "لا نحتاج أيضا لتذكير العالم بأن النظام الإيراني لطالما دعم الإرهاب الدولي على مدى العقود الماضية، على غرار الهجوم الإرهابي الذي وقع في الأرجنتين في سنة 1995 والذي أدى إلى وقوع 85 قتيلا و300 جريح، وتواصل إيران منذ ذلك الوقت الامتناع عن تسليم المسؤولين عن هذا الهجوم للعدالة الدولية، بل إنهم يحتلون مناصب مهمة في الدولة والجيش".
كما أشار الكاتب إلى أن إيران بسياستها الطائفية؛ لعبت دورا كبيرا في تقويض الاستقرار في دول الجوار، على غرار العراق واليمن ولبنان وسوريا، وهي تدعم منظمات إرهابية مثل حزب الله، لتنفيذ مخططاتها في الهيمنة على المنطقة.
واعتبر الكاتب أن كل هذه المؤشرات لا تترك مجالا للشك بأن النظام الإيراني يريد تقويض النموذج الديمقراطي الغربي في قلب أوروبا. وفي هذا الإطار جاءت الفضيحة التي هزت حزب بوديموس اليساري الراديكالي، الذي استفاد من دعم النظام الإيراني لتحقيق الفوز في انتخابات 02 كانون الأول/ ديسمبر، ولم يشعر حتى بالخجل ولم يحاول إخفاء هذه الفضيحة على ناخبيه، رغم أن ممارسات من هذا النوع قد تجعل أي حزب في أي دولة ديمقراطية أخرى يشعر بالخجل الشديد من اقتران اسمه بدولة دكتاتورية دينية مثل إيران.
وذكر الكاتب أن تحقيقات الشرطة في إسبانيا، أشارت إلى أن طريقة تمويل إيران لهذا الحزب بشكل غير قانوني لم تكن ذكية أو معقدة، حيث إنها تمت عبر شركة إنتاج سمعي بصري إيرانية، دفعت مبالغ خيالية مقابل خدمات وهمية لشركة تابعة لزعيم حزب بوديموس، بابلو إيغليسياس، كما لم ينف قادة هذا الحزب ارتباطهم بقناة "هيسبان تي في" الممولة للشركة الإيرانية، وهو ما يفسر إنفاقهم لمبالغ كبيرة في دعايتهم الانتخابية في الفترة الماضية، رغم أنهم ليست لديهم موارد معروفة تمكنهم من ذلك.
وعبر الكاتب عن غضبه من هذه المعلومات التي تم الإفصاح عنها للعموم، بعد نهاية الانتخابات وليس قبلها، في مغالطة واضحة للناخبين، كما اعتبر أن علاقة الحزب بالوسيلة الإعلامية الممولة من إيران، كانت لتعد فضيحة سياسية ذات تأثيرات كارثية على الحزب وقد تؤدي حتى لمنع قياداته من النشاط السياسي، ولكن هذا لم يحدث لأن النموذج الديمقراطي الإسباني "غريب وعجيب" حسب رأيه.
وطالب الكاتب بمساءلة هذا الحزب حول المعلومات التي كشفتها التحقيقات حول علاقته بالنظام الإيراني، ومساءلته أيضا عن مدى احترامه للأخلاق السياسية في هذا التعامل مع نظام الملالي، وطالب بمساءلة السفير الإيراني في إسبانيا، وطلب توضيحات حول مساعي إيران لتقويض الديمقراطية والدستور الإسباني عبر هذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية للبلاد.
كما أشار الكاتب إلى أن بعض المفاجآت الأخرى التي انكشفت بعد الفضيحة، منها أن العقل المدبر لهذه الرشوة السياسية، وهو رجل الأعمال الإيراني علي زاده عظيمي، رافق بعض الوزراء الإسبان على غرار "غارسيا مارغالو، خوسي مانويل سوريا، وآنا باستور"، إلى طهران في زيارة رسمية في أيلول/ سبتمبر الماضي، ما يشير إلى التقارب الكبير بين الطرفين.
واعتبر الكاتب أنه من غير المقبول أن يواصل محمد حسن فدايي فرد، السفير الإيراني في مدريد، نشاطه بشكل عادي دون أن يطلب منه تقديم توضيحات حول تدخل بلاده في الشؤون السياسية لإسبانيا، ودعمه لطرف سياسي معين من أجل إفساد الديمقراطية الأوروبية.