يحتدم
الخلاف هذه الأيام بين شركة "أبل" التقنية، وبين جهاز التحقيق الفيدرالي الأمريكي (
أف بي آي)، حيث انتقلت المواجهة بين الطرفين من ساحات
المحاكم إلى أروقة السوشيال ميديا ومواقع التواصل.
وتعود بداية المواجهة إلى
هجوم كاليفورنيا، الذي راح ضحيته 14 شخصا في مقاطعة سان برناردينو، حيث عثر مكتب التحقيقات الفيدرالي على هاتف
آيفون لأحد "الجناة"، محمي بكلمة سر خاصة، وبخاصية المسح التلقائي للبيانات في حالة إدخال "الباسوورد" خطأ لـ10 مرات متتالية، طبقا لما ذكرته إذاعة "بي بي سي".
وبعد فشل "أف بي آي" في فتح الهاتف، طلب مكتب التحقيقات من "أبل" المساعدة في فتحه، لكن "أبل" رفضت، وسمحت فقط ببعض المعلومات التي قد تساعد في التحقيق.
وبحسب "بي بي سي"، فقد رفع المكتب الفيدرالي الأمر إلى
القضاء، الذي حكم بدوره لصالح "أف بي آي"، حيث صدر القرار أن على جميع الجهات مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي في اختراق الهاتف، ووضع آلية أو نظام تشغيل جديد يسهل عملية الاختراق من قبل "أف بي آي".
وطبقا لموقع "The verge" الأمريكي المختص بالأخبار التقنية، الذي تابع تطورات القضية، فقد أصدر الرئيس التنفيذي لـ"أبل" تيم كوك بيانا رسميا، كان مما جاء فيه أنه "لا يصح للقضاء أن يصدر قرارا مثل ذلك، وأن ذلك يهدد مصداقية الشركة أمام عملائها".
وقال كوك إن الهواتف الذكية عموما تحتوي على أهم البيانات الشخصية في حياة أي شخص، كالصور والمذكرات والمواعيد وجهات الاتصال والبيانات البنكية، وعملاء "أبل" يلجأون لها لحماية هذه البيانات، مع نوع الخصوصية التي توفره، فإذا وضعت "أبل" آلية لاختراق خصوصية وأمان الهاتف، فإنه سيعرّض كل عملاء الشركة للخطر.
وأضاف أن إمكانية الوصول لبيانات أي جهاز "أمر مستحيل" حتى لشركة "أبل" نفسها، وأن "خطوة مثل هذه إن تمت، فستُجبر الشركة على التعامل بالطريقة ذاتها مع كل الحكومات في العالم، كالحكومة الصينية مثلا"، مطالبا المستخدمين بمعرفة ما يحدث وتفهمه، وبأن يدعموا شركته ويساعدوها في قضيتها ضد "أف بي آي".
شركات تؤازر "أبل"
وبحسب موقع "The verge"، فقد أعلن المدير التنفيذي لشركة جوجل، ساندر بيتشاي، عن دعمه موقف "أبل" ضد "أف بي آي"، وقال إن "قرار المحكمة يعرّض المستخدمين جميعهم للخطر".
ووصف العميل السابق للاستخبارات الأمريكية، إدوارد سنودن، هذه القضية بأنها "أهم قضية خلال السنوات العشر الأخيرة".
وقال سنودن عبر "تويتر" إن سخرية الموقف جعلت شركة "أبل" تبدو كأنها هي التي تدافع عن حقوق الناس ضد "أف بي آي"، الذي من المفترض أنه الجهة المعنية بالدفاع عن خصوصيات الأفراد.
وأعلن مؤسس "واتس آب" جان كوم، اتفاقه مع سنودن في دعمه لـ"أبل"، وقال عبر "تويتر" إن "على الجميع عدم السماح بحدوث هذه الخطوة الخطيرة".
أما خبير التشفير بروس شناير، فقد حذر من أن السماح لـ"أف بي آي" باختراق الجهاز سيفتح المجال أمام "الهاكرز" لاختراق أجهزة المستخدمين، وسرقة الصور والرسائل والمعلومات الشخصية منها.
بدورها، أعلنت مجموعة "آر جي أس" -التي تضم عدة شركات، منها أبل، وغوغل، وياهو، وفيسبوك، ودروبوكس- دعمها لشركة "أبل".
وقالت المجموعة في بيان لها، إن "مساعدة مكتب التحقيقات في الأعمال الإرهابية مهمة جدا، لكن شركات التقنية ليست مطالبة بأن تصنع بابا خلفيا لأنظمة التأمين التي تقدمها الشركات لمستخدميها، وإن هذا تناقض في حد ذاته".
وأعلنت منظمة العفو الدولية (أمنستي) ومنظمات حقوقية أخرى عن أحقية "أبل" في الدفاع عن حقوق مستخدميها، مؤكدة أن رضوخ "أبل" لطلب "أف بي آي" سيشكل سابقة خطيرة جدا، حيث سيقوض ذلك أمن جميع المستخدمين، ويهدد حقهم في الخصوصية.
بين البيت الأبيض و"أبل"
وتحدث موقع "The verge" عن انتقال المواجهة إلى
البيت الأبيض، الذي أصدر بيانا رسميا يقول فيه إن المحكمة و"أف بي آي" لم يطالبا "أبل" بصنع باب خلفي كي يخترقا الآيفون عموما، وإنما طلبا المساعدة في اختراق هاتف أحد منفذي هجوم كاليفورنيا، وتعطيل خاصية مسح البيانات.
ورد تيم كوك على بيان البيت الأبيض، مهاجما الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشكل مباشر.
وقال على حسابه في "تويتر" إن "من الواضح أن دعوتك كل خبراء التقنية الأسبوع الماضي لدعمهم كانت تمثيلية، وواضح أن البيت الأبيض يعاني من انعدام القيادة الحكيمة"، مطالبا أوباما بإصدار بيان فوري لدعم "أبل"، وللدفاع عن التشفيرات غير القابلة للكسر.
ويتابع مستخدمو أجهزة "أبل" والمهتمون بالقضية المواجهة التي انتقلت من أروقة المحاكم إلى كواليس مواقع التواصل الاجتماعي، منتظرين ما ستسفر عنه، وما إذا كانت "أبل" سترضخ لطلب "أف بي آي"، أم ستظل متمسكة بموقفها؟