يقول الكاتبان جوش روغين وإيلي ليك في تقرير نشره موقع "بلومبيرغ"، إنه في الوقت الذي يقوم فيه
الأكراد السوريون بمهاجمة
المعارضة السورية المدعومة، فإن هناك نقاشات تدور بين مسؤولي إدارة باراك أوباما حول تغيير الأكراد مواقعهم، وفيما إن كان يجب على الولايات المتحدة تقديم الدعم العسكري لهم، بدلا من التركيز على دعم المعارضة السورية المعتدلة.
ويشير التقرير إلى أن الأكراد استغلوا الحملة العسكرية التي تقودها القوات الموالية لنظام بشار
الأسد، ويقدم لها الطيران الروسي غطاء، واستولوا على المناطق التي كانت في يد المعارضة السورية.
ويقول الكاتبان إن هناك جماعة داخل إدارة أوباما تختلف فيما بينها حول الأكراد، وفيما إذا كانوا "انتهازيين"، أو أنهم قاموا حقيقة بالتنسيق مع النظام السوري والطيران الروسي والإيرانيين.
وينقل الموقع عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية قولهم إنهم قاموا بتوثيق لقاءات تمت بين جماعات كردية مسلحة ومسؤولين في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي يقاتل إلى جانب نظام الأسد منذ عام 2011.
ويورد التقرير نقلا عن هذه الجماعة داخل إدارة أوباما، قولها إن وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي تعمل بشكل وثيق مع حزب العمال الكردستاني "بي كي كي"، وهي المنظمة الإرهابية التي تخوض حربا ضد الدولة التركية.
وينقل الكاتبان عن مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية قوله إن الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" وجدت أدلة على تنسيق مباشر بين الأكراد والطيران الروسي أثناء هجوم نفذ قبل فترة قريبة على موقع جماعة معارضة سورية، تتلقى الدعم من الـ"سي آي إيه"، وذلك في بلدة مارع.
ويضيف المسؤول أن الاستخبارات الأمريكية قالت إن المقاتلين الأكراد وضعوا فوق البناية جهاز تتبع قبل فترة قصيرة من تدمير المقاتلات الروسية لها، ولكن مسؤولا أمريكيا آخر لم يتفق مع هذا القول، بحسب التقرير.
ويذكر الموقع أن هناك مسؤولين أمريكيين عبروا عن شكوكهم فيما إن كان الأكراد نسقوا مع الأسد والروس وإيران. ويقول المحلل في الشؤون الكردية، الذي له علاقات مع وحدات حماية الشعب، موتلو سفر أوغلو، قوله إن القوات تنفي أي تنسيق مع الروس، لكنها تعترف باستفادتها من الغارات الجوية الروسية.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن المسؤولين الروس والسوريين قالوا إنهم يقدمون المساعدة المباشرة لوحدات حماية الشعب الكردي، وإن الأخيرة متحالفة مع نظام دمشق، إلا أن سفر أوغلو يرى في هذه التصريحات مجرد دعاية.
ويكشف الكاتبان عن أن مسؤولا أمريكيا يعمل في الحملة ضد تنظيم الدولة، اعترف بأن وحدات حماية الشعب لا تثق ببعض جماعات المعارضة السورية، مشيرين إلى أنه رغم أن الوحدات تعاونت مع فصائل المعارضة ضد تنظيم الدولة، إلا أن الأكراد تجنبوا معارك واسعة مع نظام الأسد، وبالنسبة للجماعات السورية المعارضة للنظام فقد وثقت صلاتها مع تركيا.
ويقول المحلل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أندرو تابلر: "بناء على القتال الأخير، فإن الولايات المتحدة تدعم طرفي حرب الوكالة التركية الكردية في
سوريا". ويضيف أن "واشنطن لا تريد التورط عسكريا، ولهذا يعتقدون أنه من الأفضل لو فعلوها"، بحسب الموقع.
ويلفت الموقع إلى أنه رغم التحفظ حول تصرفات الأكراد، إلا أن بعض المسؤولين في الإدارة يجدون أنه لا مفر إلا دعم وحدات الحماية الشعبية وبشكل قوي، مع أنها تقوم بمهاجمة جماعات معارضة حليفة للولايات المتحدة، ويناقش هؤلاء بأن الأكراد أثبتوا قدرتهم كونهم حلفاء في محاربة تنظيم الدولة.
وينقل التقرير عن عدد من مسؤولي الإدارة قولهم إن المبعوث الأمريكي الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، بريت ماكغيرك، هو من يدعم هذه الفكرة، ويضيف المسؤولون أن موقفه يلقى دعما من قوات العمليات الخاصة المشتركة، التي نشرت 60 مستشارا في سوريا، يعملون مباشرة مع وحدات حماية الشعب في الحملة ضد تنظيم الدولة.
ويفيد الكاتبان بأن داعمي حماية الشعب داخل الإدارة يشيرون إلى عملية الشدادي، التي بدأت مباشرة بعد زيارة ماكغيرك إلى سوريا.
وينوه الموقع إلى أن جماعة أخرى داخل إدارة أوباما ترى أن الدعم المطلق للأكراد يؤثر في جهود الولايات المتحدة لبناء تحالف قوات عربية سنية، مشيرا إلى أن هذا الفريق يناقش بأن موقف الإدارة بالسماح للأكراد بإجهاد المعارضة السورية هو تعبير عن سياسة ضيقة النظر، خاصة أن وحدات حماية الشعب ترفض التقدم نحو الرقة، التي تقع تحت سيطرة الجهاديين.
ويذكر التقرير أن هذا الفريق يعتقد أن الجماعات السنية هي الأمل الأخير لهزيمة تنظيم الدولة، ويطالب بتقديم دعم كبير للمعارضة في حلب، ودعم أقل لوحدات حماية الشعب.
ويرى الكاتبان أن هذا الفريق يخسر على ما يبدو النقاش الداخلي، كما تخسر جماعات المعارضة المعركة للنظام والروس والإيرانيين وتنظيم الدولة، والآن لوحدات حماية الشعب.
ويجد الموقع أنه لهذا السبب لم تتوقف شحنات الأسلحة الأمريكية عن الوصول إلى الأكراد، أما جماعات المعارضة السورية فلا يصلها شيء.
ويورد التقرير نقلا عن مسؤولين في الإدارة قولهم إن سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، سامنثا باور، من بين المطالبين بدعم المعارضة السورية، مشيرا إلى أن باور دعت علنا إلى بناء تحالف عربي سني، يقوم بالسيطرة على الأراضي، بعد طرد تنظيم الدولة منها. ودعا وزير الخارجية جون كيري لدعم المعارضة بشكل قوي، مع أنه ركز جهوده على التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع الروس.
ويعلق الكاتبان بالقول أنه "في وقت يواصل فيه الأكراد ضرب المعارضة السورية، فإن الولايات المتحدة تستمر بدعم الطرفين، وأنفقت الـ(سي آي إيه) مليار دولار على تسليح المعارضة، إلا أن البيت الأبيض لم يسمح للمخابرات بتزويد المعارضة بصواريخ محمولة (مانباد)، ما جعلهم في وضع ضعيف أمام القوة الجوية الروسية".
وينقل الموقع عن عدد من المسؤولين الأمريكيين قولهم إن السعودية أخبرت الحكومة الأمريكية أن لديها خططا لتقديم الصواريخ المضادة للطائرات للمعارضة السورية.
ويذهب التقرير إلى أن السياسة الأمريكية في سوريا كانت دائما تقوم على دعم المعارضة السورية؛ لكي تضغط على النظام كي يوافق على التفاوض ونقل السلطة.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى أنه "في حالة عدم تلقي الجماعات السورية المعارضة المساعدة الكافية لبقائهم، فإنها ستموت معهم إمكانية الحل السلمي، وهو أمر لا يهم الأكراد حلفاء الأمريكيين، إلا أنه مهم للولايات المتحدة".