يقول
تقرير لمنظمة "سيف ذا تشيلدرن" (أنقذوا
الأطفال) البريطانية إن
الهدنة لم تؤد إلى وقف وفاة الأطفال، حيث ينتظرون الأدوية التي ستنقذ حياتهم على نقاط التفتيش، فيما اضطر الكبار لتناول الحشائش وعلف الحيوانات.
ويشير التقرير إلى أن العائلات تقوم بحرق وسائد النوم من أجل الحصول على دفء هربا من برد الشتاء، واضطرت المدارس للعمل من تحت الأرض لتجنب البراميل المتفجرة، أما الجرحى جراء الغارات الجوية فقد تركوا يموتون بسبب نقص الأدوية ومواد التخدير والمسكنات والأدوية اللازمة لمن يعانون من أمراض مزمنة، بالإضافة إلى موت الأطفال بسبب قلة الطعام وحتى من داء الكلب بسبب نقص اللقاحات.
وتذكر المنظمة أن الموت يحيط بالمدن والقرى المحاصرة من كل جانب، فلو لم يمت الناس من الجوع أو المرض، فإنهم يموتون بفعل رصاص القناصة وانفجار الألغام.
وتعلق صحيفة "الغارديان" على التقرير بالقول إن "هذه المشاهد ليست من
الحرب العالمية الثانية ومعسكرات الموت فيها، أو الغولاغ السوفييتي، بل هي واقع الحياة لأكثر من مليون سوري يعيشون في المناطق المحاصرة في مناطق مختلفة من البلاد، بحسب منظمة (سيف ذا تشيلدرن)".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن المديرة التنفيذية للمنظمة تانيا ستيل، قولها: "يموت الأطفال من نقص الطعام والدواء في أجزاء مختلفة من
سوريا، مع أن مستودعات الطعام ليست بعيدة عنهم، وهم يدفعون ثمن صمت العالم". وتضيف أن ربع مليون طفل يعيشون في المناطق المحاصرة، وفي ظروف تصفها المنظمة بأنها "سجن مفتوح".
وتبين الصحيفة أن تقرير المنظمة قام على سلسلة من المقابلات والنقاشات مع الآباء والأطفال والأطباء وعمال الإغاثة في المناطق المحاصرة.
ويكشف التقرير عن الوحشية التي تتميز بها الحرب السورية، التي ستدخل عامها السادس الأسبوع المقبل، وقد قتل فيها أكثر من 450 ألف شخص.
وتلفت الصحيفة إلى أن معاناة الأطفال والناس في المناطق السورية المحاصرة هي إدانة لفشل المجتمع الدولي في وضع نهاية للأزمة، فلم تتلق سوى نسبة 1% من المناطق المحاصرة طعاما، فيما تلقت نسبة 3% عناية صحية.
وينقل التقرير عن رحاب، التي تعيش في الغوطة قرب دمشق، قولها: "تمكن الخوف منا، وينتظر الأطفال دورهم في القتل، ويعيش الكبار بانتظار دورهم للموت".
وتفيد الصحيفة بأنه كان من المؤمل أن تؤدي الهدنة، التي شرع بتطبيقها قبل أكثر من عشرة أيام، إلى وصول المساعدات الإنسانية، إلا أن الناشطين وعمال الإغاثة يتهمون نظام بشار
الأسد، الذي يسيطر على الحواجز، ويقوم بعمليات
الحصار، بتأخير وصول المواد الإنسانية، في خرق واضح لشروط الهدنة.
وينوه التقرير إلى أن وقف العمليات القتالية لم يخفف من معاناة سكان المناطق المحاصرة، التي يعيش فيها كما تقول منظمة أطباء بلا حدود 1.9 مليون نسمة، وبحسب تقرير "أنقذوا ألاطفال"، فإن كل الذين اتصلت بهم تحدثوا عن وفاة أطفال في مناطقهم المحاصرة، حيث أجبر السكان المحاصرون على تخفيف كمية الطعام في الوجبات اليومية، فيما لم يستطع آخرون الحصول على ما يكفي لوجبة طعام.
وتكشف الصحيفة عن أن تقرير المنظمة يشير إلى مآس أخرى يعاني منها السكان تحت الحصار، مثل العنف الجنسي، وعمالة الأطفال، وجرائم السرقة، والعنف، وإغلاق المدارس بسبب الغارات الجوية، ونقص المواد التدريسية.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن أحمد، الذي يعيش في بلدة دوما المحاصرة، يقول: "عندما أسمع صوت القصف أو الطائرات أشعر بالخوف وأسارع بالاختباء تحت السرير"، وتقول رحاب: "لم يعد هنا أطفال، بل هم كبار صغار في العمر".