صحافة دولية

غلوبال بوست: هل تغير شيء بوضع الروهينغا بعد انتخابات بورما؟

غلوبال بوست: التجربة الديمقراطية لم تغير وضع الروهينغا- أرشيفية
غلوبال بوست: التجربة الديمقراطية لم تغير وضع الروهينغا- أرشيفية
ماذا يعني أن تكون لاجئا في بلدك؟ يحدث هذا في محاور الحرب كلها، لكن الوضع بالنسبة للمسلمين في إقليم راكان البورمي مختلف، ففي الانتخابات التي عقدت في تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، واعتبرها المراقبون الأكثر نزاهة في تاريخ البلاد، وأدت إلى فوز الناشطة المعروفة أونغ سان سوتشي وحزب الرابطة الوطنية للديمقراطية في الانتخابات، فقد أعلن الحزب عن مرشحه للرئاسة وهو هيتن كياو، الذي عمل مستشارا لسوتشي، التي يحظرها الدستور من الترشح؛ لأن زوجها السابق أجنبي، وطالب الحزب مؤيديه بدعم خياره، حيث سيصوت البرلمان البورمي على اختيار المرشح الذي سيقود الحكومة.

ويقول مراسلا موقع "غلوبال بوست" أدري تلامانتيز وأوستين بوديتي في تقرير لهما، إن التجربة الديمقراطية النزيهة شوهت من خلال منع مئات الآلاف من المسلمين من المشاركة في الانتخابات، ومنع عدد من مرشحيهم من المشاركة، ومن رشح نفسه لم ينتخب، ولهذا فإن الأقلية المسلمة في بورما، التي تعرف اليوم بمنايمار، غير ممثلة في البرلمان ولا الحكومة التي ستشكل لاحقا.

ويضيف الكاتبان أن مصير الأقلية الإثنية الأضعف لا يزال كما كان في السابق، مشيرين إلى أن عشرات الآلاف من مسلمي الروهينغا يعيشون اليوم في معسكرات احتجاز على طول الساحل الغربي لمنايمار، ورغم إقامتهم الطويلة في البلاد ولأجيال، إلا أن الغالبية البوذية تعدهم "بنغاليين"، ومهاجرين غير شرعيين جاءوا من بنغلاديش.

ويشير التقرير إلى أنه عندما اندلع العنف في عام 2012، الذي قتل فيه العشرات، وشرد الآلاف، قامت قوات الأمن بإخراج المسلمين من بيوتهم في عاصمة راكان، وأسكنتهم مخيمات حول عاصمة الإقليم تحت ذريعة حمايتهم.

ويستدرك الموقع بأنه بدلا من حماية المسلمين، فإنهم وبعد أربعة أعوام يعانون من فقر التغذية المزمن، ويتلقون الحد الأدنى من العناية الطبية، ويمنعون من مغادرة المخيمات،  أو العودة إلى بيوتهم.

وينقل الكاتبان عن سعيد الأركاني، الناشط الذي يعيش في مخيم ثيت كي بين، قوله: "يعتقد الروهينغا أن انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر ليست نزيهة"، ويضيف: "كانت انتخابات حرة من الروهينغا الذين يشاركون في الانتخابات منذ سنين، لكن انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر كانت يوما أسود في تاريخ الروهينغا". 

ويورد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، نقلا عن الطالب ديفيد أونغ لي، الذي يعيش في مخيم ثيت كي بين، قوله: "لسنا متأكدين إن كنا سنواصل العيش في مخيمات المشردين الداخليين"، ويضيف: "نواجه العديد من المشكلات، ولا نريد البقاء في مخيمات المشردين الداخليين ولو لثانية واحدة، فنحن لا نحصل على تعليم أو علاج طبي، ومعظم الناس بلا عمل، ولا يمكن للآباء إرسال أبنائهم إلى المدارس". 

ويذكر الموقع أن الطالب في المدرسة الثانوية الوحيدة في المخيم جاك، يقول: "كان يعمل والدي سائقا، لكنه قتل عام 2012 من الراكين، في المدرسة أفضل أساتذتي هو سيالوغو، الذي يدرسنا الرياضيات، وهو محبوب ومحترم من الطلاب كلهم، وحلمي أن أصبح يوما مدرسا مثله".

ويصف الكاتبان مركزا للعناية  الطبية في قرية بومي داخل المخيم، الذي يدعمه رجل بوذي، وهو واحد من البوذيين القلائل الذين تطوعوا لمساعدة الروهينغا، ويقول الطبيب المعين من مستشفى نيبداو في العاصمة زاو يي هتوت: "أعالج يوميا ما بين 20 إلى40 مريضا، ومعظمهم يعانون من الصداع وآلام أخرى، لكنني أشك بأنهم يتظاهرون حتى يحصلون على المسكنات لبيعها، والمشكلة الكبرى هي فقر التغذية ومرض السل". 

ويلفت التقرير إلى أن أمينة ظلت تنتظر في المركز لمشاهدة الأطباء، الذين لا يحضرون سوى يومي الاثنين والجمعة، وتقول: "لم أرغب بترك ابنتي وحيدة، وهي الثالثة التي أنجبها في المخيم، أشعر بألم في الصدر، ولا أعرف لماذا حضرت هنا، وأخشى أن تمرض ابنتي هنا، لكن لا يوجد خيار آخر".

ويكشف الموقع عن أنه نظرا لمحدودية المصادر المتوفرة والقيود المتوفرة على مغادرة المخيمات، فقد حرم الكثيرون من العناية الصحية، ويموت الناس بسبب عدم توفر أدوية بسيطة، بحسب ما تقول منظمات الإغاثة الإنسانية، وبينهم النساء الحوامل، وتقول مستوحدة، التي تعيش في مخيم سيثماغي: "كنت حاملا لكن الجنين مات"، وتضيف: "هذه هي المرة الثانية التي أفقد فيها طفل قبل الولادة، والسبب أنني كنت أعاني من مشكلات ونزيف". 

ويفيد الكاتبان بأن سكان المخيم يواجهون مشكلات أخرى تتعلق بتوفير الغذاء، ولا يسمح للسكان بالصيد إلا في منطقة واحدة، وهي ثيشانغ الواقعة في داخل المخيم، مشيرين إلى أن نقص الطعام أدى إلى زيادة مستويات سوء التغذية، مثل سيثرا (16 عاما)، التي تعاني من مشكلات في الحركة بسبب سوء التغذية، ولم تكن قادرة على مغادرة كوخ أهلها في مخيم المشردين الداخليين في ثيشانغ. 

ويقول ديفيد تين أونغ لي للموقع: "مضى وقت طويل على انتهاء انتخابات عام 2015". ويضيف: "تظاهر الكثيرون من سكان راكين لمنعنا من المشاركة في الانتخابات، وقطعت أنغ سان سوتشي الوعود للرأي العام بأنها ستحافظ على السلام والانسجام في بورما، ولو سمح لنا بالتصويت لصوتنا لحزب الرابطة الوطنية للديمقراطية، لكننا لم نصوت لأننا لا نحمل الجنسية". 

وينقل التقرير عن الناشط سعيد الأركاني قوله: "يعتقد الروهينغا أن سوتشي ستساعدهم، ستساعدنا للحصول على حرية الحركة، وحقوقنا الأساسية وإعادة توطيننا، ولو سمح للروهينغا بالتصويت لصوتوا لحزب الرابطة الوطنية للديمقراطية ؛لأنه أملهم الوحيد"، ويضيف أن الحزب "لم يشكل الحكومة بعد، ولم يقل أو يفعل شيئا يتعلق بالروهينغا، والحكومة العسكرية الحالية هي عدو للروهينغا، وتحاول فرض عملية تطهير عرقي على الروهينغا". 

ويختم "غلوبال بوست" تقريره بالإشارة إلى قول الطالب ديفيد تين آنغ: "أنا متأكد أنه ليس لنا بلد، ولا حظ لنا للتحرك بالحرية"، ويضيف: "نريد أرضنا الأصلية وقرانا وحريتنا وحقوقا متساوية".
التعليقات (0)