نشرت مجلة "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا للكاتب سكوت بيترسون، تحدث فيه عن استياء الإصلاحيين الذين أوصلوا حسن
روحاني إلى الرئاسة، مما آلت إليه الأمور في
إيران.
ويقول الكاتب إن المخرج حسين دهباشي أضاف لمعة فيها إلهام لحسن روحاني، عندما وعد الأخير الإيرانيين بعهد جديد من الاعتدال والأمل، وفاز في
الانتخابات فوزا ساحقا عام 2013.
ويضيف بيترسون أن دهباشي لم يقم بعمل فيلمي الفيديو لحملة روحاني فقط، بل إنه أضاف شريطا عاطفيا، شبيها بشريط الرئيس أوباما خلال حملته الانتخابية، أظهر فيه روحاني على أنه القائد الشامل الحديث، وكان فيلما أبكى الإيرانيين.
ويشير التقرير إلى أن فيديو "الرحالة الجديد" أسس للمئة يوم الأولى لروحاني كونه رئيسا، وحقق نصف مليون مشاهدة خلال أول 48 ساعة بعد تحميل الفيديو.
وتستدرك المجلة بأنه في الوقت الذي تحضر فيه إيران للانتخابات البرلمانية في 26 شباط/ فبراير، فإن بريق روحاني تلاشى بالنسبة لدهباشي وغيره من المؤيدين المستائين، الذين يقولون إنه فشل في الحفاظ على وعوده بتخفيف القيود وتحسين الاقتصاد.
ويلفت الكاتب إلى أن روحاني يواجه ضغوطات متصلبة من المتشددين، الذين يتهمونه ببيع الثورة الإسلامية، التي قامت عام 1979، بانفتاح كبير في البلاد والتواصل مع الغرب، ويهاجمه حتى من هم في معسكره.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن المرشح للبرلمان الذي يميل للإصلاح دهباشي، قوله: "كثير منا سعيدون بالصفقة التي عقدتها إيران في المفاوضات، لكن سياسيا وعلى المستوى الداخلي، وفيما يتعلق بحرية التعبير مثلا، والفن والعلاقات بين الجنسين والاقتصاد، فإن كثيرا منا فقد الأمل الذي كان يحلم به من قبل".
ويضيف دهباشي للمجلة أنه كان عام 2013 فخورا بالرئيس الجديد "الذي يفهم قوة الفن"، وقال إن الهدف من فيلم "الرحالة الجديد" كان إظهار روحاني على أنه "ليس شخصا محافظا".
ويستدرك بيترسون بأن دهباشي يشعر اليوم بأنه تم استغلاله، وبأنه "لا يحمل آمالا بعد"؛ لأن الرئيس فشل في الوفاء بوعوده. ويقول إن روحاني هو "رئيس إيران، وكلنا يعرف بأنه لا يملك السلطة كاملة، لكن لديه بعض السلطة، إلا أنه لا يريد أن يستخدمها، إنه مجرد خطيب جيد وقوي، لكنه في الواقع لا يقوم بفعل شيء".
وينوه التقرير إلى أن روحاني كان المشرف على الصفقة النووية، التي تم التوصل إليها في تموز/ يوليو الماضي، وقد نتج عنها رفع العقوبات في كانون الثاني/ يناير، مشيرا إلى أنه كان أحيانا يبدو صلبا ومتحديا آراء الزعيم الروحي لإيران آية الله علي
خامنئي.
وتذكر المجلة أنه قبل فترة، عندما رفض 99% من المرشحين الإصلاحيين، أصدر روحاني مناشدة قوية قال فيها إن المجلس المؤلف من 290 عضوا "ليس بيتا لفصيل واحد"، في الوقت الذي يتم فيه إهمال فصيل آخر معه 10 ملايين شخص، وقال: "دعونا لا نجعل الناس يفقدون الأمل".
ويفيد الكاتب بأن ترشح دهباشي تم رفضه في عملية الغربلة التي يشرف عليها المتشددون، وتم السماح له مؤخرا بالترشح مع 1500 آخرين تمت الموافقة على ترشحهم هذا الأسبوع، بعد أن رفضت طلباتهم سابقا، ولم تتضح بعد الألوان السياسة للذين تمت الموافقة عليهم بعد رفضهم.
ويشير التقرير إلى أن روحاني دعا في خطاب له أمام الحشود في الذكرى 37 للثورة، إلى الوحدة الوطنية، وإلى ضرورة الإقبال على الانتخاب بأعداد كبيرة، وقال: "إذا كانت لدى الناس مشكلة مع النظام السياسي أو الحكومة، فيجب ألا يعبروا عن غضبهم بمقاطعة الانتخابات".
وتجد المجلة أنه بالرغم مما تبقى من دعم عريض لروحاني، إلا أن النقاد المتشددين يتوقعون أنه قد يكون الرئيس الإيراني الأول الذي يحكم فترة رئاسية واحدة عندما يترشح للانتخاب العام المقبل.
وينقل بيترسون عن آية الله يوسف صانعي، وهو من كبار رجال الدين الإصلاحيين، قوله: "عندما اختير روحاني كنا مليئين بالأمل، ولم نكن نتوقع أن التغيير لا يمكن أن يحصل".
ويستدرك الرجل الثمانيني بينما كان يأكل التوت المجفف في غرفة اجتماعات مليئة بالكتب، قائلا: "لكن الآن أظن أنه لن يحصل، وليس هناك أمل، فإنهم (المتشددون) يملكون المواقع ومراكز القرار المهمة كلها، وتعطشهم (للسلطة) لن ينتهي".
وبحسب التقرير، فقد وعد روحاني كونه مرشحا بالمزيد من الحرية السياسية والاجتماعية، ما شجع بعض الشباب الإيرانيين على الرقص في الشوارع، وتعهد بحل القضية النووية، ورفع العقوبات، وتحسين الاقتصاد، ووعد بأن يخرج من الإقامة الجبرية مرشحين سابقين للرئاسة.
وتنوه المجلة إلى أنه بحسب أحد التقديرات، فإن روحاني حقق 15% من الوعود التي أطلقها خلال حملته، مشيرة إلى أنه لا يزال يحاول تحقيق 38%، وأن 74% لم تحقق، أو غير ممكن السعي في تحقيقها، بحسب تقرير الخريف الماضي على موقع "أنديش" الذي يميل للإصلاح.
ويورد التقرير نقلا عن محلل مخضرم في طهران، طلب عدم ذكر اسمه، قوله: "إن روحاني له شعبية بشكل عام، لكن لم تتغير الأمور فعلا"، وأضاف أن الحالة الاقتصادية لكثير من الإيرانيين أصبحت أسوأ، مشيرا إلى أن الكثير من أصدقائه لن يصوتوا، وعلامات الاستسلام وفقد الأمل كلها موجودة لديهم.
وتذكر المجلة أن التحول من الفرحة إلى الحزن كان مؤلما بالنسبة لدهباشي، الذي يقول إن روحاني يعرف أن الإصلاحيين والمعتدلين ليس لديهم خيار آخر إلا دعمه؛ ولذلك لم يعد يهتم بهم.
وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى أن دهباشي أنتج فيديو ملهما آخر سماه "أخضر وأبيض وأحمر"، أشار فيه إلى مظاهرات الحركة الخضراء عام 2009، ولم يوافق روحاني عليه، فلم يتم نشره، ويقول إنه تفهم ذلك؛ لأن روحاني كان جديدا في الرئاسة، ويستدرك قائلا: "لكن يوما بعد يوم أصبح يبدو أكثر محافظة تجاه الثقافة، وهذه الأيام لا تهمه العلاقة مع الناس، لكن ما يهمه فقط هو العلاقة مع آيات الله".