أصدرت محكمة جنايات القاهرة السبت قرارا "احترازيا" بالتحفظ على أموال الحقوقي جمال عيد والصحفي حسام بهجت واثنين من أسرتيهما، ومنعهما من السفر؛ وذلك على خلفية اتهامهم في القضية المعروفة إعلاميا بقضية "التمويل الأجنبي"، المتهم فيها عدد من منظمات المجتمع المدني.
وأثار القرار استنكارا واسعا من قبل الحقوقيين والإعلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أعلن العديد منهم تضامنهم مع مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان جمال عيد، ومؤسس المبادرة
المصرية لحقوق الإنسان حسام بهجت .
وعبر حسابه على "تويتر"، قال الحقوقي جمال عيد، معلقا على القرار: "مش ناوي أوقف انتقاد لغياب القانون والعدالة وانتهاكات
حقوق الإنسان وحرية الصحافة وعداء ثورة يناير والاحتفاء بلصوص مبارك، هذا للعلم".
وأضاف في تغريدة أخرى: "لينا بنتي عندها حصالة فيها 244 جنيها، بتسألني: الحكومة حتاخد فلوسي كمان يا بابا؟ قلت لها: ده يرجع لقرار القضاء".
كما أردف: "أشعر بالخجل من عدالة تمنع من السفر، وتعاقب دون إبلاغنا أو تحقيق، اللي يقدر يديني مثال لعدالة تعاقب وتصادر وتمنع، والضحية يعرف من الصحافة، يبلغني!!".
وتابع: "للعلم: حسابي في البنك به فلوس جائزتي التي حصلت عليها "جائزة المدافع عن الكرامة الإنسانية"، التي أنشأت بها 6 مكتبات عامة بأحياء شعبية، تخدم أطفال وشباب وأهالي هذه الأحياء، إحنا بنبني مكتبات، والنظام بيبني سجون.. ده الفرق".
أما المذيع الساخر باسم يوسف، فقال: "موضوع منع حسام بهجت وجمال عيد وعايدة سيف الدولة من السفر، ومنعهم من التصرف في أموالهم، للأسف مابقاش جديد أو حاجة الواحد يستغربها".
وأضاف باسم: "تمويل إيه اللي الناس بتاخده، وفلوس إيه اللي حطينها في البنوك؟ ما تتشاطروا على
العصابة اللي ماصة دم البلد ومهربين فلوسهم بره؟".
وتابع ساخرا: "شكلها كده برضة مافيش فايدة، أو شكلهم بيقلبوا الميت دولار اللي هيلاقوها عشان يسيطروا على سعر العملة (زي ما قبضوا على حسن مالك كده)، المهم إن العبث والظلم والبجاحة بقى عرض يومي من اللي ماسكين البلد، وتحيا مصر يا جدع، بس اللي فيها يموت".
وعلقت مديرة مؤسسة "المورد الثقافي" بسمة الحسيني في تدوينة مطولة لها جاء فيها: "اتهام جمال عيد وعايدة سيف الدولة وحسام بهجت، ومعاهم مجموعة كبيرة من المنظمات الحقوقية، في رأيي عمل انتقامي النظام بيدبر له من سنين، وغني عن الذكر إن التلاتة دول، ومعظم قادة المنظمات الحقوقية اللي مش تابعة للمخابرات ولا لأمن الدولة، همه من أشرف وأكثر الناس وطنية ونزاهة".
وأضاف الحقوقي خالد منصور: "حصل جمال عيد على جائزة ألمانية مرموقة لحقوق الإنسان قيمتها 340 الف يورو تقريبا في نوفمبر 2011، وسلمها له الرئيس الألماني... وانتهى جمال بتخصيص كل الجائزة، كلها، لإنشاء المكتبات، واليوم هناك ست مكتبات في أحياء شعبية بالقاهرة وغيرها يذهب لها الأطفال بالآلاف سنويا".
وتابع: "واليوم تقرر محكمة جنايات بالقاهرة تجميد أموال وممتلكات جمال عيد وزوجته وابنته، بالإضافة للصحفي والناشط الحقوق حسام بهجت بعد منع الاثنين من السفر، وذلك كله وفقا لطلب قاضي تحقيق في عمل منظمات حقوق الإنسان، وهو جزء من مسعى الحكومة الحثيث لخنق عمل المنظمات المستقلة وإيقاف الحديث عن التعذيب وانتهاكات حقوق الأسنان بدلا من العمل على إيقاف الانتهاكات نفسها".
وتساءل منصور في نهاية تدوينته قائلا: "أعرف جمال عيد مهنيا وشخصيا منذ عشرين سنة، وهو مثال حي على الإيمان بمبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية وإنكار الذات، ونقوده التي قد تجمدها الدولة اليوم هي في أغلبها ما تبقى من جائزته لفتح مكتبات جديدة والإنفاق على القائمة منها. هذه هي نفس الدولة التي تتصالح مع اللصوص مقابل إعادة جزء مما نهبوه. أي دولة هذه وأي نظام؟".
وعبر "تويتر"، قال المحامي حافظ أبو سعدة: "الحق في المحاكمة العادلة أول شروطها هو أن يعلم المتهم أنه يحاكم ولا يفاجأ بجلسة محاكمة، كما حدث مع جمال عيد وحسام بهجت، المحاكمة باطلة".
وقد وصفت منظمة العفو الدولية الإجراءات التي اتخذتها السلطات القضائية ضد جمال عيد وحسام بهجت بأنها "تعسفية وعقابية".
وطالب نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة سعيد بو ميدوحة، في بيان نشرته العفو الدولية الجمعة، السلطات المصرية بالامتناع عن اتخاذ مثل هذه التدابير، وإنهاء الهجوم على المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.
وأضاف بوميدوحة أنه يتعين على السلطات المصرية وقف التحقيقات الجارية في قضية "التمويل الأجنبي"، وإغلاق ملف القضية، إلى جانب وضع مشروع قانون جديد للجمعيات التي تتماشى مع المعايير الدولية والدستور المصري، فضلا عن منح المنظمات غير الحكومية مُهلة معقولة لتسجل نفسها بموجب القانون الجديد.