يتجه "مجلس نواب ما بعد الانقلاب" إلى عدم الأخذ بملاحظات "مجلس الدولة" على مشروع اللائحة الداخلية للمجلس، التي كشفت أن هناك شبهات بعدم
الدستورية تلاحق ست مواد، ما يترتب عليه ضرورة مناقشة المجلس لللائحة وتعديلها ثم إرسالها مرة أخرى لمجلس الدولة، أو اللجوء لمنطق "البرلمان سيد قراراه"، باعتبار ملاحظات المجلس "استشارية استرشادية"، وهو ما يميل المجلس إليه.
وكان أعضاء البرلمان قاموا بتمرير أكثر من 340 قانونا صادرا من رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، وسلفه المؤقت عدلي منصور، في أقل من خمسة أيام، بينما استغرقوا عددا كبيرا من الجلسات خلال 46 يوما للانتهاء من إقرار 438 بندا بلائحته الداخلية.
وبرغم ذلك رصد "مجلس الدولة" ست شبهات بعدم الدستورية، في ست مواد من مواده، خاصة بعدم جواز إلزامه (مجلس الدولة) بسقف زمني للانتهاء من مراجعة مشروعات القوانين خلال 30 يوما، واعتراضه على عودة ضباط الجيش والشرطة إلى عملهم بعد انتهاء أعمال المجلس، وعدم جواز إعفاء بدلات النواب ومكافآتهم من الضرائب، وكذلك عدم جواز تمييز المرأة، أو إدراج الميزانية رقما واحدا.
شبهة عدم دستورية في 6 مواد
وأرسل قسم التشريع بمجلس الدولة، رسالة إلى رئيس مجلس النواب، بحسب صحيفة "الشروق"، الاثنين، تفيد انتهاء القسم من مراجعة مشروع اللائحة الداخلية للبرلمان، متضمنا ملاحظات القسم عليها، وتضمنت ست شبهات بعدم الدستورية.
أولها بالنسبة للمادة (6) إذ خلص القسم إلى ضروروة حذف الفقرة الأخيرة من المادة درءا لشبهة عدم الدستورية؛ لما قد تكتنفه من تمييز غير مبرر لصالح المرأة وحدها دون غيرها من الفئات التي قرر لها الدستور ذات المعاملة.
وفي ما يتعلق بالمادة (175) دعا القسم إلى حذف عبارة "خلال الثلاثين يوما على الأكثر. وإذا لم يرد الرد خلال هذه المدة، لمجلس النواب أن يواصل باقي إجراءاته في شأن إقرار المشروعات"، وهي المدة التي حددها مجلس النواب لمجلس الدولة كي يرد فيها على ملاحظات لائحته بالنظر.
وارتأى القسم بالنسبة للمادة رقم (355) ضرورة حذفها لما أحاط بها من شبهات جدية بعدم الدستورية لأنها أوجدت تمييزا غير مبرر في المراكز القانونية، باستثناء بعض الفئات (رجال الجيش والشرطة)، وأجازت عودتهم إلى عملهم السابق، عند انتهاء مدة عضويتهم، وهذا تحيط به شبهة عدم الدستورية.
وبالنسبة للمادة رقم (372) استظهر القسم من الدستور انصراف إرادة المشرع إلى تقرير حكم عام بأيلولة ملكية ما يتلقاه عضو مجلس النواب من هدايا نقدية أم عينية إلى الخزانة العامة للدولة، بينما تضمن نص المادة حكما يقضي باستثناء تلك الهدايا التي تقدم للعضو، إذا كانت مقدمة في إطار المجاملات المعتادة التي يجري العرف على تقديمها في الأعياد والمناسبات إذا كانت لاتزيد قيمتها على ثلاثمائة جنيه أو التي في مناسبات أو زيارات رسمية لاعتبارات المجاملة.
وتلاحظ للقسم أيضا أنه بالنسبة للمادة رقم (404) فإنه إزاء ما استبان من مطالعة سائر أحكام الدستور من أن المشرع تولى بالتحديد والتعيين وبشكل قاطع الجهات التي يتم إدراج الموازنات الخاصة بها رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة، وهي الجهات والهيئات القضائية والقوات المسلحة، ومؤدى ذلك، ولازمه، أنه لا يسوغ قانونا القول بجواز إدراج الموازنة الخاصة بمجلس النواب رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة، لما في ذلك من مجاوزة لما توخاه المشرع الدستوري من التحديد السالف بيانه، الذي يتعين على سلطة التشريع أن تلتزم تخومه، وإلا جاء عملها مخالفًا للدستور ومتصادما مع مبدأ سيادة القانون الذي هو أساس الحكم في الدولة.
وأخيرا استعرض القسم المادة رقم (436) مؤكدا أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص التشريعية هو اختصاص حصري مانعا لغيرها من السلطات عن مباشرته، وعليه خلص إلى حذف هذه المادة لمخالطتها بشبهة جدية بعدم الدستورية.
سيناريوهات المستقبل
يرى البعض أن ملاحظات مجلس الدولة ليست "ملزمة"، وإنما "استشارية" وأن رأي مجلس الدولة استرشادي ليس أكثر، وأن الدستور حينما أوجب مرور القوانين على المجلس للتأكد من دستوريتها كان يقصد القوانين الصادرة عن الحكومة، وليست عن البرلمان، وبالتالي فالمجلس ليس مضطرا للرد على ملاحظات مجلس الدولة.
وبحسب مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، رامي محسن، فإن مخالفة مجلس النواب لملاحظات مجلس الدولة، وعدم الأخذ بها لا يعتبر مأخذًا أو مطعنا دستوريا، إذ إن رأيه استشاري فقط، غير أنه لابد أن تتم مناقشتها في جلسة عامة بناء على تقرير لجنة إعداد اللائحة، وإما أن يقبلها البرلمان، وبالتالي ستعدل اللائحة أو يرفضها، على أن ترفع كما هي لرئيس الجمهورية لإقرارها.
لكن فريقا آخر يرى أنه لايمكن التعامل باستهانة مع ملاحظات "مجلس الدولة" وأنه يجب على البرلمان الاعتداد الكامل بها، تلافيا لشبهات "عدم الدستورية"، مع عرض الأمر على عموم النواب خلال الجلسة العامة.
وفي هذا الصدد طالب المتحدث الرسمي لائتلاف "نداء
مصر"، الدكتور هشام عناني، مجلس النواب، بضرورة أخذ ملاحظات قسم التشريع في مجلس الدولة، بعين الاعتبار، للتخلص من شبهة عدم الدستورية التي قد تطال اللائحة، خاصة أنها ستصدر بقانون، بخلاف أية من اللوائح السابقة التي نظمت عمل مجلس النواب.
وأكد عناني، أن ملاحظات مجلس الدولة ليست ملزمة للبرلمان، ولكن بما أن الملاحظات تتعلق بنص داخل اللائحة قد يخالف أيا من مواد الدستور، فإنه يتعين على المجلس دراستها لأنه حال الطعن على اللائحة فإنه قد يعرضها ذلك للبطلان أمام المحكمة الدستورية العليا.
لجنة خاصة لمناقشة بيان الحكومة
وكان وكيل مجلس النواب، السيد محمود الشريف، صرح بأنه سيتم تشكيل لجنة خاصة من أجل مراجعة ملاحظات مجلس الدولة على لائحة البرلمان الجديدة، مؤكدا أنه سيتم عرص ملاحظات مجلس الدولة على النواب، ولهم الحرية في قرارهم.
وكان رئيس مجلس النواب، علي عبدالعال، قرر تشكيل لجنة برئاسة وكيل المجلس السيد محمود الشريف، مكونة من 50 عضوا، منهم 28 ينتمون إلى ائتلاف "دعم مصر"، الموالي للسيسي، لإعداد تقرير خاص للرد على بيان رئيس الحكومة، الذي عرضته على المجلس الأحد، الأمر الذي أثار الاختلاف الحاد حوله بين النواب حول المعايير التي استند إليها عبدالعال في إعلان تلك الأسماء تحديدا، دون غيرها.