عقد على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء في العاصمة
اللبنانية بيروت، مؤتمر حماية
التعددية والعيش معا، بحضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والإعلامية والاجتماعية.
وشددت النخبة الحاضرة على حماية التعددية وصيانة حضورها في زمن تفشي الإرهاب والقتل، ونشرت إعلانا في ختامه تضمن بنود إعلان المؤتمر.
وجاء في البنود تحت باب "التعددية سمة تكوينية لمجتمعاتنا ونعمة" ما يلي:
أولا: خلافا لبعض الأيديولوجيات الإطلاقية التمامية في النظر إلى اجتماع الإنسان، والداعية إلى إقامة مجتمعات صافية، تنهض فيما بينها الحواجز والسدود، وتحكم علاقاتها نوازع الغلبة والاستتباع، وإلا فالنبذ والإلغاء والمتبادلين، فإننا نعتقد بقوة أن الاختلاف والتنوع والتعدد في مجتمعاتنا إنما هي سمات تكوينية أصلية، وهي مصدر غنى لكل منا ولجميعنا".
ثانيا: إن الآخر المختلف، أكان فردا أو جماعة، هو جزء من تعريف الذات، وحد من حدودها غير القابلة للإلغاء إلا في سياقات خرابية انتحارية، لا يقرها عقل سليم، فضلا عن تعاليم دياناتنا وإنجازات الترقي الحضاري.
ثالثا: إننا نحرص على نعمة تعددنا، باعتبارها رحمة، كما نعتبر أنفسنا، على اختلافنا، مسؤولين عن بعضنا بعضا أمام الله والتاريخ؛ لذا "علينا أن نتعلم باستمرار كيف نعيش معا إخوة، وإلا سنموت معا وجميعا بلهاء" على قول أحد حكماء الإنسانية في عصرنا مارتن لوثر كينغ.
رابعا: إن واقع التعددية في المجتمع ينطوي على حكم بوجود أقليات وأكثرية، بالحسبة العددية غير السياسية. بيد أن حال الأقلية لا ينبغي أن ينتقص شيئا من حقوق الإنسان الأساسية، كما أن حال الأكثرية لا ينبغي أن يرتب لها امتيازا على هذا الصعيد. وعليه فإن اختزال المجتمع في بعض مكوناته وتهميش الآخرين هو انحدار بجدارته الأخلاقية وقيد على نهضته.
وفي باب حماية التعددية والعيش المشترك، قال بيان المؤتمر:
إنه من نافل القول أن مناداتنا بحماية التعددية والعيش معا تنطوي على قناعة بأن المشكلات المحايثة لواقع التعدد لا تجد حلا لها بإنكار هذا التعدد أو محاولة إلغائه، وإنما بحسن إدارته وفقا لخصوصيات كل بلد، وعلى قاعدة فكرة التسوية التي تقع في أساس أي اجتماع إنساني.
وأضاف أنه من الواقعية وعين الحكمة أن تضع مجتمعاتنا التعددية في صلب عقودها الوطنية ما يعادل المبدأ القائل بأنه "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك"، على غرار ما فعل اللبنانيون بعد الحرب.
وأشاروا إلى أنه تقتضي حماية التعددية والعيش معا حماية الدولة الوطنية، والإقلاع نهائيا عن نزعة التشكيك في مشروعية الدول الوطنية القائمة في المنطقة العربية، بمعزل عن أنظمتها السياسية التي هي رهن بإدارة مجتمعاتها، وفي منأى عن أي نزعة إلحاقية أو دمجية أو تفريعية انفصالية على أساس الأيديولوجية القومية أو الدينية، ناهيك عن المذهبية.
وأوضحوا إنه لا ريب بداخلنا في أن الدولة الوطنية، الراعية للتعددية والعيش المشترك، ينبغي أن تكون دولة مدنية تميز تماما إلى حد الفصل بين الدين والدولة، بوصف هذه الأخيرة شأنا مشتركا لمواطنين متساوين ومختلفين، كما تميز تماما إلى حدِ الفصل بين الدين والسياسة، بوصف هذه الأخيرة تنافسا مشروعا لخدمة الشأن العام وفق أصول ديمقراطية سلمية.