شهدت مدينة عدن
اليمنية، التي أعلنها الرئيس عبدربه منصور هادي، عاصمة مؤقتة للبلاد، اليوم الاثنين، حشدا جماهيريا ضخما حمل شعار "
تقرير المصير"، استجابة للدعوة التي وجهها
الحراك الجنوبي المطالب بانفصال شمال البلد عن جنوبه للفت انتباه الأطراف المتحاورة في دولة الكويت، بـ"مطالب الشارع الجنوبي".
وقبل وصول الحشود الضخمة إلى ساحة العروض بعدن، سجل نشاط واسع لقيادات جنوبية من ذوي النزعة الانفصالية في "أبوظبي" كان أبرزهم رئيس الجنوب الأسبق، "علي سالم البيض"، الذين ساندوا عودة الجماهير إلى الشارع لتجديد دعوات "فك الارتباط" عن السلطة المركزية في صنعاء.
ويتزامن هذا الاحتشاد، مع تلميحات ناشطين جنوبيين، بـ"وجود تمويل إماراتي" لتسهيل وصول الجماهير إلى مركز التظاهر في عدن.
حضور إعلامي حيوي
وبهذا الخصوص، قال الناشط السياسي الجنوبي، باسم الشعبي، إن عودة الحراك السياسي الشعبي في الجنوب كان ضروريا لتسجيل حضور إعلامي، يثبت "حيوية القضية الجنوبية وأهمية عدم تجاوزها، خاصة بعد فشل محاولات استطلاع ممثلين لها في حوارات سابقة أفرزت حلولا مشوهة غير مقبولة في الجنوب، وتحديدا "مخرجات حوار موفمبيك ـ مؤتمر الحوار الوطني ـ التي أقرت تقسيم الجنوب إلى إقليمين".
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21" أنه لطالما كانت القضية الجنوبية هي حجر الزاوية في الحوارات السابقة، مشيرا إلى أن العودة إلى الميدان "يتزامن مع التحرك السياسي في الكويت"، لإيصال صوت الجماهير بأنها "صاحبة الحق في تقرير مصيرها" بعيدا عن الحلول المعلبة التي توافق مصالح من أٌقرها في صنعاء، دون مصالح الشعب الجنوبي.
ونفى الناشط الجنوبي أي دور لدولة الإمارات في هذا الحراك السياسي نحو الانفصال، مؤكدا أنها "لا تسعى لفرض خيارات سياسية محددة على الشعب في جنوب اليمن، بل انحصر دورها في "طرد الحوثيين وقوات صالح"، إضافة إلى تقديم العون في تطهير عدن ومحافظات أخرى من "إرهاب تنظيم القاعدة".
وحول تركز الجماهير المحتشدة إلى عدن من ثلاث محافظات جنوبية هي "أبين والضالع ولحج"، دون تسجيل أي حضور لأبناء حضرموت والمهرة، أشار "الشعبي" إلى أن الجماهير الحضرمية لم تغب عن الفعالية، بل كانت حاضرة، إلا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار البعد الجغرافي لهما، والذي يتجاوز بـ"15" ضعفا المسافة التي تبعد المحافظات الثلاث عن مركز التظاهر في مدينة عدن.
حشود تغرد خارج السرب
من جهته، أوضح رئيس تحرير موقع "الموقع" الإخباري، عامر الدميني، أن الاحتشاد الذي جرى في مدينة عدن يعد من أبرز مظاهر المعاناة التي تعانيها اليمن في الوقت الراهن، لاسيما وأنها "تعبر عن المشاريع التي تغرد بعيدا عن مشروع عودة الشرعية الذي تناضل لأجله كافة القوى السياسية المؤمنة بوجود انقلاب داخل البلد، بمساندة التحالف العربي بقيادة السعودية.
وقال في تصريح خاص لـ"
عربي21" إنه في الوقت الذي تتجه فيه أنظار اليمنيين إلى الكويت لانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات، نجد في المقابل من يشجع مشاريع ليس وقتها الآن من شأنها أن "تنتقص من المشروع الكبير الذي يمثل اليمن واليمنيين".
ولفت الدميني إلى أن ما يجري في عدن يذهب في اتجاه آخر مغاير للوجهة التي يريدها اليمنيون، بل تخدم الانقلاب الذي يقوم به تحالف "الحوثي والمخلوع صالح"، مؤكدا أن المذهبية السلالية الموجودة في الشمال، والتي يتبناها الحوثيون وصالح، لربما تتلاقى مع مشروع مناطقي لا يقل فداحة عنها".
وأشار رئيس تحرير الموقع اليمني إلى أن هناك رسائل واضحة من عمليات الاحتشاد في الجنوب أولها تحويلها إلى وسيلة من وسائل الضغط على الشرعية لاتخاذ قرارات معينة، كردة فعل على القرارات التي اتخذتها الشرعية مؤخرا.
كما تبرز خطورته أيضا في "تشتيت جهود التحالف العربي وتصعيد عوائق جديدة أمام الشرعية في اليمن، لا تلبي تطلع الشعب اليمني للتحرر من المليشيا والانقلاب بقدر ما تضاعف المشاكل إمامها".
ووصف الصحافي الدميني بأن هذا الاحتشاد لا يعدو كونه "امتدادا لسلسلة من الإجراءات التي اتخذت في اليمن مؤخرا، أهمها سحب وحدات عسكرية مساندة للجيش الوطني، وتحريكها في عدن التي تخضع لإشراف إحدى دول التحالف العربي في هذا التوقيت، يعكس بوضوح من يقف خلفها ومن يمولها"، في تلميح منه إلى الإمارات.
ويعيش الشارع الجنوبي حالة من الانقسام والتباعد نظرا لتذبذب القيادات الجنوبية وتباعد رؤاها بين الانفصال والفيدرالية مع الشمال، وهو ما يعيق أي حلول لما يسمى بـ"القضية الجنوبية"، وفقا لمراقبين.