كشف تقرير نشره مركز الدين والجيوسياسة، وهو جزء من مؤسسة "فيث" لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، أن نسبة قيادات الحركات الجهادية التي درست الشريعة والعلوم الإسلامية هي أقل، مقارنة بنسبة القيادات التي درست العلوم البحتة والتطبيقية في
الجامعات.
ووجدت
الدراسة المسحية أن الجهاديين البريطانيين الذي انضموا للحركات الجهادية، مثل
تنظيم الدولة وجبهة النصرة السورية، لا يعرفون إلا القليل عن الدين الإسلامي.
وحلل التقرير حياة وعمل مئة من القياديين الجهاديين البارزين خلال العقود الثلاثة الماضية، ووجد أن هذه القيادات، التي تدعي بأنها تعبر عن فهم صحيح للإسلام، لم تتلق أي تدريب ومعرفة به.
ويشير التقرير إلى أن زعيم تنظيم
القاعدة أسامة بن لادن، لم يدرس الشريعة أثناء دراسته الجامعية، بل ذهب إلى دراسة موضوع علماني، حيث درس الاقتصاد وإدارة الأعمال في جامعة سعودية، وكانت معرفته الشرعية قليلة.
وتقول صحيفة "ديلي تلغراف" في تحقيق أعدته لدراسة نتائج التقرير، إن التقرير مهم؛ لأنه وجد أن العلاقات الشخصية وشبكات الأفراد أكثر أهمية في تجنيد الأشخاص وترفيعهم، من المنظمات الجهادية.
وتبين الصحيفة أن التقرير، الذي أعده المركز، دعمه تحليل منفصل على ملفات عدد من الجهاديين، التي سربها منشق من تنظيم الدولة في العراق وسوريا إلى جماعة سورية معارضة، وفيها معلومات عن دخول الجهاديين وخروجهم من المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم، مشيرة إلى أنه بناء على التحليل فقد كانت معرفة الكثيرين منهم بالإسلام قليلة عندما وصلوا إلى حدود ما تطلق على نفسها "الدولة الإسلامية".
ويذكر التحقيق، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه في الملفات التي اطلعت عليها الصحيفة كلها، كتب القادمون الجدد كلهم على استمارات الدخول أن معرفتهم بالإسلام "بسيطة" أو معدومة، حيث وجد تحليل لألفي ملف لجهادي أجنبي، أن الجهاديين البريطانيين هم الأكثر "جهلا" بالدين الإسلامي، وفي المقابل، قال
جهاديون قادمون من السعودية وتونس ومصر إن معرفتهم بالدين "متقدمة".
ويلفت تقرير مركز "الدين والجيوسياسة" إلى أن محاولة هزيمة تنظيم بعينه ليست ناجحة، فإن هذه التنظيمات، مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، تتمتع بمرونة في البنية والهيكل، وعادة ما ينشق عنها قادة بارزون، وينضمون إلى تنظيم آخر، أو يعلنون عن واحد جديد.
وتورد الصحيفة أن تقرير المركز يزعم أن نصف الجهاديين بدأوا حياتهم الجهادية في منظمات تنبذ العنف، مثل جماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أن هذه النتيجة تعد ضربة لمن يرون في الجماعة وغيرها من الحركات السياسية بديلا عن الإسلام الراديكالي.
ويكشف التقرير عن زيف الفكرة التي تقول إن القيادات البارزة للتنظيمات الجهادية عادة ما تتكون من قيادات نشأت في مجتمعات محرومة أو غير متعلمة، حيث إن ربع القيادات، التي تمت دراسة تاريخها، عملت قبل انضمامها للجماعات المتطرفة في مؤسسات الحكومة، أو لها أقارب يعملون في الحكومة.
وتوضح الصحيفة أن نصف هذه القيادات حصل على شهادات جامعية، حيث درست نسبة 57% في الكليات العلمية، مقارنة بـ28% في الكليات الشرعية.
وبحسب التحقيق، فإن معدي التقرير يرون أن الجمعيات الإسلامية تقوم باستضافة متحدثين ليسوا علماء في الدين معترف بهم، مشيرا إلى أن تقرير المركز أوصى الجامعات بتحمل مسؤولية تجاه إدارة الجمعيات الطلابية، وضرورة التأكد من عدم مرور الأفكار المتشددة دون مواجهة أو دحض، خاصة في مناسبات تتم فيها دعوة متحدثين مثيرين للجدل.
وتنقل الصحيفة عن التقرير قوله إن "الكثير من الأساتذة في الجامعة لديهم القدرة على معالجة الموضوعات والحديث عنها أكثر من الذين تتم دعوتهم من الخارج".
ويفيد التحقيق بأن كلية لندن الجامعية تعرضت لانتقادات؛ لأن عمر فاروق عبد المطلب، الذي حاول تفجير طائرة، كانت تحاول الهبوط في مطار ديترويت في نهاية عام 2009، كان طالبا ناشطا ومسؤولا عن الجمعية الإسلامية فيها حيث قام أثناء رئاسته للجمعية بدعوة متحدثين راديكاليين، وتخرج من الجامعة بشهادة جامعية في الهندسة الميكانيكية.
وتذهب الصحيفة إلى أن محمد إموازي، الذي كان الأكثر شهرة بين الجهاديين، والذي تحول إلى جلاد في تنظيم الدولة، وعرف باسم "الجهادي جون "، تخرج من جامعة ويستمنستر بعد دراسته علم الحاسوب.
ويورد التحقيق نقلا عن تقرير المركز قوله إن معظم الجهاديين وقادتهم قضوا وقتا في السجون قبل تحولهم للتطرف، ما يفرض على الحكومات فصل الجهاديين عن بقية السجناء، وإجبارهم على دراسة موضوعات تواجه الرأي الراديكالي.
وتختم "ديلي تلغراف" تحقيقها بالإشارة إلى قول التقرير إنه "يجب أن يتضمن البرنامج الدراسي دراسة نصوص للسلفية الجهادية، ومراجعات قدمها رموز شجبوا العنف، ودراسة كتب علماء الإسلام عبر العصور؛ من أجل تطوير فهم مقنع بدور الإسلام في المجتمع الحديث".