ناقشت صحيفة "
الإندبندنت" البريطانية، الاثنين، "أوراق هجمات الحادي عشر من سبتمبر السرية"، والتي تتضمن 28 صفحة لم يعلن عنها، وسط مطالبات متزايدة بكشف تفاصيلها.
وقالت الصحيفة، في تقرير لها، إن هناك 28 صفحة سرية مخبأة في غرفة في مبنى "الكابيتول" في البيت الأبيض، قد تسبب أزمة بين أمريكا والسعودية، وتترك تبعات شديدة وواسعة الانتشار.
ويدرس الكونغرس الأمريكي تشريعا يسمح لعائلات ضحايا الهجمات بمقاضاة
السعودية، التي تعتبر غربيا أهم حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط، وسط اتهامات حول صلة السعودية بتنظيم القاعدة الذي نفذ الهجمات في نيويورك وواشنطن.
وألقت هذه القضية بظلالها على زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأخيرة للرياض، وسط تهديدات سعودية ببيع أصول تصل قيمتها إلى 750 مليار دولار، إذا مررت الوثيقة.
ملف سري
وقالت الصحيفة البريطانية إن الأوراق السرية مخبأة في ملف سري معنون بـ"نتائج ومناقشة الرواية المرتبطة بالشؤون الحساسة المروية المحددة"، والتي لم تنشر مطلقا منذ أن نشرت لجنة تحقيق الكونغرس نتائج البحث حول الهجمات التي أدت إلى مقتل 3000 شخص وإصابة أكثر من 6000 آخرين.
وادعى الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، أن نشر هذا الجزء من التقرير قد يهدد أمن أمريكا القومي عبر "كشف مصادر وطرق تجعل من الصعب علينا الانتصار في الحرب على الإرهاب".
مطالب متزايدة
يأتي ذلك في وقت يشهد مطالب متزايدة بكشف محتويات الوثائق، وسط ادعاءات بأن السعوديين يحاولون إبقاء هذه الوثائق سرية، كان آخر هذه المطالب من رودي جيولياني، عمدة نيويورك في وقت الهجمات.
وادعى جيولياني أن أميرا سعوديا أعطاه شيكا بقيمة عشرة ملايين دولار مقابل إبعاد الاتهامات السعودية، إلا أنه "أعاد إليه الشيك بعد تمزيقه قائلا: تستطيع أخذ مالك وحرقه في الجحيم، فالشعب الأمريكي يحتاج أن يعرف تحديدا دور الحكومة السعودية في الهجمات".
ونقلت الصحيفة، الأحد، أنباء عن مسؤولين في البيت الأبيض أن محتويات الـ28 صفحة ستنشر للعلن.
وكرر السيناتور الديمقراطي السابق بوب غراهام، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، اعتقاده بأن السعودية مشاركة في الهجمات على مستويات عليا، قائلا إن "أهم الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها في 11/9 هو: هل قام منفذو الهجمات بذلك بأنفسهم أم إنهم كانوا مدعومين؟ من هي الشخصية الأكثر اشتباها بها بدعمهم؟"، مشيرا إلى أن هذه الاتهامات تشير إلى السعودية.
ويقف وراء المطالبة بكشف الوثائق نائبان أمريكيان اطلعا على الوثائق، وهما ستيفن لينتش الذي قال إن الوثائق تقدم دليلا ضد أفراد سعوديين محددين، ووالتر جونز الذي اعتبر أن الوثائق تفسر رفض الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن لنشر الوثائق، بسبب علاقته مع السعوديين.
وثائق سابقة
وأشارت الصحيفة إلى أن اتهامات جيولياني بتلقي رشوة من الأمير السعودي جاءت بعد يوم من إعلان إيجاد أحد مفجري تنظيم القاعدة، غسان الشربي، شهادة الطيران في السفارة السعودية بواشنطن في ظرف مخبأ، حيث إنه كان يأخذ دروسا لتنفيذ الهجمات.
ووجدت الشهادة مع وثائق أخرى في السفارة أثناء تحقيقات، بعدما قبض على الشربي عام 2002 في باكستان، واعتقل منذ حينها في غوانتنامو.
الوثيقة 17
وجاءت هذه التفاصيل في مذكرة رسمية تسمى "الوثيقة 17"، كتبت في 2003، ونشرت بهدوء العام الماضي، دون أن تنشر للعلن، حتى نشرها ناشط يسمى بريان مكغلينشي، في مدونته الأسبوع الماضي.
وكانت هناك صلات، بحسب ما أظهرت الوثيقة، بين أفراد في السفارة السعودية في أمريكا، وسعوديين آخرين، هما نواف الحمزي وخالد المحضار، اللذين وصلا إلى أمريكا عام 2000، كجزء من الموجة الأولى من منفذي هجمات
11 سبتمبر.
وجلس الرجلان في شقة في سان دييغو، بمساعدة رجل يسمى عمر البيومي، الذي ساعدهم بالأوراق الأمنية والمعلومات حول دورات الطيران، كما أنه كانت هناك معلومات حول تعريفهم على إمام يسمى أنور العولقي، الذي أصبح لاحقا "بن لادن الإنترنت" وقتل بغارة أمريكية في اليمن.
وتلقى البيومي تمويلا من الحكومة السعودية لبقائه في الولايات المتحدة، عبر شركة خدمات طيران سعودية تسمى "دلة"، وصنف لدى الـ"إف بي آي" الأمريكي على أنه جاسوس سعودي، وهو ما تنكره السعودية، وكان زائرا معتادا للسفارة في واشنطن والقنصلية في لوس أنجلوس.
واعترف البيومي للمحققين الأمريكيين بأنه كان يعقد جلسات طويلة مع فهد الثميري، المسؤول في وزراة الشؤون الدينية، الذي وصفه بأنه المرشد الروحي للقنصل السعودي في لوس أنجلوس، في نفس اليوم الذي التقى به الحامزي والمحضار، قبل أن يجرد الثميري من الحصانة الدبلوماسية ويسفر من أمريكا للاشتباه بصلته بهجمات إرهابية.
وأشارت الصحيفة إلى سعودي آخر، هو أسامة بسنان، الذي كان يعيش في سان دييغو، وقضى وقتا مع المنفذين الحامزي والمحضار، وتلقى ما يقارب الـ75 ألف دولار من الأميرة هيفاء بنت سلطان، زوجة الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي للولايات المتحدة، وكانت الأموال لعلاج زوجة بسنان، في حين ذهب شيء من هذه الأموال للبيومي، قبل أن يعتقل بسنان لتزويره تأشيرة دخول في آب/ أغسطس 2002 وتسفيره لشهرين للسعودية.
وتشير الحقيبة السرية التي تتهم السعودية، إلى أن شيئا من أموال الأميرة هيفاء استخدم لإبقاء اثنين من منفذي الهجمات في سان دييغو، إلا أن الـ"إف بي آي" أكد أنه لا يوجد دليل على هذا، وأن لجنة هجمات الحادي عشر من سبتمبر لم تجد صلة بين الهجمات والعائلة الملكية.
وانتقل البيومي إلى بريطانيا في تموز/ يوليو 2001، وبدأ بدراسة الدكتوراه في إدارة الأعمال في جامعة آستون في بيرمنغهام، واعتقل بعد الهجمات بعشرة أيام في بريطانيا بطلب من الـ"إف بي آي"، إلا أن السلطات الأمريكية أكدت مرارا أنها لم تجد صلة بين البيومي والإرهاب، وأطلق سراحه، وأتم دراسته، وعاد إلى السعودية.
الأمير بندر
وفي عام 2012، تصدر الأمير بندر بن سلطان شاشات الأخبار حول قضايا الإرهاب، وكان حينها رئيس جهاز المخابرات، وقد تم تكليفه من الملك السعودي بتنظيم الثوار السوريين.
ونقلت "الإندبندنت" أن الأمير بندر، الذي كان في اجتماع في موسكو، هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن المقاتلين الشيشان سيعودون لتنفيذ هجمات أثناء أولمبيات سوشي المقبلة، ما لم توقف روسيا دعمها للأسد.
وكانت ردة فعل بوتين الغاضبة تهديدا بالثأر، وسربت تفاصيل اللقاء من الكرملين، وتم تجريد الأمير من صلاحياته تجاه سوريا بعد ذلك بمدة قليلة.
وأصبح البنك الذي استخدمته زوجة الأمير بندر غارقا في الجدل، وتلقى غرامة بتهم غسيل الأموال، واكتشف الـ"إف بي آي" أن سعوديين بارزين كانوا يملكون حسابات هناك، بالإضافة لاستخدام الأمير بندر هناك كمستخدم دائم.