تكررت حوادث استهداف رجال الجيش والشرطة في
مصر كثيرا خلال السنوات الأخيرة، لكن الهجوم الذي وقع، الأحد، واستهدف قوة من الشرطة بمنطقة حلوان جنوب القاهرة كان مختلفا.
فالهجوم الذي أسفر عن مصرع ثمانية من رجال الأمن وقع ضحيته دورية شرطة متحركة كانت تستقل سيارة أجرة (ميكروباص) ويرتدي عناصرها ملابس مدنية، وعلى الرغم من ذلك تمكن المسلحون بسهولة من استهدافها وتصفية كل من فيها بعدما أعدوا لها كمينا محكما!
وأثار هذا الحادث جدلا كبيرا في مصر جدد الشكوك حول وجود خونة داخل وزارة الداخلية يمدون المجرمين أو الإرهابيين بتفاصيل تحرك القوات ليسهل استهدافهم.
الداخلية لا تتعلم
ويقول مراقبون إنه في ظل الفساد الكبير المستشري بين
رجال الشرطة في مصر فإنه من السهولة بمكان الاتفاق مع بعض رجال الشرطة للتعاون مع أي جهة كانت وإمدادها بالمعلومات مقابل الأموال.
بينما يحاول إعلاميون مؤيدون للانقلاب التأكيد على أن الخونة داخل وزارة الداخلية هم رجال شرطة منتمين لجماعة الإخوان المسلمين.
وقال الخبير الأمني اللواء محسن حفظي، في مداخلة هاتفية مع قناة المحور، المهاجمين كانوا على علم بخط سير دورية الشرطة ورصدوها منذ لحظة خروجها من قسم شرطة حلوان، وانتظروها على طريق الكورنيش، مشيرا إلى أن الإرهابيين تجولوا في مسرح العملية وأطلقوا النار على السيارة بحرية تامة ولم يغادروا المكان إلا بعد تأكدهم من مقتل كل رجال الشرطة.
وهاجم حفظي وزارة الداخلية قائلا إنها لا تتعلم أبدا من أخطائها، حيث ما زالت حتى الآن تعمل بنفس الطريقة التي تتبعها منذ عشرات السنين ويسهل اختراقها وتتبعها، مطالبا الوزارة بتطهير نفسها من الخونة والتوقف عن الأداء النمطي في محاربة الإرهاب.
واستدعت نيابة جنوب القاهرة يوم الإثنين عددا من قيادات وزارة الداخلية والمشرفين على القوة الأمنية التي تعرضت للهجوم في منطقة حلوان للاستماع إلى أقوالهم، ومحاولة تفسير كيفية معرفة الجناة لخط سير سيارة الشرطة.
وكشفت معاينة النيابة لمكان الحادث وجود كاميرا مثبتة على أحد الأسوار القريبة من الهجوم لتصوير العملية، ما يؤكد معرفة المهاجمين المسبقة بمرور سيارة الشرطة في هذا المكان.
خائن في قسم حلوان
وأكد الصحفي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، أن الحادث يؤكد وجود اختراق من الإرهابيين لقسم حلوان، وأن هناك من يبلغ المجرمين بتحركات الداخلية، مطالبا بالتحقيق فورا مع كل العاملين بالقسم لمعرفة الخائن ومعاقبته.
وقال الإعلامي عمرو أديب، إن الهجوم الذي استهدف رجال الشرطة بمنطقة حلوان جنوب القاهرة، والذي أسفر عن مصرع ثمانية منهم، وراءه شخص خائن داخل قسم شرطة حلوان يعلم تحركات الضباط وهو من رصد رجال الشرطة وأبلغ الإرهابيين بخط سيرهم.
وأضاف "أديب"، خلال برنامجه "القاهرة اليوم"، الإثنين، أن الرئيس محمد مرسي نجح في تعيين الآلاف من رجال الشرطة داخل وزارة الداخلية في عهده، مشيرا إلى أن من رصد رجال الشرطة المقتولين في الهجوم الأخير هو أحد خلايا الإخوان النائمة في قسم حلوان.
وتابع: "منفذو العملية مدربين جيدا وليسوا هواة من جماعة الإخوان المسلمين ولا من الجماعات الإسلامية الصغيرة، حيث تمكنوا من إطلاق 120 طلقة بثبات شديد خلال دقيقتين فقط، مرجحا أن يكونوا من عناصر
تنظيم الدولة قادمين من شمال سيناء".
وقال الإعلامي جابر القرموطي، إن الحادث يؤكد أن هناك خونة داخل وزارة الداخلية، ينهشون في جسدها، محذرا من أن هؤلاء الخونة أخطر على الوطن من أي إرهابيين آخرين.
عشرات الضباط الخونة
وفي سياق ذي صلة، قالت تقارير صحفية إن وزارة الداخلية والنيابة العامة توصلت، بعد إجراءات تحقيقات موسعة داخل الوزارة، إلى أسماء نحو 27 ضابط شرطة، بينهم قيادات برتبة لواء، تورطوا في التعاون مع عصابة إجرامية متخصصة في تجارة المخدرات بمحافظة القليوبية.
وأشارت صحيفة "الوطن" إلى أن هؤلاء الضباط الخونة أمدوا عصابة "الدكش" بمعلومات سرية وتفاصيل تحرك قوات الشرطة لمداهمة أوكارها، ما تسبب في مقتل العديد من رجال الشرطة في تلك المداهمات من بينهم رئيس مباحث شبرا.
وأوضحت تحقيقات النيابة مع المتهم محمد حافظ، زعيم العصابة، أن عشرات الضباط كانوا يتلقون رواتب شهرية من العصابة نظير إمدادهم بالمعلومات، من بينهم قيادات حالية وسابقة في الداخلية خاصة مديرية أمن القليوبية وقطاع الأمن العام.
وتستعد الداخلية هذه الأيام لإجراء أكبر حركة تنقلات للضباط والقيادات في تاريخ الوزارة، تشمل إحالة 300 لواء وعميد للتقاعد ونقل 3 آلاف ضابط إلى مواقع أخرى، ومن المتوقع أن تكون التحقيقات السرية وفحص ملفات الضباط المعيار الأول في الإبقاء أو الاستغناء عن أي ضابط شرطة.