تشهد الحركة الصناعية في غالبية المصانع المملوكة لسوريين بمدن الجنوب التركي، ركوداً ملحوظاً، يعزوه مستثمرون إلى قطع الطرق التجارية بين مناطق سيطرة المعارضة، وبين المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، بعد اشتداد وتيرة المعارك بين الطرفين بريف حلب الشمالي في الآونة الأخيرة.
وأوضح نائب المدير التنفيذي في المنتدى الاقتصادي السوري، رامي شراق، أن الأوضاع الداخلية، وقطع طرق المواصلات؛ على رأس مسببات حالة الركود في مدن الجنوب التركي، لافتا إلى ارتباطها الوثيق بحالة الركود المماثل التي تعاني منها الأسواق التركية أيضاً.
وقال شراق لـ"
عربي21" إن حوالي 90 في المئة من
الاستثمارات السورية في
تركيا؛ تعتمد على السوق الداخلية السورية لتصريف البضائع، مشيرا إلى "فشل كثير من المستثمرين السوريين في الوصول إلى السوق التركية، ومخاطبة المستهلك التركي".
وأضاف أن "البديل الوحيد اليوم المتاح أمام المستثمرين السوريين للخروج من حالة الركود هذه، هو التفكير جدياً بالدخول في السوق التركية"، مشيرا إلى أن ذلك "يحتاج إلى جهد وتوظيف موارد إضافية، لكن لا بديل عن هذا على الأقل في الوقت الراهن".
في موازاة ذلك؛ تسيطر حالة من الترقب الشديد بين جموع غالبية المستثمرين السوريين في المدن التركية القريبة من الحدود السورية، والتي تشهد حالة من عدم الاستقرار، ولا سيما في مدينتي كيليس وعينتاب.
وفي هذا السياق؛ عبر المستثمر السوري محمد حج حسن عن مخاوفه الشديدة من الواقع الأمني "المتردي" الذي يسيطر على مدينة كيليس الحدودية، واصفاً قرار استثماره في المدينة القريبة من الحدود السورية بأنه "غير مدروس".
وقال حج حسن الذي يدير شركة وسيطة لتصدير المنتجات الغذائية: "يشكل تصدير البضائع للداخل السوري أساس عملنا، لكن الطرق إلى الداخل اليوم باتت شبه مقطوعة، والتحديات الأمنية التي نواجهها تجاوزت الحد الطبيعي".
ويعتمد عمل
الشركات الوسيطة السورية (الوكلاء)، الناشطة في مدن الجنوب التركي، على إدخال البضائع التركية المنشأ إلى الداخل السوري، بالتعاون مع شركات نقل خاصة.
وتشير التقديرات الاقتصادية إلى تفضيل أصحاب رؤوس الأموال السوريين الاستثمار في مدن العمق التركي، طلبا لملاذ آمن لاستثماراتهم.
وأوضح حج حسن لـ"
عربي21" أن الاستثمار في المدن التركية القريبة من الحدود السورية "ليس ناجعا كجدوى اقتصادية"، مؤكدا أن "الاستثمار في العمق التركي يمنح للمستثمر السوري بدائل أفضل، من أهمها التخلص من المنافسة التجارية التي يفرضها حجم السوق الصغير في المدن الصغيرة".
وأعرب عن تذمره من "تضييق القوانين التركية على المستثمرين السوريين"، مشيراً إلى وجود عراقيل متعددة "ناجمة عن رغبة تركيا في تصويب الأوضاع القانونية للاستثمارات السورية المقامة على أراضيها" على حد قوله.
وبحسب إحصائية أوردها موقع "ترك برس" الإلكتروني، في آذار/مارس الماضي؛ فقد أدخل المستثمرون السوريون حوالي 10 مليارات دولار إلى تركيا خلال ستة أعوام، ووصل عدد الشركات السورية المرخصة في تركيا إلى حوالي أربعة آلاف شركة، برأس مال يقدر بـ220 مليون دولار، موزعة على مدن غازي عنتاب، وهاتاي، ومرسين، وإسطنبول، غالبيتها من فئة المشاريع الصغيرة المختصة بإنتاج الملابس والأحذية والمطاعم.