عكس التأييد الأمريكي الواضح والصريح للنظام العسكري في
مصر، سياسيا وعسكريا، حرصه على استمرار نظام عبدالفتاح السيسي، الذي يواجه غضبا شعبيا متزايدا، وتصدعات في قواعده وتصاعد دعوات المجتمع المدني لوقف انتهاكات حقوق الإنسان، وفق عدد من المراقبين والمحللين.
في هذا الصدد، قال الكاتب الصحفي، والنائب السابق لمدير وكالة الأنباء الرسمية المصرية، أحمد حسن الشرقاوي، "لا أوباما ولا العقلانيين من الديمقراطيين في إدارته الذين أيدوا ثوار يناير في 2011 يستطيعون أن يواجهوا صقور الكونجرس من الموالين للوبي الصهيوني الذي يمول حملاتهم الانتخابية، ويقدس الحفاظ على أمن
إسرائيل".
مفاتيح اللعبة في تل أبيب
وتساءل الشرقاوي في تصريح لـ"
عربي21": "هل كان من قبيل المصادفة إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه هدد المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي عام 2011 بإرسال قوات إلى مصر لفك حصار الثوار عن السفارة الإسرائيلية بالقاهرة؟".
وأضاف "في تقديري إنها رسالة من نتنياهو لمن يطالبون بتغيير السيسي نظرا لسياساته في مجال حقوق الإنسان، أن هذا النظام بكل تجاوزاته وانتهاكاته يحافظ على أمن إسرائيل"، مشيرا إلى أن "مفاتيح اللعبة في مصر ليست في واشنطن بل في تل أبيب، فمسألة بقاء السيسي تهم تل أبيب أكثر من واشنطن".
شروط الدعم الأمريكي
ورأى رئيس تحرير صحيفة المصريون، جمال سلطان، أن الولايات المتحدة الأمريكية لها شروط أساسية على أي نظام مصري "وهي الحفاظ على أمن إسرائيل، والسيطرة على الأوضاع في سيناء، وإذا تحقق هذا الشرط ضمن النظام
الدعم الأمريكي".
وقال سلطان في تصريح لـ"
عربي21": "منذ اللحظات الأولى للنظام لا يوجد خلاف على تلك المعايير"، وعزا كثرة زيارة المسؤولين الأمريكيين للقاهرة إلى تسارع الأحداث في مصر، "وكثرة العنف في سيناء".
وبشأن إسقاط ملف ثوار يناير
المعتقلين في سجون السيسي من حسابات الإدارة الأمريكية بعد أن أشادت بهم في يوم من الأيام، أضاف: "ربما قرأوا في بداية موجة الربيع العربي أنها موجة مبهرة ولا يمكن وقفها، وكان من الحصافة دعمها وعدم التصادم معها، وأظهروا وجه القبول له، فلما انكسرت الموجة عادوا يبحثون عن القيادات والمؤسسات التي كانوا يطمئنون في التعامل معها".
وأكد سلطان "ربما ملف حقوق الإنسان أقلق الجانب الأمريكي شيئا ما، ولكن ليس من جانب إنساني، وإنما خشية على استقرار الأوضاع في مصر، فالغرب لا تعنيه الديمقراطية بقدر ما يعنيه الاستقرار؛ لأن معناه حماية المصالح الأمريكية بالمنطقة، وحماية أمن إسرائيل، وهذه مسألة حيوية بالنسبة للغرب".
قواعد اللعبة الأمريكية
المتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد، عزا "حالة التذبذب في العلاقات المصرية – الأمريكية عقب الاتقلاب العسكري في 2013، إلى "رغبة الإدارة الأمريكية في الإبقاء على خط الرجعة، في حال لم تستقم الأمور للانقلاب، وترك مساحة للمناورة في حال فشل، أو انتكس في مخططه".
وقال أبو زيد في تصريح لـ"
عربي21": إن "حملة السيسي الأمنية ضد شباب الثورة، لم تغير من قواعد اللعبة الأمريكية"، مضيفا "دعك من تصريحاتهم إبان ثورة يناير من قبيل (ندعو الشباب الأمريكي للإقتداء بالشباب المصري، وأن ثورة يناير أبهرت العالم)، فكلها تصريحات خادعة، والحقيقة أن سفيرتهم الجديدة بالقاهرة آن باترسون، الملقبة بسفيرة جهنم، كانت تخطط لإجهاض الثورة، وتمكين الدولة العميقة مجددا".
واعتبر أبو زيد أن "السيسي هو الخيار الاستراتيجي للأمريكان، والإسرائيليين، وما ظهر من أنه يبدو خلافا أمريكيا – مصريا لم يكن خلافا على النظام العسكري، واعتراضهم عليه بقدر ما كان على أنماط وطرق العمل مع هذا النظام، وكيفية تسييسه، ليس إلا".
انهزام المعارضة
من جهته، حمل الناشط السياسي اليساري، خالد عبدالحميد، المعارضة مسؤولية تفكك معسكرها، مقابل تماسك معسكر نظام السيسي، الذي يحظى بدعم غربي وأمريكي واضح.
وقال عبد الحميد لـ"
عربي21": "إن آلة سلطة الثورة المضادة الانقلابية في انتصار، بالرغم من عدم استقراره، والمعارضة في هزيمة، وغير قادرة على توحيد صفوفها، وجذب الشارع إليها، وقيادته لتحقيق أهدافه".
وأبرزت زيارات الوفود الأمريكية للقاهرة في الفترة الأخيرة تصريحات المشرعين الأمريكيين، والبيت الأبيض الداعمه بقوة لحكم السيسي، والتأكيد على استعدادهم للتعاون مع من "سجن الثوار" الذين دعمتهم إبان ثورة يناير عام 2011.
وأكد على ضرورة وجود قواعد ومبادئ "توافقية بين المعارضة؛ من أجل تقليص المساحات بين التيارات المختلفة المرجعية".