كتبت نائبة رئيس تحرير صحيفة "فايننشال تايمز" رولا خلف، تقريرا حول تقارب المصالح بين عدد من الدول العربية وإسرائيل، وكيف يمكن للأخيرة استغلال ذلك التقارب، وتحويله إلى أخبار سعيدة.
وتقول الكاتبة إنها لم تعتد على سماع "أخبار سعيدة" متعلقة بالشرق الأوسط، وتضيف: "لا أستطيع التفكير في أي شيء يمكن أن يكون سعيدا في هذا الوقت، الذي تنتشر فيه الحروب المتعددة والديمقراطيات الفاشلة والدول التي يغمرها اللاجئون".
وتتابع خلف قائلة: "لهذا دهشت عندما سمعت مسؤولا إسرائيليا يتحدث عن (الوضع) في المنطقة، ويصفه بأنه يحمل (أخبارا جيدة)، وعندما تفكر بالأمر، مع أن
إسرائيل في وضع يحيط بها عدم استقرار، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة شيئا سيئا، خاصة إن كانت الحكومة تفكر بشكل رئيسي في الحصول على منافع قصيرة الأمد".
وتواصل الكاتبة قائلة إن العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين لم تعد قصة كبيرة في الشرق الأوسط؛ لأن القوى الغربية تشعر اليوم بالقلق مما يجري في
سوريا وليبيا واليمن، وهي ليست معنية بالضرورة بنزاع طويل لا حل له، بالإضافة إلى أن القوتين الإقليميتين، وهما السعودية وإيران، منشغلتان بأمور ملحة، فهما تحاولان تحقيق النقاط ضد بعضهما؛ من أجل الهيمنة في المنطقة".
ويشير التقرير إلى أنه "تم وضع احتلال فلسطين في المرتبة الخامسة على قائمة الأولويات الإقليمية والدولية، رغم أن الفرنسيين يريدون إحياء العملية السلمية، ويحضرون لعقد مؤتمر دولي في باريس هذا الأسبوع، حيث إن إسرائيل ليست مرتاحة من هذا اللقاء، وعليه فإنها لا تتوقع أي إنجاز".
وتذكر الصحيفة أن إسرائيل بدلا من تعرضها لضغوط من أجل التوصل إلى
سلام، فإنها تنعم بتقارب مصالحها مع الدول العربية، حيث إنها على علاقة سلام مع دولتين جارتين، وهما الأردن ومصر، رغم أن السلام ظل باردا، ولم تكن العلاقة وثيقة معهما.
وتستدرك خلف بأن
مصر في ظل عبد الفتاح السيسي، الذي أطاح بالإخوان المسلمين من السلطة، تتشارك مع إسرائيل في عدائها لحركة
حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية تتعامل مع حركة حماس من خلال منظور الحرب الداخلية التي تخوضها ضد حركة الإخوان المسلمين، حيث تريد الضغط على الحركة الإسلامية بشكل قوي، كما تريد إسرائيل.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه "في الوقت ذاته، فإن المسؤولين الإسرائيليين يتحدثون بشكل مفتوح عن العلاقات التي عقدوها مع دول الخليج، رغم أنهم يتظاهرون بالخجل عندما يتعلق الأمر بالتفاصيل، ولا يوجد أحد في الخليج يعترف بعلاقات دافئة مع إسرائيل، ويشترك الجميع مع ذلك بالخوف من
إيران، التي تمثل عليهم خطرا وجوديا، ولديهم الموقف المتشكك ذاته من الاتفاق النووي، الذي وقعته طهران مع الدول الكبرى العام الماضي، ولم تقم السعودية بالتعبئة وبشكل حماسي ضد الاتفاق، كما فعلت إسرائيل، وهذا لا يعني أنها ترى منفعة فيه".
وتجد الصحيفة أنه "حتى لو كانت إسرائيل تبالغ في علاقاتها مع دول الخليج، إلا أنها انتفعت، ودون شك، من التوتر الحالي بين السعودية والجمهورية الإسلامية والطائفية التي نجمت عنه".
وتنوه الكاتبة إلى موقف حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، حيث إن الحزب كان يتمتع بشعبية واحترام في معظم دول العالم العربي قبل أعوام؛ نظرا لوقفته البطولية ضد إسرائيل، لافتة إلى أنه في آذار/ مارس هذا العام، أصدرت دول مجلس التعاون الخليجي قرارا بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية.
ويفيد التقرير بأنه قبل ذلك، حصل التدخل الروسي في سوريا، وهو ما قدم نوعا من الراحة لإسرائيل، حيث اعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن تقوية الروس لموقع بشار الأسد ستضعف بشكل محتمل تأثير إيران عليه.
وترى الصحيفة أن موقف إسرائيل ربما كان قصير المدى؛ لأن وجود شرق أوسط يعيش في الأمن يمنح مستقبلا آمنا لشعبها، منوهة إلى أنه في الوقت الذي جمع فيه التهديد الإيراني بين المواقف العربية وإسرائيل، فإن هذا لا يلغي القضايا الجوهرية التي تفرق بينها.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن "إسرائيل اليوم تحكمها أكثر حكومة متطرفة، واحدة لا تهتم كثيرا بالتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين، وبالتأكيد فإنه من المفيد لو استخدمت إسرائيل انخفاض مستوى التوتر مع الدول العربية، وتوصلت لصفقة حول دولة فلسطينية، وتحويل فائدة قصيرة إلى سلام دائم، وهذه هي الأخبار السعيدة التي تحتفل بها إسرائيل".