إنجازات السيسي.. بين الكردوسي وشاب في المترو (فيديو)
القاهرة- عربي21- حسن شراقي04-Jun-1602:47 PM
0
شارك
السيسي حائر
في الوقت الذي تحدث فيه رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، عن إنجازاته في عامي حكمه لمصر، وبدأ إعلامه حملة واسعة للترويج لها، ودعا محمود الكردوسي إلى استمراره ثماني سنوات في الحكم؛ تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لشاب مصري يوجه انتقادات لاذعة إلى تلك الإنجازات، وذلك وسط مؤيدي السيسي ومعارضيه، على السواء، بمترو الأنفاق.
ووصف النشطاء والمعلقون الشاب -الذي بدا أنه طالب جامعي- بالجرأة، حيث انتقد السيسي علانية في المترو، ومن حوله الناس، إما جالسون أو واقفون، أو ينزلون أو يصعدون، دون أن يبدو عليهم أي تبرم مما يقول، بل صدر عن معظهم ما يدل على تعاطفهم معه، بحسب الإعلامي والباحث السياسي عمار علي حسن.
عمار علي حسن: رسالة قصيرة للسيسي
علق "عمار"، على مقطع الفيديو، في مقاله بعنوان "رسائل قصيرة إلى أهل الحكم"، بصحيفة "المصري اليوم"، قائلا: "هناك فيديو على يوتيوب لشاب يهاجم بقوة السلطة الحالية في عربة مترو، والناس ينصتون إليه بإمعان".
وأضاف: "لم يتهمه أحد بأنه خائن، ولا عميل، ولا إخوان؛ لأنه في الحقيقة ليس كذلك، ولم يقم أحد ليضربه أو ينهره ويجبره على الصمت، وبانت أصوات مختلطة تبين تعاطفها معه. وبينما كان يستعد للنزول في إحدى المحطات اقترب منه رجل مسن، ونصحه: خد بالك من نفسك يا بني".
ورأى حسن أن "هذه الصورة تختلف عما يسوقه بعض مذيعي الفضائيات ممن ينتظرون كل مساء الأوامر التي ستهبط على رؤوسهم، ويقولون لها بملء أفواههم، وبكل رؤوسهم التى تصفر فيها الريح: سمعا وطاعة".
وتختلف عن استطلاعات مركز "بصيرة"، وعن مقالات وتصريحات من يجلسون في المكاتب، ويرون الشوارع من خلف زجاج معتم لسياراتهم الفارهة، وعن تصورات أهل الحكم الذين يظنون أن كل شيء لا يزال ملك يمينهم، وفق قوله.
ماذا قال الشاب "الجريء" عن السيسي؟
في بداية حديثه بعربة المترو، ذكَّر الشاب المصريين بأن السيسي قال لهم إنه سيسقسهم مياه المجاري (بعد معالجتها)، متابعا بأن جميع قضايا قتل المتظاهرين أخذ (المدانون فيها) أحكام بالبراءة، بينما الذين قتلوا كلبا حصلوا على حكم بالسجن ثلاث سنوات.
وأشار إلى أن السيسي قال "مصر بتفرح"، لكننا فوجئنا بأن "مصر بتولع".
وأردف بأن السيسي قال من قبل إن مصر أم الدنيا، وستصبح أد (قدّ) الدنيا ليأتي قبل أيام، ويعتبرها فجأة "شبه دولة"، قائلا: "إحنا بنحاول نعملها دولة".
وتساءل الشاب: "أمال كنا بنعمل إيه طيلة سبعة آلاف عام؟".
وانتقد ما اعتبره قيام السيسي بالشحاتة (التسول) باسم المصريين على الرغم من أنه تقاضى مليارات الجنيهات من دول عربية تكفي كي يعيش المصريون وأبناؤهم وأحفادهم حياة طيبة، لكنه (السيسي) قال فيما يتعلق باحتياجات المصريين: "ما فيش.. هتأكلوا مصر يعني؟".
وشدّد الشاب على أن مصر ليست العشرة أو الخمسة عشر شخصا الذين يمثلون السيسي وحاشيته.. مصر هي المائة مليون مصري (يقصد الواحد وتسعين مليونا).
واستطرد أنه على مستوى الداخل خصص السيسي صناديق عدة أبرزها صندوق 30 يونيو، وصندوق 3 يوليو، وصندوق دعم مصر، وصندوق تحيا مصر، وصندوق قناة السويس، وصندوق العشوائيات، وصندوق صبح على مصر، متسائلا: أين ذهبت هذه المليارات كلها؟
ووجه الشاب خطابه لكل مصري، مستشهدا بأبيات من الشعر، كالتالي: "لسه مصدق الشاشة والجرائد.. لسه الخوف مسكتك.. لسه ما تعدتش أحلامك حدود الرقيب.. اتكلموا.. ما تخافوش.. مين هيسمعك الجيش ولا الداخلية ولا القضاء ولا الإعلام ولا النيابة.. أنت كبش الفداء.. اتفقوا ضدك.. الثعالب والكلاب والذئاب.. يا حسرتك.. أنت الغريب في دولتك.. الكل عاوز يسكتك".
وطارحا أفقا للحل والمخرج، شدد الشاب على أن "المفروض تتعمل انتخابات، وإحنا نختار.. مش واحد يفرضوه علينا عافية وبلطجة، مع فتح المطواه.. ده أنت محجوز تحت حكم طرطور"، حسبما قال.
وأضاف: "لما يقول لك (السيسي).. في شهر نوفمبر عام 2015: هأنزل جميع الأسعار.. في حين أن جميع الأسعار ارتفعت، بما فيها الدواء، وحتى منتجات الجيش نفسه"، على حد وصفه.
وهنا قال له أحد الركاب، وهو يهم بالنزول: "خللي بالك من نفسك".
في حين سأله آخر: "ما البديل؟".
فردَّ الشاب: "البديل أن نختار من يحكمنا، وألا نسمح لأحد بأن يحكمنا عافية وبلطجة، البديل أن يقوم كل مواطن بدوره.. الطبيب يعمل طبيبا.. الضابط يعمل ضابطا.. الصنايعي يعمل صنايعيا".
وأردف: "الجيش في العالم كله.. دوره يحمي أمن وحدود البلد ويدافع عن المواطنين، على الحدود، أما الداخلية فدورها تحميك، وتدافع عنك في الداخل.. لكن دلوقتي دورهم بس يخدموا السيسي، ويسبحوا بحمد السيسي، واللي يخرج ضد السيسي.. أكمل أنت".
فعلق راكب: "يعملوا منه إرهابي".
وهنا قال الشاب لأحد المتحاورين معه: "بالبلدي كده.. عاوز أقول بصراحة إن مصر أُخذت وراء مصنع الكراسي، وبيتعمل فيها حاجات وحشة كتير أوي".
وأعاد الراكب في مواجهته السؤال عليه: "ما البديل؟".
فأجاب الشاب مستنكرا: "إيه شغل الأرامل والأيتام ده.. مصر حكمها كم رئيس وملك.. لسه هي مصر، ولسه موجودة.. ييجي شخص تافه (يقصد السيسي) يقول لي امبارح: مصر أم الدنيا، وهتبقى أد الدنيا.. تحيا مصر، وبعدها بكم يوم يقول لي: مصر شبه دولة.. مش دولة إحنا بنحاول نعملها دولة".
واختتم الشاب كلامه بالقول: "ثانية أقول لك: إحنا طيلة سبعة آلاف سنة كنا قاعدين نعمل إيه.. على "الفيس" أم نلعب؟".
الإعلام المصري يبدأ حملة لتلميع السيسي
يأتي ذلك فيما بدأ الإعلام المصري في شن حملة لتلميع صورة قائد الانقلاب، والدعاية لما يعتبره إنجازات حققها، بمناسبة بدء عامه الثالث في الحكم يوم الأربعاء المقبل، الثامن من حزيران/ يونيو الجاري.
وطان قد تبوأ الحكم قبل عامين، وتحديدا في 8 حزيران/ يونيو عام 2014، وطالب حينها المصريين بالصبر عليه عامين فقط، حتى يروا إنجازاته.
وبدأ عدد من القنوات الحكومية والخاصة في بث برامج تسجيلية عن تلك الإنجازات، في حين شرعت الصحف في استعراض إنجازاته في العامين، وفق تعبيرها.
وبدأ عدد من الأذرع الإعلامية للسيسي، من الكتاب والإعلاميين ورؤساء تحرير الصحف الحكومية والخاصة، في شن حملة ممنهجة للإشادة بالسيسي، وإنجازاته.
الكردوسي يدعو لمد فترته لثماني سنوات
وقال محمود الكردوسي في مقاله بجريدة "الوطن"، التي يرأس تحريرها، الجمعة: "مضى عامان من حكم السيسي، أى ربع ولايته الرئاسية، وقدرها ثماني سنوات. وأدعو الله أن يطيل في عمره، وألا يترك الحكم إلا ومصر شامخة.. كالنخل باصص للسما".
وأضاف أن "السيسي قالها من يومه الأول: حاسبوني بعد سنتين". وتابع: "لن أتحدث عن القناة الجديدة، ولا عن شبكة الطرق، ولا عن الإسكان الاجتماعي، ولا عن الفرافرة، ولا عن الكهرباء، ولا عن هيبة مصر إقليميا ودوليا، ولا عن تحريك مياه القضية الفلسطينية الراكدة، ولا عن وقوف مصر وحدها في مواجهة طوفان إرهاب كوني ينذر بيوم قيامة".
ثم امتنَّ الكردوسي على كل مصري أنه يعيش وسط أسرته، وخاطبه بوقاحة قائلا: "سأحدثك أيها المواطن الفذلوك عن قعدتك وسط أسرتك وأصحابك آمنا، مجعوصا، فاتح لاب توبك، نسكافيهك في إيدك، شيشتك في بُقَّك، مزّتك جنبك، فرقتك كسبانة الماتش، بينما تتساقط دول عريقة من حولك، وأهلها لاجئون.. يهرولون من رصيف غربة إلى شاطئ موت.. إنجاز ده، ولّا مش إنجاز يا نشطاء يا ولاد اللحاف الثوري؟"، بحسب تساؤله.
"المصري اليوم": ملامح "جمهورية السيسي شبه الدولة"
في المقابل، شن إعلاميون وصحف، على قلتهم، حملة مضادة، وحذروا من استمرار الأوضاع على ما هي عليه، ومن انفجار قادم.
وخرجت جريدة "المصري اليوم"، في عددها الخميس بعنوان ملف يقول: "في العام الثاني لولاية الرئيس.. "المصري اليوم" ترصد ملامح جمهورية شبه الدولة".
ووصفت الصحيفة جملة "إحنا في شبه دولة" التي قالها السيسي منذ أسابيع عدة في افتتاح بعض المشروعات القومية، بأنها "جاءت معبرة تماما، سواء عما يحدث داخل الكثير من المجالات، أو ما نعيشه في حياتنا اليومية، وبعضها لم يرتق حتى ليكون في شبه دولة، بالرغم من أن الحلول موجودة".
ورصدت الصحيفة ما اعتبرته: "إخفاقات أهم الخدمات المرتبطة بالحياة اليومية، ومستقبل المصريين، في أربعة مجالات هي الحريات العامة والنقل والتعليم والصحة".
وعلى مستوى الحريات العامة، قالت إن ملف الحريات العامة شهد تراجعا كبيراً على مدار عامين، ناقلة عن تقرير "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" تأكيده أن عدد حالات الاختفاء القسري للمواطنين خلال عام 2015 بلغ 1080 مواطنا مختطفا، بمعدل ثلاث حالات يوميا، بينما بلغ عدد المختطفين في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 204 حالات لمواطنين على خلفية انتماءاتهم السياسية المناهضة للسلطة الحاكمة، وهي الأرقام التى وصفها خبير أمني بالكاذبة.
أما عن التعليم فأطلقت عليه الصحيفة تعبير "دور تاني"، أي أنه راسب، مشيرة إلى "الموت الإكلينيكي" للصحة، وأن النقل سار "عكس الاتجاه"، في سخرية من تدني مستوى الخدمات الأساسية في عهد السيسي: التعليم، والصحة، والنقل.
ماذا قال السيسي عن إنجازاته؟
وكان رئيس الانقلاب استعرض حصيلة عامين على حكمه، محذرا ممن سماهم "أهل الشر" من الإساءة لمصر وشعبها، ومن وسائل التواصل الاجتماعي.
واتهم الشباب المسجونين، على خلفيات معارضتهم لنظام حكمه، بـ"غير الوطنيين"، وانتقد نظام حكم الرئيس محمد مرسي، وقال إنه وضع الدولة في "مأزق كبير".
وزعم في حوار مع الإعلامي أسامة كمال، ونقلته فضائيات المصرية، الجمعة، أن أهل الشر يسعون للإساءة إلى مصر شعبا ودولة، ويحاولون عرقلة مسيرتها.
يذكر أن المصريين، بحسب مراقبين، يعيشون حاليا أسوأ أيامهم منذ ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، جراء تدهور أوضاعهم المعيشية، نتيجة تدني الأجور، والارتفاع الفاحش في أسعار جميع السلع بما فيها الأدوية، وانخفاض القدرة الشرائية للجنيه المصري، فضلا عن ارتفاع مستويات الفقر والبطالة إلى معدلات قياسية، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والمؤسسات الدولية.