بينما يصف حقوقيون وصحفيون وسياسيون
الانتهاكات في مجال الحقوق والحريات، خلال فترة حكم عبد الفتاح
السيسي، بأنها الأسوأ في تاريخ
مصر، يعزو البعض سبب توسع القمع ضد القوى المدنية الثورية إلى اعتبار أن ظهورها هو بمثابة مؤشر على عودة الحركة المعارضة في الشارع.
أحكام و"محاكم عبثية"
ورأى رئيس المكتب الحقوقي في المجلس الثوري المصري، أسامة رشدي، أن نظام السيسي بنى آلته القعية من خلال أحكام و"محاكم عبثية لا توجد في أعتى الأنظمة الفاشية في أي مكان في العالم".
وقال لـ"
عربي21": "حالة العبث الفكري، والقمع، والتحريض على العنف، وسياسة البطش، تعكس ديكتاتورية حكم السيسي التي لا تمت لحكم القانون بصلة من قريب أو بعيد"، بحسب تعبيره.
وأكد أن النظام "غير عابئ بأوضاع المصريين وأحوالهم، وهو ما ظهر بوضوح في إغلاق مئات الجمعيات الأهلية التي كانت أبوابا مفتوحة للمحتاجين والمعوزين وغير القادرين، والتي تعد بمثابة أعمدة العمل الاجتماعي في أي دولة تحترم حقوق مواطنيها".
عامان أسودان
أما الكاتب والناشط الحقوقي، تامر وجيه، فوصف أوضاع الحقوق والحريات على مدار السنتين "بالفترة السوداء".
وقال لـ"
عربي21": "ليس هناك الكثير مما يقال في الأمر.. فما نشهده الآن هو حكم الثورة المضادة، المبني على استخدام القوة والقهر لقمع أي مظهر من مظاهر المعارضة والاختلاف"، وفق تقديره.
واعتبر أن جميع المجالات شهدت انتهاكات على نطاق واسع، بدعوى الاستقرار. وأضاف: "لذا ففي كل مجال هناك مآسٍ وكوارث؛ فالقمع يطال المعارضة الإسلامية المعتدلة والجهادية، والمعارضة الليبرالية، والحقوقية، إلخ..".
ورأى أن آلة القمع التي انطلقت بقوة ووحشية عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، توسعت في أهدافها، ولم يعد الإخوان أو مؤيدوهم هم وحدهم المستهدفون.
وقال: "بات القمع يطال المبدعين والفنانين، والصحفيين، والسياسيين، والناس الذين يمشون بالمصادفة في الشارع، فالقمع عمال على بطال"، بحسب تعبيره.
عدم المساءلة
وذهب حقوقيون إلى القول إن الانتهاكات والتجاوزات في فترة حكم السيسي لم تعد تقاس بالأرقام، ولم تعد ذات دلالة، على ضراوتها، بعد أن استساغتها الآذان والعيون.
وقال الباحث في الملف الحقوقي المصري بجنيف، أحمد مفرح، لـ"
عربي21"، إن "الأرقام لم تعد مؤثرة؛ لأنه لا توجد محاسبة أو تحقيق فيما يتم من جرائم أو انتهاكات ترتكبها قوات الجيش والشرطة تحت رعاية السلطة السياسية، الأمر الذي أعطى الأمان والحماية لمنتسبي الأجهزة الأمنية إذا ما ارتكبوا جريمة بحق المواطنين يعاقب عليها القانون".
وأعرب عن أسفه الشديد لمرور أرقام الانتهاكات على المجتمع المحلي والدولي مرور الكرام، معتبرا أنه "لم يعد الحديث عن الأرقام بذي جدوى؛ فإنه بسبب كمية الانتهاكات اليومية التي ترتكب أصبح الحديث عن الأرقام وتحديدها شيئا في غاية الصعوبة".
واستدرك قائلا: "لكن ما يجب أن يعرفه المواطن العادي أنه هدف مشروع لانتهاك كرامته، وعدم اتباع الإجراءات القانونية معه من قبل السلطات الأمينة، بنسبة 98 في المئة عن أي وقت مضى، كما أنه إذا كان مريضا مرضا مزمنا فإنه معرض للموت داخل مراكز الاحتجاز بنسبة 80 في المئة"، كما قال.
إدارة آلة القمع
وفيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير، حمّل الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، السيسي المسؤولية الكاملة عن كافة الانتهاكات بحق الصحفيين منذ انقلاب تموز/ يوليو.
وقال لـ"
عربي21": "السيسي يقطن قصر الرئاسة منذ ثلاث سنوات، كما بدا في حواره الأخير على قناة القاهرة والناس، لذلك يتحمل المسؤولية الكاملة عن كافة الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون خلال السنوات الثلاث الماضية".
وكشف عن "تعرض 150 صحفيا للحبس، ونصب محاكمات مسيسة لهم؛ أفضت إلى أحكام بالإعدام والمؤبد، فضلا عن رصد أكثر من 3000 انتهاك بالمنع من التغطية والاعتداء البدني واللفظي والفصل من العمل لكل من ينقل الحقيقة، ويتجاوز هامش التغطية المنخفضة التي يسمح بها النظام".
وعرج أبوز يد على أزمة النظام مع نقابة الصحفيين، قائلا: "لم يحدث من قبل في تاريخ الصحافة المصرية استباحة بيت
الحريات، واقتحامه وحصاره؛ بهدف كسر إرادة الصحفيين من قبل جهاز الداخلية، من أجل استكمال مشروع السيسي لتكميم أفواه مؤيديه قبل معارضيه"، وفق تعبيره.