خلال الأيام الماضية استمعنا إلى 15 وزيراً عرضوا بإيجاز ملامح الخطط والبرامج التي ينوون تنفيذها وجعلها حقيقة مادية يلمسها المواطن ويتفاعل معها ويستفيد منها، ولا شك أن ظهور الوزراء والمسؤولين وحديثهم عن المبادرات بشكل مباشر عبر وسائل الإعلام، أعطى المشاهد شعوراً بجدية الأمر وأهمية الحدث، وفي المجمل فإن أهداف برنامج التحول الوطني هي أهداف متوسطة المدى؛ وبالتالي فإن إمكانية شعور المواطن بها ورؤيتها قريبة في مقياس الزمن ما يجعل المواطن متحفزاً ومتهيئاً ومتفائلاً.
تتفاوت أهمية البرامج وحيويتها للمواطن، فالإسكان والعمل والتعليم والصحة هي أكثر الملفات التصاقاً وقرباً ومعايشة لدى السعوديين، الذين يتطلعون لما يمكن أن يقوم به الوزراء في هذه الحقائب الأربع المثقلة بهموم المواطنين والتي تعنيهم بشكل مباشر وحساس، وتلك الوزرات تعاني من أمراض مزمنة تستوجب حلولاً بعضها اجتياحي، وملفات شائكة يتطلب فض اشتباكها مهارة في حلحلتها، ولا ريب أن التحديات التي تنتظر الوزراء المعنيين للإيفاء بهذه التطلعات هي بحجم طموحات المواطن الذي سيراقب حصيلة كل عام ما نُفذ وما لم يُنفذ.
وبقدر ما أن برنامج التحول الوطني سيستغرق خمسة أعوام بما فيها عامنا الحالي وهي مدة قلنا إنها وجيزة ليشعر المواطن بالفرق إلا أنها تتطلب عملاً دؤوباً وجهداً مضاعفاً لوضع 500 مبادرة واقعاً على الأرض، ولعل إدراج برنامج التحول الوطني وتصميمه لمؤشرات تقيس أداء الوزارات والمؤسسات وتحديثها باستمرار إشارة بارزة من شأنها توضيح مكمن الخلل الذي قد يطرأ على أي مشروع من مشروعات الوزارة قبل الاستغراق فيه أو نسيانه أو إهماله ما يجعل من تداركه ومعالجته وتأهيله أمراً ممكناً، كما أن هذه المؤشرات ستجعل المسؤول مطلعاً على أدائه وتجعل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية في الوقت نفسه على دراية بما تنفذه الوزارة أو المؤسسة.
من هنا كان لمؤشرات الأداء أهمية خاصة لما فيها من تعزيز لمبدأ الشفافية والرقابة وتحسين الأداء ورفع الكفاءة والتعرف على مكامن الخلل وتقييمها وتقويمها، إضافة إلى تلك المؤشرات سيكون المواطن المعني ببرنامج التحول أهم أدوات القياس وأكثر المؤشرات دقة، فالتزامات الجهات الحكومية باتت مكتوبة والأرقام معلنة وأصبح الأمر مكشوفاً ولا يقبل المواربة.