كتب المحرر السياسي في "المجلة اليهودية"، والباحث في معهد الشعب اليهودي للسياسات شمويل روزنر، تقريرا عما أسماه مشكلة
إسرائيل مع
الحزب الديمقراطي.
ويقول الكاتب: "ظل الدعم الأمريكي لإسرائيل خلال عقود قويا، من كلا الحزبين، ونظر الناخبون الجمهوريون والديمقراطيون للدولة اليهودية بصفتها (صديقة)، ووضعوها في مرتبة تتفوق على الآخرين، ومالوا إلى دعم إسرائيل على الفلسطينيين، ويتعهد قادة الحزبين وبشكل متكرر بالحفاظ على التحالف الأمريكي الإسرائيلي، بالإضافة إلى التعهد بحماية أمن إسرائيل، والتعامل معه بصفته أولوية".
ويستدرك روزنر قائلا: "لكن الكثيرين في إسرائيل يخشون من أن يتغير هذا كله، وما يثير قلقهم أكثر هو الحزب الديمقراطي"، مشيرا إلى أن هذا التغير يتماشى مع النبرة والسياسة تجاه إسرائيل، وقرار الرئيس باراك أوباما التحول عن تقاليد 16 عاما سابقة، اتسمت بالدعم الثابت لإسرائيل، واستمرار في العلاقة المتقلبة والباردة بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو.
ويتحدث الكاتب هنا عن حملة المرشح الديمقراطي بيرني
ساندرز، التي أثبتت أن "معاملة أوباما لإسرائيل ربما كانت توجها، ولم تكن انحرافا، وقال داعمو ساندرز من الشباب إنهم يتعاطفون نسبيا مع الفلسطينيين، وبشكل أقل مع إسرائيل، أكثر من الكبار والمعتدلين في الحزب الديمقراطي"، الذين يتعاطفون مع إسرائيل.
ويرى روزنر أن آراء ساندرز الواضحة ليست مشكلة، حيث قال إنه "مؤيد لإسرائيل 100% من ناحية حقها في الوجود"، وقال إنه مع توفير السلام والأمن لإسرائيل، ويؤمن، مثل بقية الأمريكيين، بحل الدولتين، ويعارض التحكم الدائم بحياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، مستدركا بأن "المشكلة هي المشاعر، حيث عين ساندرز في نيسان/ أبريل امرأة مديرة لشؤون التواصل مع اليهود، التي وصفت نتنياهو بأوصاف مبتذلة، ووصفته بـ(المتغطرس والمخادع والمتلاعب والساخر) وتم تعليقها عن عملها لاحقا، إلا أن تعيينها لم يكن مصادفة، حيث إن المؤيدين لساندرز يشعرون بالشعور ذاته".
ويشير الكاتب إلى أن ساندرز عين في أيار/ مايو ناقدين شرسين لإسرائيل؛ ليمثلاه في اللجنة التي تعد برنامج وقضايا المؤتمر العام للحزب الديمقراطي في تموز/يوليو، لافتا إلى أن أحدهما وصف نتنياهو بمجرم الحرب.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن ساندرز مثل أوباما، الذي خاض حملته الرئاسية عام 2008، حيث حاول التفريق بين دعمه لإسرائيل وعدم دعمه للحكومة الإسرائيلية، فهو يتعامل مع إسرائيل كونها شرا، مستدركا بأنه يتجنب حقيقة أن غالبية الإسرائيليين صوتوا، وبشكل متكرر، لصالح الأحزاب التي تتشكل منها حكومة ائتلاف يمين الوسط، التي يترأسها نتنياهو، وتدعم سياساته كلها، التي يعارضها ساندرز، مشيرا إلى أن "حكومة اليمين في إسرائيل ليست مصادفة".
ويورد روزنر أن "الأخبار الجيدة هي أن بيرني ساندرز لن يكون المرشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي، ولهجة هيلاري
كلينتون نحو إسرائيل أقل إثارة للقلق، حيث وعدت كلينتون بأن تعبر بنود المؤتمر عن (الدعم الطويل والثابت لإسرائيل)، وتظهر الاستطلاعات أن جمهورها أكثر تعاطفا مع إسرائيل، والأخبار السيئة بالنسبة لإسرائيل هي أن كلينتون لا يمكنها أن تقاوم التحول المستمر داخل حزبها، حيث إنه كلما مال الكثير من الناخبين الديمقراطيين نحو الليبراليين وأصبحوا أكثر ليبرالية قل تعاطفهم مع إسرائيل، وستواجه كلينتون وبقية المعتدلين الديمقراطيين في النهاية الواقع السياسي".
ويلفت الكاتب إلى أن "هناك تحولا ملاحظا بين الديقمراطيين عن إسرائيل في الكونغرس، حيث كان المشرعون الديمقراطيون يشعرون بالقلق من ظهورهم بمظهر غير الداعم لإسرائيل في الماضي، أما اليوم فإن بعضهم، خاصة من يحتاجون للانتخاب مرة أخرى، ويريدون الصوت الليبرالي، لديهم قلق معاكس، فهم لا يريدون الظهور بمظهر الداعم لإسرائيل".
وينقل التقرير عن مسؤولين بارزين، قولهم إن تغيرات في السياسة الإسرائيلية قد تؤدي إلى نهاية السخط المتزايد بين الأمريكيين تجاه بلدهم، حيث يقول الرموز المعادون لنتنياهو إن تحسن العلاقات مع الديمقراطيين الأمريكيين سيكون إحدى الجوائز التي ستحصل عليها إسرائيل عندما تعود إلى رشدها.
ويجد روزنر أنه "من أجل أن يحدث هذا، فإنه يجب على البلد أن تؤكد التزامها بحل الدولتين، لكن هذا ليس خيارا سهلا بالنسبة للحكومة المتطرفة، ويسخر الإسرائيليون اليقظين والأمريكيين المحافظين من هذا المقترح؛ لأن الليبراليين داخل الحزب الديمقراطي يتحركون باتجاه اليسار، وإلى مجال يعد فيه شجب إسرائيل موضة، ولا يمكن لإسرائيل أن تعمل شيئا تجاه هذا التوجه".
ويعتقد الكاتب أن "انتخاب الإسرائيليين قيادات على مقاس الأمريكيين الديمقراطيين لا معنى له، ولا يمكن للجيش الإسرائيلي تغيير أساليبه لتتواءم مع رغبات الناخبين الديمقراطيين، وفي السياق ذاته، فإنه لا معنى لتنازل الحكومة الإسرائيلية عن القضايا الدبلوماسية من أجل إرضاء القلوب الديمقراطية التي تنزف دما".
ويتساءل روزنر: "هل سيحدث هذا الأمر؟ خاصة أن إسرائيل تتلقى أكبر دعم خارجي تقدمه الولايات المتحدة لأي دولة، وتتعاون مع واشنطن في قضايا الأمن والاستخبارات، وتحظى بدعم أمريكي في الأمم المتحدة، ولهذا السبب تعتمد إسرائيل على دعم الحزبين، وهذا يأتي بشروط".
ويبين الكاتب أنه "بالنسبة لإسرائيل، فإن الشروط هي أن تحافظ على أدنى مستوى ممكن من مكانتها، والحفاظ في الوقت ذاته على وضعها لدى الولايات المتحدة بصفتها (صديقا خاصا)، وحاولت إسرائيل عمل هذا الأمر، سواء كان الرئيس جمهوريا مثل جورج دبليو بوش، أم ديمقراطيا مثل باراك أوباما، لكن بنجاح أقل".
ويختم روزنر تقريره بالقول: "من أن أجل بقاء العلاقات بين إسرائيل والديمقراطيين قوية، يجب أن يحدث أمران: إما أن تتداخل مواقف الديمقراطيين وسياسات إسرائيل، أو أن يقتنع الديمقراطيون أن ضعف الدعم لإسرائيل سيكون له ثمن سياسي، وعلى نتنياهو وكلينتون اختيار أي منهما، وإلا استمر التراجع".