دانت منظمات
حقوقية ممارسات سلطة الانقلاب
المصرية بحق المعتقلين بالسجون، على خلفية حالة وفاة جديدة لمعتقل يدعى "ماجد الحنفي" (35 عاما)، في مستشفى سجن طره، أمس الأحد، وذلك بعد رفض مصلحة السجون نقله إلى معهد الأورام لعلاجه، حسب رواية أسرته.
وأكدت أسرة "الحنفي" أنه كان محتجزا في "ظروف احتجاز لا تتوافر فيها أدنى معايير السلامة، ما أدى إلى تدهور صحته بشكل بالغ، حيث أصيب بعدة أورام أجرى على إثرها استئصالا للقولون، وتم نقله مؤخرا إلى مستشفى ليمان طره لتصعد روحه إلى بارئها، وهي تشكو إلى الله ظلم وجرائم العسكر بحق أبناء مصر الرافضين للظلم والتنازل عن الأرض".
يشار إلى أن ماجد الحنفي أحمد علي الجوهري، من أبناء محافظة السويس، اعتقل بتاريخ 11 كانون الأول/ ديسمبر 2013 من مقر عمله بشركة أنابيب البترول بالسويس، ثم صدر بحقه حكم بالسجن 3 سنوات، فضلا عن توجيه عدة اتهامات بقضايا أخرى على خلفية رفضه للانقلاب العسكري.
وقالت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" :" باتت
السجون المصرية مؤخرا مقابر جماعية لروادها، وذلك بالاستمرار في
تعذيب المعتقلين وانتهاك حقوقهم الأساسية، وحرمانهم من أبسط سُبل البقاء على قيد الحياة".
وأشارت- في بيان لها الأحد- إلى أن إدارة سجن "وادي النطرون" كانت تمارس تعنتا مستمرا في تلقي المعتقل "ماجد الحنفي" للعلاج، خاصة بعد أن تدهورت حالته الصحية، التي تم نقله على إثرها من مدة لمستشفى سجن طرة، حيث يعاني من عدة أورام، وقد قام بإجراء عملية استئصال القولون، وذلك انتهاكا للمادة 58 من لائحة السجون.
وتنص المادة 58 على أن "كل محكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية، تبين أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر أو بعجزه عجزا كليا، يعرض أمره على طبيب الوحدة الصحية للسجن لفحصه والتوصية بعلاجه أو الإفراج الصحي عنه. وفي هذه الحالة الأخيرة؛ يتعين الكشف على المسجون من قبل إدارة القومسيون الطبي العام بوزارة الصحة العامة، لاعتماد التوصية بالإفراج الصحي عنه".
وأدانت "هيومن رايتس مونيتور"، حوادث القتل التي وصفتها بالمُتعمدة من الإدارة القائمة على مصلحة السجون المصرية على مستوى القطر المصري، الذي يضعها تحت طائلة القانون ويعرضها للمساءلة القانونية، وذلك باتخاذ الإهمال الطبي وسيلة قتل بالبطيء للمُعتقلين".
وطالبت المقرر الخاص بلجنة الأمم المتحدة المعني بالتمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه، بمتابعة الوضع المأساوي للمُعتقلين داخل السجون المصرية، وإيجاد حلول جذرية لتلك الأزمة، بعد فرض عقوبات داخلية من شأنها ردع الحكومة المصرية.
كما استنكرت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات استمرار وزارة الداخلية في "سياستها الممنهجة في التصفية الجسدية للمعتقلين، وقتلهم البطيء عن طريق الحرمان من العلاج المناسب، وتعريضهم للإهمال الطبي المتعمد".
وأضافت- في بيان لها- : "من المؤسف أن ينضم القضاء أيضا إلى تلك الجريمة مشاركا فيها؛ بصمته ورفضه اتخاذ أيّ من الإجراءات التي كفلها القانون للسجناء كافة في تلك الحالات الصحية، حيث قدم أهالي الفقيد ووحدة العدالة الجنائية بالتنسيقية بلاغا إلى النائب العام بما يؤكد حرج حالته الصحية، إلا أن النيابة العامة لم تعره أي اهتمام، رغم أن تقارير المعتقل الطبية أكدت أن حالته من الحرج بحيث لا يتحمل وضع الاعتقال غير الآدمي، فضلا عن حرمانه من إتمام علاجه من الأورام الخبيثة".
وحملت التنسيقية وزارة الداخلية ومصلحة السجون ومجمع سجون وادي النطرون القضاء المصري المسؤولية كاملة عن وفاة المعتقل "ماجد الحنفي".
وتابعت :" تأسف التنسيقية على استيقاظ المصريين كل فترة ليست بالكبيرة على خبر مؤلم كهذا، دون أن تكون هناك خطوات حقيقية يتم اتخاذها لوقف سيل الدماء تلك، ففي العام 2016 وحتى الآن فقط هناك ما لا يقل عن 11 حالة لقيت حتفها بتلك الطريقة الممنهجة نفسها من القتل البطيء، وذلك بحسب ما رصدته التنسيقية فقط، الأمر الذي يجب أن يخرج عن نطاق الشجب والإدانة في تلك المرة، بحيث يتحول إلى فعل حقوقي وقانوني محلي وعالمي، يتكاتف فيه كل المعنيين بحقوق الإنسان، بل وكل المعنيين بالإنسانية عموما وبحق الإنسان الأول في أن يحيا فقط".
وعبرت التنسيقية عن أملها في أن تلقى دعواها صدى أكبر هذه المرة، خاصة أن هناك الآلاف من المعتقلين معرضين لنفس المصير في تلك الغضون القصيرة المرتقبة.
كما حمّل مركز الشهاب لحقوق الإنسان إدارة سجن طرة المسؤولية القانونية عن وفاة المواطن ماجد الحنفي، بسبب تعمد عدم تمكينه من الخروج للعلاج بالمخالفة لقانون مصلحة السجون ولائحته التنفيذية، مطالبا النائب العام بالتحقيق في أسباب إصرار إدارة السجن على عدم علاجه.
وفي السياق ذاته، هاجم المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمون حسن صالح سلطة الانقلاب بشدة قائلا :" قتلة مجرمون هكذا دأبهم، لا يراعون الحرمات، من قبل قتلوا الركع السجود، واليوم يقتلون الصائمين بالإهمال الطبي المتعمد، ضاربين بقيم الإنسانية والقوانين الدولية عرض الحائط".
وأضاف – في بيان له الأحد - : "الشهيد -بإذن الله- ماجد الحنفي (35 عاما)، الذي قضى اليوم شاهدا على معاناة عشرات الآلاف من المصريين في سجون الانقلاب، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك المنهجية المتبعة من النظام العسكري، لتصفية المعتقلين سياسيا وتطبيق قواعد القتل البطيء عليهم".
وأضاف: "نجدد عهدنا للمعتقلين وأسرهم وللشهداء وذويهم بأن نستكمل ثورتنا ونضالنا حتى نحقق كامل أهدافنا، وعلى رأسها القصاص العادل من كل مَنْ أجرم وفرط في حق هذا الوطن وأبنائه المخلصين".
إلى ذلك، لقي محتجز جنائي مصرعه، الأحد، داخل محبسه بقسم "ثاني العاشر من رمضان"؛ نتيجة الإهمال الطبي، ورفض نقله إلى المستشفى لإنقاذ حياته بعد تصاعد الآلام عليه، رغم مناشدة وتوسل المحتجزين معه لنقله للمستشفى، إلا أنه تم إخراجه من الزنزانة، ووضعه في الطرقات بين الزنازين حتى فاضت روحه إلى بارئها، وفق مصادر بأسرة الضحية.
وكشف مصدر طبي داخل مستشفى التأمين الصحي بمدينة العاشر من رمضان عن وصول "غنيمي عبد اللطيف"، جثة هامدة للمستشفى، في الساعات الأولى من صباح أمس الأحد، لافتا إلى أن المتوفى كان يعاني من عدة أمراض.
وأضاف المصدر أنه تم نقل جثمان "عبد اللطيف" إلى مستشفى التأمين الصحي، وهناك تم وضعه داخل العناية المركزة؛ للتغطية على خبر وفاته داخل القسم نتيجة الإهمال الطبى.
دعوات للضغط على النظام المصري
من جهتها دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا المجتمع الدولي إلى الالتفات إلى ما يجري في السجون المصرية من تعذيب وإهمال طبي تهدد حياة المئات من المعتقلين وتدعو للضغط على النظام المصري للالتزام بالمعايير الدولية للاحتجاز.
وشددت المنظمة في بيان صادر عنها تلقت "
عربي21" نسخة منه أن النظام المصري يتعامل باستهتار بالغ مع حياة المحتجزين لديه، في ظل تفشي مناخ الإفلات التام من العقاب لرجال الأمن والمسؤولين عن إدارة مقار الاحتجاز المصرية.
وقالت المنظمة إنها تقدمت ببلاغات رسمية بتاريخ 09/06/2016 إلى الجهات المختصة في مصر بشأن حالة المحتجز المتوفى ماجد الحنفي مطالبة بالإفراج الصحي عنه نظراً لتشكيل استمرار حجزه خطورة على حياته، ليلحق هذا البلاغ بعشرات البلاغات والطلبات التي تقدمت بها أسرة المحتجز إلى النيابة العامة وإدارة السجن، إلا أن جميع تلك المراسلات والبلاغات قوبلت بالتجاهل.
وأشارت إلى أنه بوفاة الجوهري يرتفع عدد قتلى ووفيات مقار الاحتجاز في مصر بعد الثالث من يوليو/تموز 2013 إلى 491 محتجزاً جراء الإهمال الطبي والتعذيب وسوء أوضاع الاحتجاز والفساد المستشري داخل مقار الاحتجاز المصرية.