كشف المهندس
أسامة فتحي، عضو فريق التعاون الدولي بمؤسسة الرئاسة، الذي كان يقوده الدكتور
عصام الحداد، مساعد رئيس مصر الشرعي
محمد مرسي، تفاصيل واقعة عرْض مرسي منصب رئاسة الوزراء على الدكتور
محمد البرادعي، قبل الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013 بحوالي شهرين ونصف. وحاولت "
عربي21" التواصل مع البرادعي أكثر من مرة للتأكد من صحة الواقعة، لكن دون جدوى.
وقال فتحي في حوار مع "
عربي21"، إن الغرب كان غير جاد في تعاونه مع مصر في فترة حكم مرسي، "وازدادت عدم جدية الاتحاد الأوروبي بعد وقوف مصر بشدة ضد الغزو الفرنسي لدولة مالي الأفريقية المسلمة، وقد حاول التدخل لإيقاف هذا الموقف المصري، لكن الرئيس مرسي رفض ذلك تماما".
وأرجع فتحي، الذي كان مسؤولا بالرئاسة في عهد مرسي عن التواصل مع علماء مصر بالخارج، استمرار اعتقال الحداد دون توجيه أي تهم له حتى الآن؛ إلى طلبه سابقا من
السيسي بكل جدية وحسم؛ ضرورة إيقاف التوكيلات التي قام بها البعض، والتي كانت تدعو السيسي للتدخل في الشأن السياسي.
وإلى نص المقابلة كاملة:
* ما هي حقيقة عرض الرئيس مرسي منصب رئاسة الوزراء على محمد البرادعي؟
- بالفعل هذا تم قبل منتصف شهر نيسان/ أبريل 2013، ويومها كنت على موعد مع د. عصام الحداد في قصر الرئاسة لمناقشة بعض الموضوعات، وبعدما بدأ حديثنا بقليل؛ استأذن مني الحداد ليلتحق باجتماع للرئيس مرسي مع البرادعي. وبعد انتهاء هذا الاجتماع؛ عاد الحداد وأخبرني بأن د. مرسي قام بعرض منصب رئيس الوزارة على البرادعي، ولكن هذا الأخير رفض.
وعندما سأل الرئيس مرسي، البرادعي، عن سبب رفضه؛ أجاب قائلا، وفقا لرواية الحداد: "أنتم يا د. مرسي كإخوان تمثلون القوة السياسية الوحيدة على الأرض، ولا يوجد قوة أخرى في مصر إلا الجيش، وحتما سيحدث صدام قوي بين القوتين، وساعتها ولكي تتجنب مصر الأهوال نتيجة هذا الصدام المرتقب؛ فلن يكون هناك حل سوى تسليم البلد بكاملها لي، فلماذا يا د. مرسي أقبل الآن هذا المنصب، في حين أن البلد كلها ستكون في يدي؟".
* وكيف كان رد فعل الحداد على هذه الواقعة؟
- كان منزعجا جدا من رد فعل البرادعي، وخاصة أنه تحدث مع الرئيس بعجرفة وكبر زائدين، وأن د. مرسي بالرغم من هذا الأسلوب؛ فقد ظل يحاوره ويذكره بالمسؤولية الوطنية الواجبة على الجميع، ولكن دون جدوى.
* من هم الذين أقنعوا مرسي بترشيح البرادعي لرئاسة الوزراء؟ وهل كان الحداد مؤيدا لتولي البرادعي هذا المنصب؟
- لا أعرف من الذين أقنعوا مرسي بترشيح البرادعي لرئاسة الوزراء، ولكن الحداد كان مقتنعا بتعيينه، حيث رأى أن ذلك كان سيؤدي من وجهة نظره إلى تهدئة الأوضاع السياسية في الداخل والخارج.
* لكن البرادعي نفسه نفى تماما في 20 حزيران/يونيو 2013، عرض الرئيس مرسي عليه أي منصب.. فلماذا نفى هذه الواقعة؟
- لا أدري، ولكن من الممكن أن يذكرها الآن لو تمت مراجعته، فظني به أنه لن ينكر الحقيقة أبدا.
* برأيك، لماذا لم يعرض الرئيس مرسي على البرادعي هذا المنصب قبل 30 حزيران/يونيو بفترة كافية؟
- لا أعلم أبعاد هذا الأمر.
* عصام الحداد كان مساعدا للرئيس مرسي في الشؤون الخارجية.. فماذا كان يقول لك عن حقيقة المواقف الغربية من دعم مرسي، أو موقفهم من الانقلاب؟
- كان يرى أن الغرب غير جاد في تعاونه مع مصر التي يرأسها من هو صاحب توجه حر وغير تابع، بالرغم من إبداء الجميع في العالم احترامهم لاختيار الشعب المصري صاحب الثورة التي أبهرت الجميع، وازدادت عدم الجدية هذه بالذات من الاتحاد الأوروبي، بعد وقوف مصر بشدة ضد الغزو الفرنسي لدولة مالي الأفريقية المسلمة، فقد حاولت حينها منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، التدخل لمحاولة وقف بيان الرئاسة ضد هذا التدخل، ولكن الرئيس مرسي ومساعده (الحداد) رفضا تماما إلا التعبير عن الموقف الذي يتفق مع المبادئ والقيم والقانون الدولي.
* قيل إن السفيرة الأمريكية السابقة لدى مصر آن باترسون أبلغت عصام الحداد قبيل الانقلاب بالقول: "جمهورك الوحيد هو السيسي، وليس المعارضة".. ما مدى صحة ذلك؟
- هذا حدث بالفعل، حيث إنني كنت على صلة بالحداد عبر الرسائل حتى الثالث من تموز/ يوليو 2013، وفى إحدى رسائله لي ذكر هذه العبارة، حتى بنصها باللغة الإنجليزية.
والسفيرة الأمريكية كانت واضحة تماما، وحسب كلام الحداد لي؛ فهي كانت تقصد أنه يجب الاهتمام فقط بإرضاء السيسي، والوصول معه شخصيا إلى أي حل لإنهاء الأزمة، حيث إنه الوحيد الذي يملك مفاتيح هذا الحل، في حين أن أقطاب المعارضة لا يملكون من أمرهم شيئا، وبالتالي فلا داعي لتضييع أي وقت معهم.
* وهل كان السيسي يظهر بشكل واضح أنه جزء من الأزمة كي يقوم مرسي بإرضائه؟
- لم يظهر بهذا الشكل الواضح إلا في الأيام الأخيرة قبيل الانقلاب مباشرة، بحسب الرسائل التي وصلتني من الحداد.
* وهل حكى الحداد لك شيئا عن السيسي؟
- سأحكي لكم واقعة حدثت بينهما، وأظن أن استمرار اعتقال الحداد يرجع فقط إلى هذه الواقعة، حيث إنه خلال السنوات الثلاث الماضية لم يوجه له أي اتهام، وإن كان مفبركا.
والواقعه هي أنه عند رجوع الرئيس مرسي ومرافقيه من رحلة باكستان، وخلال تواجدهم في الطائرة، انتقل الحداد ليجلس بعض الوقت بجانب الرئيس مرسي، وأبلغه أن بعض الصحفيين قد أثاروا موضوع وجوب أن يقوم الشعب بعمل توكيلات لوزير الدفاع ليقوم بتحمل المسؤولية تجاه ما كان يثار حينها من مشكلات. واقترح الحداد على الرئيس أن يقوم بالتحدث مع السيسي، كي يعلن هذا الأخير للجميع أنه يرفض هذا الأمر الذي لا يستقيم مع الآليات الديمقراطية، واقتنع الرئيس بوجوب التحدث للسيسي، ولكنه طلب من الحداد أن يقوم هو بذلك.
وعلى الفور، انتقل الحداد إلى جانب السيسي وتحدث معه فى هذا الشأن، وكان السيسي مراوغا بشدة، وقال إن هذا أمر يخص الصحفيين ومن يقومون به، ولا يخصه، وتحدث كثيرا، ولكن الحداد طلب منه بكل جدية وحسم ضرورة إنهاء عمل هذه التوكيلات فور وصولهم للقاهرة، وبالفعل توقف إجراء التوكيلات بعد أن وصلت لـ58 ألف توكيل.
* وهل كان الحداد يتوقع حدوث انقلاب عسكري؟
- الحقيقة أن الحداد كان مقتنعا عقلانيا بكل الظواهر التي تدل على أن هناك انقلابا قادما، وكنت أنا وآخرون قد ذكرنا له هذه الظواهر، وأبدى قناعته الكاملة بها، وقد كان غير مرتاح إجمالا لجميع مواقف السيسي، وكان متأكدا أن لديه طموحا سياسيا كبيرا؛ ولكنه على صعيد آخر، كان يعول كثيرا على أن الجيش المصري من المستحيل أن يتسبب في حدوث كارثة كبرى في مصر بالانقلاب.
* هل كنت موجودا داخل القصر الرئاسي خلال الأيام الأخيرة التي سبقت انقلاب 3 تموز/يوليو؟
- آخر تواجد لي بالقصر الرئاسي كان قبل الانقلاب بخمسة أسابيع، وبالتحديد كان يوم 23 أيار/ مايو 2013، حيث إنني سافرت بعدها بيومين إلى أمريكا لمباشرة أعمالي.
* الوزير السابق يحيى حامد قال إن الرئيس محمد مرسي اتفق مع وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي على بنود واضحة للخروج من الأزمة قبل 24 ساعة من الانقلاب.. هل لديك معلومة بخصوص هذا الأمر؟
- ليس لدي أي معلومات مؤكدة بهذا الشأن.
* ما هي أبرز المشاكل والعقبات التي واجهت رئاسة مرسي، والتي تحدث معك بشأنها د. عصام الحداد؟
- المشكلة الأبرز كانت رغبة مؤسسة الرئاسة الشديدة في إحداث تقدم كبير إلى الأمام في كل نواحي المسؤوليات الملقاة على عاتقها بنسب متساوية وبمسارات متوازية، وأهمها وعلى رأسها قضية الاصطفاف الوطني.
* هل كان الحداد راضيا عن أداء الرئيس مرسي؟
- يكفي أن أقول لك إن د. مرسي كان يعمل منذ الساعة السابعة صباحا حتى الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل يوميا، فكيف لرجل مثل هذا أن لا تكون راضيا عنه؟
* كنت مسؤولا في قصر الرئاسة عن التواصل مع علماء مصر بالخارج.. لو تشرح لنا أبرز الجهود التي قمت بها في هذا الملف؟
- كنت مسؤولا عن علماء مصر المقيمين في أمريكا وكندا تحديدا، حيث كنت حلقة الوصل بين الرئاسة وبينهم؛ من أجل الاستفادة من هذه الثروة البشرية لصالح مصر، وقمنا ببعض الجهود، وحاولنا القيام بجهود أخرى كثيرة، منها الإعداد لمؤتمر الطاقة النووية واستخدامها في مجال توليد الكهرباء بحضور 50 عالما مصريا في مجال الطاقة النووية من أمريكا وكندا، وبحضور لفيف من علماء العالم المتخصصين في هذا المجال، وكان من المقرر عقده في أيلول/ سبتمبر 2013. مع العلم أن العلماء المصريين العاملين في المجال النووي بأمريكا، تم حصرهم في ألف و500 عالم.
ومنها الإعداد لمؤتمر لأساتذة العلوم السياسة المصريين في الجامعات ومراكز الأبحاث الأمريكية، تحت عنوان "كيفية التأثير على صانع القرار الأمريكي لكي يتبنى مواقف عادلة من القضايا العربية المختلفة".
ومنها أيضا قيام مجموعة من 15 عالما من علماء مصر في كندا، وكان يرأسهم عالم في مجال الهندسة حاصل على جائزة عالمية تعادل جائزة نوبل في العلوم، بوضع تصور متكامل لحل أخطر مشكلات مصر، وخاصة مشكلة توفير مصادر الطاقة البديلة، ومشكلة المرور في القاهرة الكبرى، ومشكلة توفير المياه النقية العذبة، ومشكلة النقل، والاتصالات، وأولويات تعمير سيناء، والبحث العلمي والتعليم العالي.