الحرب على الهوية والعقيدة، على أشدها، كما في البر والبحر والجو ..
عاد بنا باب الحارة، وهي الشام تمثيلا في الحكاية المصورة، إلى النكاح والمتعة والشرف، الحرب بدأت من أول يوم بالإكراه على الركوع للسيد الرئيس، ثم استعمل الرئيس المتأله قنابل الكيمياء، واستبضع (سياتي معناه في السياق) بمن يستعمل الفوسفور، فلا عجب من الانتقال من اغتصاب النساء في السجون إلى الشاشة ... فالنساء هن سبب الصراع الأصيل والأزلي والأول بين أرباب الحروب الذكور، ويمكن أن يكون المسلسل من العلامات على عبث النظام بالشام وقلب فضائلها إلى رذائل، وتحطيم بنيانها الأخلاقي والديني والسياسي والبيئي...
كان باسم الملا قد بدأ مع مسلسل أيام شامية بداية طيبة، وأثار حنين السوريين والعرب إلى الأصالة، وذكر الناس بالكلمة والشهامة والمروءة، الإنسان كلمة. أحبَّ الناس المسلسل، وليس فيه نساء متبذلات مثل مسلسل "صبايا" حتى يتهم بأنه مسلسل مروادات وإغراء، ولا موسيقا ورقص كما في الأفلام الهندية، حتى يتهم بمغريات الأذن.. تذكّر الناس أجدادهم عندما كانوا يمسكون بشواربهم، ويقولون كلمة يبقون معتقلين أسرى وأوفياء لها. من المفارقات أن بثّ المسلسل أُفسد بوفاة الشهيد الركن الرائد المظلي، فتعطلت الحياة شهرين أو أقل، فكان ذلك إشارة ونذيرا، كأنه ضدّ المسلسل الذي يصفه الموالون هذه الأيام بأنه داعشي. وفي الجزء الأول من باب الحارة، وهو تتمة لأيام شامية، ويتصل بأيام الصالحية... تدفع مروءة أبي عصام الذي طلق زوجته إلى المبيت في دكانه، بعد أن باتت محرمة عليه بكلمة الطلاق، ولو كان بلا مروءة، والذي يتجنب صناع المسلسل التلميح إليه كأنه تهمة، لكان عدّها زلة لسان، وعاش مع زوجه، ولا من شاف، ولا من دري، فالطلاق في هذه الأيام لا يجري إلا بوثائق مختومة، فالأصل في دولة التقدم والاشتراكية هو الولاء الطائفي، السوريون أنفسهم باتوا من حملة الجنسية السورية، فسوريا لمن يدافع عنها (ملاحظة: إسرائيل أيضا تدافع عن القدس ولكن لنفسها) كما جاء في خطاب الرئيس المتأله صاحب أجمل رقبة غينيس في العالم، وأغلب الظن أن النظام السوري المخرج لكل مسلسلات الشام شاشة وواقعا أراد اغتصابا في الدراما للسيدة الشامية كما يفعل في السجون والمعتقلات... وما أضمر نظام شيئا إلا ظهر في مسلسلاته وخطاباته...
ملخص الحكاية أنّ صناع المسلسل، المهمومين بالدفاع عن تهمة نكاح المتعة وبيع الشرف القارّة في أنفسهم عارا، وبشتم خصومهم، وهم هنا الأمة، رسموا هوية جديدة لأبي بدر الجبان المرعوب من زوجته، والذي يقول متابعو المسلسل إنّ بنيته النفسية تجعله غير مؤهل لتطليق زوجته فوزية ثلاث طلقات، وقد قرر أن يعيدها بزواج التيس المستعار، وهذا الوصف جاء من الحديث الشريف عن النبي عليه الصلاة والسلام، حيث قال: ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال هو المحلِّل والمحلًّل له.
فيلم ساعي البريد لكيفن كوستنر بطلا ومنتجا ومخرجا هو أسوأ أفلامه، ونال عليها جوائز كثيرة: جائزة أسوأ ممثل، وأسوأ إنتاج، وأسوأ إخراج، وأسوأ نص، وأسوأ أغنية... إلى الدرجة التي دفعت النقاد لإطلاق اسم جديد على الفيلم، هو" الرقص حول نفسي"، وفي معظم الأفلام الأميركية تتسرب الرغبات البشرية الدنيا وأهواؤها السفلية إلى متون النص وهوامشه، هكذا زوّرت الكتب المقدسة، حتى في أفلام تاريخية مثل "مملكة السماء" التاريخي. تأتي في فيلم" الرقص حول نفسي" أو "ساعي البريد" سيدة متزوجة اسمها آبي مع زوجها إلى ساعي البريد كيفن كوستنر، واسمه في الفيلم شكسبير، فيطلب منه الزوج أن يواقع زوجته طلبا للولد، فيقف ساعة متأملا روعة اللحظة بين الرغبة واللهفة والحرج الكذاب، ويوافق على ما كان يسمى في الجاهلية العربية بزواج الاسبتضاع، التيس المستعار زواج جاهلية عربي أيضا!
أثنى بطل مسلسل "نهاية رجل شجاع" الذي مثّل في مسلسل "صدق وعده" بدور أبي جهل، في مقابلة؛ على الخروقات والانتصارات التي حققها مسلسله على التقاليد البالية، وعدّ فيه بضعة عشر مشهدا فيها "عبطات" كانت محرّمة تلفزيونيا، زاد العبط في التلفزيونات العربية، إلى درجة صرنا نرى فيها مسلسلات أجنبية أكثر حشمة وخجلا من مسلسلاتنا العبيطة، التي صارت اليهودية فيها بطلة َ(منة شلبي في حارة اليهود، وكندا حنا في دور سارة)، والإرهابي هو المسلم المتطرف والوحيد الذي استنكر السيسي إرهابه، قائلا بعد حسبة على حسابة عقل الدجاجة في رأسه (وبعدين مش معقول مليار وستة من عشره هيقتلوا السبعة مليار عشان يعيشوا همه). كل هذا العبط للتغطية على العبطة العاطفية مع إسرائيل، الزوج السري، وقد بات العبط علنيا يا عكيد فحكوماتنا العربية المنتخبة السابقة كانت تتمثل بالحديث الشريف: إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا.
التيس المستعار يستبضع اليوم من فحلين هما بوتين وخامنئي.
رهن بطل مسلسل شامية شاربه وأعاد الأمانة إلى صاحبها، بينما أقسم تيسنا المستعار على أن يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة على القرآن الكريم، بل إن ممثلي مجلس الشعب الأخير لم يقسموا عليه كالعادة، رغبة في عبطة استبضاعية مع الفحل الروسي والإيراني في سرير واحد.
في فيلمنا السوري الطويل، الذي مدته نصف قرن، يقوم ساعي البريد بتزوير الرسالة كما في فيلم ساعي البريد... فهو أنجع وأنكى من حرقها.
شباك الحارة بات أوسع من بابها يا... عكيد: ما أخبار صبايا العطاء؟