يعيش الشارع
الفلسطيني حالة من الغضب، بعد وصول الانفلات
الأمني في
الضفة الغربية إلى مستويات وُصفت بأنها "خطيرة"، حيث شهدت محافظة جنين في الأول من تموز/ يوليو اشتباكات عائلية، استخدم خلالها الرصاص الحي والسلاح المتوسط بشكل كبير، فيما راح ضحية هذه الاشتباكات خمسة قتلى والعشرات من الجرحى، إضافة لتدمير العديد من الممتلكات والمحلات التجارية المجاورة لمكان الحادث.
وسرعان ما انتقلت هذه
الفوضى الأمنية إلى محافظة نابلس، حيث شهدت المدينة في الليلة ذاتها؛ اشتباكات مماثلة، ولم تستطع الأجهزة الأمنية بتعزيزاتها المرسلة السيطرة عليها، ما طرح العديد من علامات الاستفهام حول مدى الدور والوظيفة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية.
دور السلطة
وقد تركت هذه الأحداث الدامية انطباعا سيئا عند الفلسطينيين، خاصة تقييمهم السلبي حول قدرة الأجهزة الأمنية في السيطرة على الوضع الميداني هناك.
وفي هذا السياق، قال المواطن في نابلس، مصطفى العباسي، لـ"
عربي21"، إن "دور الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية أصبح مقتصرا على جمع سلاح المقاومة، والتنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وبعيدا كل البعد عن دوره في حفظ الأمن للوطن والمواطنين".
وقد حاولت "
عربي21" الاتصال بمسؤولين بالأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، إلا أنهم رفضوا التعقيب على ما جرى، مشيرين إلى تلقيهم أوامر من القيادة الفلسطينية بعدم إعطاء أي تصريحات أو إحصائيات عن ظاهرة الانفلات الأمني في الضفة الغربية.
لكن مسؤولا أمنيا فلسطينيا، رفض كشف هويته، قال لـ"
عربي21" إن "هناك أطرافا داخلية وخارجية في الساحة الفلسطينية تبدو معنية بنشر المزيد من الأسلحة في الضفة الغربية، وبيعها للعائلات والمجموعات المنفلتة، لتغيير موازين القوى في الساحة الفلسطينية ضد الأجهزة الأمنية التي يقودها الرئيس عباس".
أما نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة؛ فقد رأى أن "السلطة الفلسطينية تتحمل المسؤولية الكاملة عن الأحداث الأخيرة، لأنها لم تكن جادة بشكل واضح في جمع سلاح المنفلتين أمنياً، أو سلاح العشائر طيلة السنوات الماضية"، وفق تقديره.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "السلطة كانت جادة فقط في جمع سلاح المقاومين، ولو أن عنصرا من حركة حماس أو الجهاد الإسلامي امتلك مسدسا شخصيا، لجندت كل طاقتها لسحبه ومحاسبة صاحبه، بينما تترك الزعران يجوبون الشوارع بأسلحتهم".
حرب الوراثة
ويربط مراقبون بين ما تشهده الضفة الغربية من أحداث دموية في الفترة الماضية، وبين ما تقوم به أطراف إقليمية لتنصيب القيادي الفتحاوي محمد دحلان رئيسا للسلطة الفلسطينية بعد نهاية حقبة محمود عباس.
ويشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح في نابلس، باسم الزبيدي، إلى أن "الكل بات يعلم بحقيقة انتهاء مرحلة الرئيس أبو مازن من اللعبة السياسية، وهو يعيش آخر أيامه، وأن المرحلة القادمة ستكون للقيادي الفتحاوي محمد دحلان، لتمتعه بتأييد الأطراف الإقليمية، خصوصا دول الخليج".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الأحداث الأخيرة في الضفة الغربية كشفت عن وجه آخر لحالة الأمن في الضفة الغربية، مفادها تمتع دحلان بتأييد العديد من قادة الأجهزة الأمنية في منظومة أمن السلطة الفلسطينية".
وبالنسبة للعديد من الفلسطينيين، فإن هذه الحالة في الضفة الغربية تذكرهم بحالة الفوضى والانفلات الأمني الذي عاشه قطاع غزة، بفعل تناحر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، قبل سيطرة حماس عليه بالكامل.