تتجه الأزمة بين
مصر وإيطاليا على خلفية مقتل الطالب الإيطالي جوليو
ريجيني بالقاهرة إلى مزيد من التصاعد، بعد تهديد
إيطاليا بوقف تصدير "برامج المراقبة الإلكترونية" إلى مصر، في حين هددت مصر بفتح المجال أمام الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا.
وبحسب صحيفة "المصري اليوم"، السبت، فقد هددت إيطاليا بوقف تصدير برامج مراقبة عالية الجودة إلى مصر.
وقال وزير التنمية الاقتصادية الإيطالي، كارلو كاليندا، إن قرار مجلس النواب الإيطالي، بتأييد وقف تزويد مصر بقطع غيار لطائرات "إف 16" الحربية، يمكن أن يتبعه قرار آخر بوقف التفويض الذي منحته الحكومة الإيطالية لشركة "أريا سبا" لتصدير برامج مراقبة عالية الجودة إلى مصر.
وكشف - ردا على سؤال لأحد نواب البرلمان الإيطالي - أن الوزارة وافقت في 13 حزيران/ يونيو الماضي على تصدير برامج مراقبة عالية الجودة إلى مصر، وأنه لا توجد أي عقبات فنية تقف أمام هذا القرار حاليا، لكن هناك عقبات "ذات طابع سياسي" تستند إلى ضرورة تطبيق معايير أكثر صرامة بالنسبة لتصدير الأجهزة ذات الاستخدام المزدوج، وفق قوله.
ويذكر أن صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية ذكرت قبل أسبوع أن وزارة التنمية الاقتصادية الإيطالية، منحت هذا التفويض إلى شركة "أريا سبا" لتصدير تكنولوجيا متطورة من برامج المراقبة الإلكترونية، لاستعمالها في مصر، بالتعاون مع شركة "ألكان" للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بهدف تسهيل عملية اعتراض الاتصالات لأغراض الأمن القومي، وقد قدرت تكلفة هذه الصفقة ب3.1 مليون دولار.
وجاءت تصريحات كاسيني، التي أوردتها وكالة "نوفا" الإيطالية للأنباء، ردا على بيان رئيس مجلس نواب ما بعد الانقلاب في مصر، علي عبدالعال، الخميس، الذي رفض فيه قرار مجلس النواب الإيطالي، معتبرا أنه خطوة تعكس توجها نحو التصعيد، ما قد تكون له نتائج سلبية على العلاقات الثنائية بين البرلمانين، بحسب وصفه.
وكان مجلس النواب الإيطالي قد أعاد التصويت من جديد، الأربعاء، على إعادة تقويم قرار مجلس الشيوخ الإيطالي، الذي اتخذه قبل أسبوع، بوقف تزويد مصر بقطع غيار لطائرات حربية لطائرات "إف 16"، وجاء قرار الرفض بأغلبية بلغت 308 نواب، فيما أيد المقترح 29، وامتنع 3 عن التصويت.
واتهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الإيطالي، فابريتسيو تشيكيتو، مصر بأنها لم تقدم حتى الآن، أي "إجابة ذات مصداقية" في واقعة قتل ريجيني، "لذلك فمن المستحسن ألا تنفذ أي خطوات تصعيدية "انتقامية"، وفق قوله.
مصر ترد بملف الهجرة غير الشرعية
وفي المقابل، هددت وزارة الخارجية المصرية إيطاليا بمراجعة التعاون القائم بين البلدين في مجال الهجرة غير الشرعية بالبحر المتوسط، والتعامل مع الأوضاع الليبية، مؤكدة أن هذا قد يستدعي اتخاذ إجراءات "من شأنها أن تمس مستوى التعاون القائم" بين البلدين.
وأعربت الخارجية المصرية في بيان لها عن أسفها لتأييد مجلس النواب الإيطالي القرار، مؤكدة أن هذا "لا يتسق مع حجم ومستوى التعاون بين سلطات التحقيق في البلدين منذ الكشف عن الحادث، ويتناقض مع الهدف المشترك الخاص بمكافحة الإرهاب لتأثيره السلبي على القدرات المصرية في هذا المجال"، وفق البيان.
واشتكت إيطاليا مرارا من عدم تعاون السلطات المصرية في التحقيقات الخاصة بقضية ريجيني (28 عاما) وسحبت روما في نيسان/ أبريل الماضي سفيرها لدى مصر للتشاور.
ويمثل قرار مجلس الشيوخ الإيطالي الذي اتخذه، وأيده مجلس النواب الإيطالي، أول خطوات تجارية ضد القاهرة، وفق مراقبين.
والدة "ريجيني" تهدد بنشر 250 صورة تعذيب
وفي سياق متصل، ذكرت وسائل إعلام إيطالية، أن والدة الطالب الإيطالي، قد هددت بنشر أكثر من 250 صورة لجثته، وعليها آثار التعذيب، ما لم تكثف بريطانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي الضغوط على القاهرة لفك لغز اختفاء ومقتل ابنها في القاهرة.
وأضافت تلك الوسائل أن باولا والدة ريجيني وزوجها كلوديو ريجيني، يتهمان السلطات المصرية برفض التعاون مع نظيرتها الإيطالية في مقتل ابنهما، معربين عن تخوفهما من توقف التحقيقات.
وتوجهت باولا وكلوديو إلى العاصمة البلجيكية بروكسل لمطالبة البرلمان الأوروبي بممارسة مزيد من الضغوط على القاهرة؛ لإجراء تحقيق شفاف يفسر مقتل ريجيني.
وطالبت "باولا" الدول الأوروبية، بسحب سفرائها من القاهرة، وقطع علاقاتها التجارية والعسكرية معها، وأن تعلن أن مصر ليست مقصدا آمنا لسياحها، بهدف ممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة المصرية لفتح تحقيق شفاف في مقتل ريجيني.
وكانت إيطاليا هددت سابقا بأنها ستتخذ إجراءات "فورية وملائمة" (لم تحددها) ضد مصر، إذا لم تتعاون بشكل كامل في الكشف عن الحقيقة وراء مقتل مواطنها، الذي كان يجري بحثا علميا عن النقابات المستقلة في مصر.
وتسبب مقتل ريجيني في وصول العلاقات المصرية الإيطالية إلى أسوأ حالاتها عبر تاريخهما الحديث.
وكان الباحث الإيطالي في مصر منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، كي يجري أبحاثا حول العمال، والحقوق العمالية، لكنه اختفى في ذكرى ثورة 25 يناير الماضية، ثم وجدت جثته بعد ذلك، بأحد الطرق الصحراوية بمصر، وعليها آثار تعذيب بشعة.
وادعت السلطات المصرية أن عصابة إجرامية خطفت "ريجيني"، وقتلته، إلا أن تلك الرواية لم تعرها إيطاليا، ولا المنظمات الحقوقية، أي مصداقية.