ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لمراسلتها من نيودلهي راما لاكشيمي، أن آلافا من
العمالة الهندية عالقة في المملكة العربية
السعودية، دون أن تتلقى أجورها، ودون مساعدات.
ويشير التقرير إلى أن الحكومة الهندية تحركت يوم الاثنين لترحيل آلاف منهم، بعدما استغنت الشركات السعودية عن خدماتهم، في وقت يواجه فيه
الاقتصاد السعودي بطئا في النمو؛ بسبب تراجع أسعار النفط العالمية، لافتا إلى أن أعداد كبيرة من
العمالة الهندية فقدت وظائفها في الأشهر الأخيرة، ولا يملك هؤلاء المال أو تأشيرة الخروج المطلوبة للعودة إلى بلادهم.
وتورد الكاتبة نقلا عن مسؤولين في نيودلهي، قولهم إن هناك أكثر من 2500 عامل يعيشون في معسكرات العمال لم يحصلوا على مواد غذائية منذ عشرة أيام، وهو ما قد يدفع الحكومة الهندية لتسيير رحلات جوية لنقل العمال إلى بلادهم.
وتنقل الصحيفة عن رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الهندي شوشما سواراج، قولها: "عمالنا جوعى وعطشى هناك، وتحدثنا مع السفارة الهندية، وطلبنا منها إرسال طعام لهم، وأقوم بمتابعة الأمر شخصيا، ولديهم الآن طعام يكفي لسبعة أو عشرة أيام، ولا تنتهي المشكلة هنا"، وأضافت: "لا نريد أن نتركهم هناك، ويجب إعادتهم".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن بعض التقارير في الهند تشير إلى أن عدد الهنود الراغبين بالعودة ربما كان أعلى من العدد الذي تتحدث عنه الحكومة، حيث قالت صحيفة "هيندو" إن "العدد ربما تضخم بطريقة تدفع نيودلهي لإرسال باخرة" لنقل العمال العالقين في مخيمات العمل في السعودية.
وتذكر لاكشيمي أن سواراج ناشدت يوم السبت الثلاثة ملايين هندي الذين يعيشون في السعودية، ودعتهم إلى مساعدة العمال العالقين بعدما فصلوا من أعمالهم، وتوفير الطعام لهم، وقالت في تغريدة على "تويتر": "لا شيء أعظم من الإرادة الجماعية للأمة الهندية".
وتلفت الصحيفة إلى أن معظم الهنود يعملون في المصانع ومواقع الإنشاء، حيث استقبلت السعودية، التي تعد من أكبر الاقتصاديات في الشرق الأوسط، عمالا من الهند وباكستان وبنغلاديش والفلبين، إلا أن انخفاض أسعار النفط أضر بالاقتصاد.
ويكشف التقرير عن أن المجتمع الهندي قام بتوزيع الخضراوات والعدس وزيت الطعام على العمال الجوعى، تحت إشراف القنصلية الهندية في جدة.
وتنوه الكاتبة إلى أن العديد من الهنود فقدوا وظائفهم في السعودية والكويت؛ بسبب إنهاء الشركات أعمالها؛ نظرا للمصاعب المالية، لافتة إلى أن شركات البناء والإنشاء، التي تعتمد على أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية الرخيصة تأثرت كثيرا؛ لأن الحكومات في المنطقة خفضّت مستوى النفقات على مشاريع البنى التحتية.
وتشير الصحيفة إلى شمس الإسلام خان (32 عاما)، الذي عمل على آلة حفر في مشروع تعمير لقصر الملك في جدة، وحصل خان، الذي ينحدر من عائلة فقيرة، على عمله في 2008، حيث بدأ بالعمل في مشروع القصر في كانون الأول/ ديسمبر من العام ذاته، وقال في مكالمة هاتفية: "كلما وفرت وأرسلت المال كل شهر كان بإمكان عائلتي الحصول على طعام، وتعليم إخوتي"، وأضاف: "بدأت شركتنا العام الماضي بتأخير دفع الرواتب، ولم نحصل على الرواتب منذ سبعة أشهر، وأغلقت الشركة مكاتبها قبل شهر، وقالت إن الحكومة توقفت عن دفع المال، وقبل عشرة أيام توقفت الكافتيريا عن تقديم الطعام".
ويتابع خان قائلا إن العمال احتجوا في الشارع، "عشرة آلاف عامل هندي كانوا يجلسون دون عمل، ونفدت نقودهم، ولو أصيب أحدنا بسكتة قلبية فلن نستطيع إرساله إلى المستشفى؛ بسبب عدم توفر المال".
ويعلق التقرير بأن عددا كبيرا من العمال يريدون العودة إلى بيوتهم، مستدركا بأنه بناء على قوانين السعودية فإنه لا يسمح إلا للجهات المعنية التي وظفتهم بالتوقيع على أوراقهم، ودون هذا الأمر، فإن السفارة لا تستطيع إصدار تأشيرات خروج لهم، وتقول سواراج إن المسؤولين الهنود يحاولون إقناع المسؤولين السعوديين بتجاوز هذه القاعدة، ويتفاوضون مع الشركات؛ لتدفع للعمال رواتبهم المستحقة.
وتنقل لاكشيمي عن ممثل الجالية الهندية في جدة عاصم زيشان، قوله: "تخيل معاناة العمال، حيث اعتمد معظمهم على الماء والملح عندما وصلنا إليهم برزم الطعام"، وأضاف: "لكن لديهم الآن طعام يكفيهم على الأقل لمدة أسبوع".
وتورد الصحيفة نقلا عن العامل الهندي فينو غانيسان، قوله إن بعض العمال الهنود، الذين أخبروا المسؤولين في شركاتهم أنهم يريدون العودة إلى الهند، تم بتسليمهم إلى الشرطة.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول غانيسان: "لا أزال أحتفظ بعملي، إلا أن الراتب يتأخر، وتم تخفيضه إلى الثلث"، وأضاف: "أريد العودة إلى بلادي الآن، لكنني خائف من الحديث أو التحرك؛ لأنني لا أريد أن أنتهي في السجن هنا".