كتب الباحث في الدراسات الأمريكية في جامعة لفبرا البريطانية أندرو ديكس، مقالا في مجلة "كونفرزيشين"، وأعادت نشره صحيفة "إندبندنت"، تحت عنوان "خمسة
أفلام يجب أن يشاهدها دونالد
ترامب".
ويذكّر الكاتب في المقال الذي ترجمته "
عربي21" بما كتبه المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية ترامب، في كتابه "فن الصفقة"، قائلا: "من الغرابة القول، لكن دونالد ترامب ربما أصبح مخرج أفلام بدلا من عرّاب للعقارات، فهو يخبرنا في كتابه (فن الصفقة)، الكتاب المخصص لحياته ونصائحه في التجارة، بأنه فكر، وإن بشكل قصير، في التسجيل في مدرسة الفيلم في جامعة ساثرين كاليفورنيا، وبدلا من ذلك أصبحت الفنادق والعمارات والكازينوهات، وليست الأفلام، هي المساحة المفضلة للتعبير عن الإبداعية الترامبية، لكنه كان مع ذلك مغرما بالسينما، وفي عام 2012 تحدث لـ(موفيلاين) عن أفلامه الخمسة المفضلة، وهي: (المواطن كين) (ستيزن كين) (1941)، و(الجميل والسيئ والقبيح) (1966)، و(ذهب مع الريح) (1939)، و(رجل العصابات) (غادفيلاز) (1990)، و(العرّاب) (غادفاذر) (1972)".
ويتساءل ديكس قائلا: "ماذا تقول لنا هذه الأفلام عن ترامب؟ فكل واحد منها يقدم صورة عن القوة الذكورية، وعادة في وجه المعارضة التي تحاول فرضها عليه امرأة أو قوى النظام والقانون، وتقدم هذه الأفلام فلسفة بصرية لما أطلق عليها أوليفر جونز (الداروينية الاجتماعية) فهو ينظر للعالم على أنه غابة غير منطقية، ينجح فيها فقط الناس القساة وأصحاب العضلات والعصبيون".
ويعود الكاتب للتساؤل قائلا: "ماذا عن القانون المعادي لترامب في السينما؟ وكيف يبدو؟ وأين نجد أفلاما تتحدى القيم والسياسات التي تم التعبير عنها، وتبنيها في هذه الحملة الانتخابية؟".
ويقدم ديكس قائمة مضادة لقائمة ترامب في "موفيلان"، التي يمكن للمرشح الجمهوري تعلم شيء منها، وتضم تلك القائمة الأفلام الآتية:
الفيلم الأول: "سيكون هناك دم" (ذير ويل بي بلود) (2007):
ويشير الكاتب إلى أنه في الوقت الذي يقدم فيه ترامب رجال الأعمال في أمريكا على أنهم أبطال أصحاب نظرة، فإن فيلم بول توماس أندرسون يكشف عن الطبيعة الحقيقية لرجال الأعمال الأمريكيين بأنهم طبقة من المرضى المعتلين اجتماعيا، حيث إن البحث عن النفط في كاليفورنيا، الذي كان يقوم به رجل الأعمال دانيال بلينفيو "دانيال دي لويس"، يقوم بسحق الأجساد، ويدمر العلاقات العائلية.
وتذكر الصحيفة أن بلينفيو يتهم بالقتل في نهاية الفيلم، ويبدو وحيدا مهزوما وهو يحاول بناء نسخته من "برج ترامب"، لافتة إلى أن الفيلم يقدم رؤية مدمرة حول الطريقة التي يقوم من خلالها رجل الأعمال بتشكيل شخصية للفوز.
ويلفت المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن بلينفيو القاسي، يخاطب أصحاب الأراضي التي سيملكها عبر لغة شعبوية ودينية، وتخويف من الرب، ويجرب فيها أساليب العلاقات العامة، التي كان يمكن استخدامها بمهارة في عصرنا المتقدم إعلاميا.
ويعلق الكاتب قائلا: "لو كان ترامب يقدر المرح (وهو ليس الجنس الأدبي المفضل له)، فربما تعلم شيئا من الفيلم".
الفيلم الثاني: "4 أشهر، 3 أسابيع ويومان"(2007):
وتبين الصحيفة أنه في هذا الفيلم المروع، الذي أخرجه الروماني كريستيان مونيغيو، طالبة بحاجة ماسة للتخلص من جنين غير شرعي، وتلقى المساعدة من صديقة لها، مشيرة إلى أن تعليقات ترامب الحادة عن الإجهاض خاطبت قطاعا معينا رافضا، وتحول الحديث من "حرية الاختيار" إلى دعم الحياة.
ويستدرك المقال بأن فيلم مونيغيو يظهر الآثار النفسية المدمرة على بطلتيه، والجسد الذي تم انتهاكه، لافتا إلى أن تأكيد الفيلم للضوابط الاجتماعية، ما هو إلا رفض للتفاؤل الذي يدعو إليه ترامب.
الفيلم الثالث: "الجنازات الثلاثة" لميلكيادس إستراداد (2005):
وينوه ديكس إلى أن ترامب يتحدث في كتابه "أمريكا المشلولة: كيف يمكن إعادة عظمة أمريكا من جديد"، وبشكل متكرر، عن أمريكا الأمة بصفتها حصنا، قائلا: "لا أحد يستطيع بناء جدار مثلي، وسأقوم ببناء جدار عظيم على حدودنا الجنوبية"، مستدركا بأن الممثل ومخرج الفيلم تومي لي جونز يجد ثغرات في الجبهة الأمريكية المكسيكية، بدلا من إغلاق كل دولة من الجهة الأخرى.
وتفيد الصحيفة بأن الفيلم يتحدث عن حادثة قتل على الحدود الجنوبية، ويطرح بالضرورة مشكلة الهجرة، مشيرة إلى أن الهجرة غير الشرعية تتجه جنوبا وليس شمالا، وفي الفيلم يقوم رجل يعمل في حرس الحدود برحلة ومحاولة للتخلص من تعذيب الضمير، ولكن جنوبا؛ أي في المكسيك.
الفيلم الرابع: "عصر السخافة" (ذا إيج أوف ستيوبد) (2009):
ويورد المقال أن هذا الفيلم هو عبارة عن دراما وثائقية لفراني أرمسترونغ، وهو دراما مستقبلية عن رجل يتابع لقطات عن كوارث طبيعية بسبب التغير المناخي، ويعيش في عام 2055، أما اللقطات فهي من بداية القرن الحالي، ويتساءل الرجل عن السبب الذي منع العالم من التحرك لمنع هذه الكوارث.
ويذكر الكاتب أنه من اللقطات التي يضمها الفيلم، التي أدت إلى كوارث طبيعية، كازينوهات لاس فيغاس، التي يملك فيها ترامب ناطحة سحاب، مشيرا إلى أن ترامب في هذه النقطة أبدى مواقف مثيرة للقلق من التغير المناخي، ولهذا لم يخصص له إلا عددا من الصفحات في كتابه "أمريكا المشلولة"، ففي الفصل "الكثير من الهواء الساخن" يخلط ما بين صور قيامية من أفلام الخيال العلمي وشهادات من شهود مختلفين، وهو خلاف ما يوجد فيلم أرمسترونغ.
الفيلم الخامس: "بوب روبرتس" (1992):
وبحسب الصحيفة، فإنه في هذا الفيلم، الذي أخرجه تيم روبنز، لا يخوض روبرتس حملة انتخابية للرئاسة، ولكن للحصول على مقعد في الكونغرس عن بنسلفانيا، مستدركة بأن ملامح التشابه واضحة بينه وبين ترامب، فكلاهما درس في الأكاديمية العسكرية، ودرس الاقتصاد، وهما يُعدَّان رجلي أعمال ناجحين، وكلاهما يستخدم فكرة تراجع أمريكا لإشعال حماس المريدين.
ويقول ديكس إنه "لا توجد ضمانة بأن القراءة الترامبية لهذه الأفلام مدعاة للتقدم، خاصة أن ترامب نفسه قدم تفسيراته الإبداعية للأفلام، ففي تعليقات أدلى بها على فيلم (المواطن كين)، قدمها للمخرج الأمريكي إيرول موريس عام 2002، تجنب النظر للفيلم على أنه تصوير للشخصية الاستبدادية، أو النزعة الخطيرة الشعبوية لرجل الأعمال، (وهي النظرة التي يتفق عليها النقاد)، لكن ترامب ركز على الحالة الزوجية المتقلبة لبطل الفيلم تشارلز فوستر كين، وخاطبه قائلا: (ابحث عن زوجة مختلفة)".
ويخلص الكاتب إلى القول: "مرة أخرى عبرت رؤية ترامب عن طموحات الرجل الأمريكي، الذي يخشى من التهديدات التي تقف أمام رجولته".