نشرت صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية تقريرا للصحافية هيلينا سميث، عن أدلة جديدة تشير إلى تعرض اللاجئين العالقين في مخيمات اللجوء في
اليونان لعصابات
مافيا، تقوم باستغلالهم للجريمة والجنس.
وتقول سميث إن اللاجئين واللاجئات، الذين لا يعرفون إلى أن سيذهبون هم ضحية مثالية للجريمة، والمخدرات، والعهر، والاتجار بالبشر، مشيرة إلى أن الأدلة جاءت في وقت تواجه فيه الحكومة اليونانية ضغوطا، بعد الكشف الذي قامت به الصحيفة الأسبوع الماضي عن الظروف المثيرة للقلق في مخيمات اللجوء.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن أثينا أعلنت نتيجة التحقيق الصحافي سلسلة من الإجراءات المشددة، وقالت الحكومة إنها ستنشئ أربعة مخيمات جديدة؛ لتخفيف الضغوط والازدحام في المخيمات الحالية، التي تعد مصدرا للتوتر والمشكلات.
وتنقل الصحيفة عن عمال الإغاثة قولهم إن حوالي 58 ألف لاجئ في اليونان أصبحوا هدفا لمافيات ألبانية ويونانية، لافتة إلى أن هناك قصصا كثيرة عن اختراق المافيات مخيمات اللاجئين لتجنيدهم.
وتورد الكاتبة نقلا عن عاملة الإغاثة الأمريكية المتطوعة في أحد المخيمات في اليونان "إليبدا" (الأمل)، خارج مدينة ثيسالونوكي، نسرين أباظة، قولها: "إن لم يتم عمل شيء لتحسين حياة اللاجئين، واستثمار أوقاتهم بطريقة أكثر إنتاجية، فإنني أتوقع حدوث كارثة كبيرة". وأضافت: "هذه المخيمات تعد أرضا خصبة للإرهاب، والعصابات، والعنف، ويبدو أن العالم نسيهم، ولم يعودوا في عناوين الأنباء، ولهذا لم يعودوا موجودين، لكن الإهمال سيكشف عن الوجه القبيح".
ويلفت التقرير إلى أن اليونان أصبحت أكبر تجمع للاجئين وطالبي اللجوء في أوروبا، ولديها 55 مركزا، بما في ذلك نقاط ساخنة على بحر إيجة المطل على
تركيا، وذلك بعدما أغلقت دول البلقان حدودها؛ لمنع اللاجئين من المرور إلى دول أوروبا الغربية.
وتذكر الصحيفة أن المسؤولين اليونانيين يعبرون في أحاديث الخاصة عن مخاوفهم، في ظل إشارات عن إمكانية انهيار الاتفاق الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي لإعادة طالبي اللجوء الذين فشلت طلباتهم، مستدركة بأنه رغم أن عدد اللاجئين في ذروة الأزمة صيف العام الماضي كان يصل إلى 10 آلاف لاجئ إلى جزيرة ليسبوس في اليوم، إلا أن عدد اللاجئين بدأ بالزيادة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا الشهر الماضي، وتم إنقاذ 260 لاجئا يوم الجمعة قرب الجزر اليونانية، وهو عدد أكثر من المعتاد.
وتبين سميث أن اللاجئين يشعرون بالإحباط؛ نظرا لعدم معرفتهم بما يجري حولهم، ويقولون إنهم أصبحوا هدفا للعصابات الإجرامية، ويقول لاجئ سوري عمره 17 عاما: "لم أعرف عن
المخدرات من قبل، أما اليوم فإنني أتعاطاها". ويضيف: "هذا المخيم مرعب، ونعيش مثل الحيوانات في خيم تحت حر الشمس الحارقة"، مشيرا إلى أن المخدرات هي السبب المؤدي إلى العنف، حيث تندلع المشكلات بين اللاجئين.
وينقل التقرير عن اللاجئ، قوله إن المافيا اليونانية والألبانية تأتي إلى المخيم لنشر المخدرات، واعترف بأنه مول عادته الجديدة من خلال التسلل إلى مقدونيا، حيث اشترى صناديق سجائر وباعها لسكان المخيم، ويقول: "لا توجد شرطة، وهي ترى المخدرات والطعن والمشاجرات، ولا تفعل شيئا، ولا يهتم العالم".
وبحسب الصحيفة، فإن شهادة هذا اللاجئ، التي دعمتها منظمات حقوق الإنسان حول ظروف المخيمات، جاءت بعد إعلان الاتحاد الاوروبي في نيسان/ إبريل عن تخصيص مبلغ 83 مليون يورو لتحسين الظروف في المخيمات، لافتة إلى أن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والهيئة الدولية للصليب الأحمر، وعددا من المنظمات غير الحكومية، حصلت على الجزء الأكبر من المال، وحصلت اليونان على 181 مليون يورو للتعامل مع الأزمة.
وتفيد الكاتبة بأن
الاتحاد الأوروبي اعتبر المساعدات لليونان دليلا مهما على الطريقة التي يرد فيها الاتحاد الأوروبي على التحديات، بحسب مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الإنسانية كريستوس سيلياديس، مشيرة إلى أنه بعد أربعة أشهر من تصريحاته، والكشف عن اتهامات بالاستغلال الجنسي، والجريمة في المخيمات، فإن "هناك أسئلة حول الكيفية التي تم فيها إنفاق المال، وبالإضافة إلى غياب النظافة، والظروف السيئة في المخيمات، وعدم توفر الحماية من الشرطة، فإن هناك حديثا حول فعالية الخدمة الإنسانية".
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى قول الممول الذي أصبح رجل خير، ومول بناء مخيم "إليبدا" عميد خان: "لا يوجد تركيز على البعد الإنساني، بل على الأرقام، ولا أحد هنا يستخدم المال بطريقة فاعلة"، وأضاف خان: "نظام الإغاثة الإنسانية هو ذاته منذ الحرب العالمية الثانية، والسؤال الذي يجب طرحه هو: هل تم استخدام المال الذي منح بطريقة جيدة؟".