بدأت حمى الانتخابات النيابية، المقررة بالجزائر شهر نيسان/أبريل من العام القادم، تظهر أعراضها الأولى لدى الأطياف السياسية في البلاد، وكان افتتاح أشغال الدورة النيابية، الأحد، بمثابة إيذان ببدء مرحلة سياسية جديدة بالجزائر، حتى قبل أن تنتظم الانتخابات.
وقال أحمد أويحيي، الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني الأحزاب السياسية الموالية للسلطة بالجزائر، إنه "لا يجوز أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة، مسرحا للمزايدات السياسية داخل البرلمان".
وأفاد أويحيي الذي يشغل أيضا مدير ديوان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة: "لدينا مخاوف من أن تستغل الانتخابات التشريعية المقبلة، أثناء الدورة البرلمانية، من طرف بعض الأطراف للمزايدة التي لا تخدم مصالح البلاد".
وأوضح أويحيي، المقرب جدا من مراكز صنع القرار بالجزائر، أنه "قصد أحزاب
المعارضة، التي تتحضر لتصعيد موقفها العدائي للسلطة، من منبر البرلمان، علاقة بالأزمة المالية الخانقة التي تعيشها البلاد، حيث تحمل المعارضة، السلطة، مسؤولية تدهور الوضع المالي".
وتخشى السلطة بالجزائر، أن تتخذ تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي المشكلة من خمسة أحزاب معارضة، من قانون الموازنة للعام 2017، وقودا لحملتها العدائية، حيث يتضمن تدابير تشدد أكثر بخطة
التقشف التي بدأ عموم
الجزائريين يتأثرون بها على صعيد القدرة الشرائية.
وقال الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، لدى زيارته محافظة سعيدة، غربي الجزائر، الجمعة: "على الجزائريين أن يطمئنوا.. سنجتاز الأزمة".
ويتضمن قانون الموازنة الجديد، رفع قيمة الضرائب وبعض المواد الاستهلاكية، كإضافة إلى مواد سبق وأن رفعت أسعارها في قانون المالية للعام الجاري 2016، وتسببت بمواجهات مباشرة بين نواب السلطة ونواب المعارضة داخل البرلمان، قبل ستة أشهر من الآن.
واللافت أن تداعيات التشديد في خطة التقشف، ستتجلى أكثر في حملة الدعاية الانتخابية للاستحقاق النيابي المقبل، وهو ما لا تشتهيه
الحكومة، التي أنزلت قانون الانتخابات الجديد للبرلمان، وضمنته تشديدا بشروط الترشح للانتخابات، خاصة ما تعلق بإقصاء ترشح أي حزب لم يحز على أكثر من 4 بالمائة من الأصوات في آخر انتخابات نيابية (تمت العام 2012).
ولم يحضر بافتتاح دورة البرلمان الجزائري، الأحد، أكثر من نصف النواب (عددهم إجمالا 466 نائبا) وخلف تغيبهم حالة من السخط لدى الجزائريين، على اعتبار عدم حضورهم بمثابة "طعن المواطنين الذين انتخبوهم في الظهر".
لكن أغلب النواب المتغيبين، بحسب الإعلامي طاهر غندور "فضلوا العمل خارج البرلمان، لكن هذا العمل لا يخرج عن إطار التحضير للانتخابات والكولسة ونسج خيوط محكمة تأهلهم للبقاء في البرلمان بموجب هذه الانتخابات".
وأضاف غندور في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الاثنين، أن "الدورة النيابية الحالية، وهي آخر دورة بالعهدة التشريعية الخماسية، ستكون بمثابة طاحونة تدور رحاها، بين النواب بصراع من أجل البقاء بالبرلمان والاستمرار بالحصول على الامتيازات التي توفرها الدولة".
وأعطى الإسلاميون المتكتلون في تحالف "الجزائر الخضراء" وهم: حركة مجتمع السلم، كبرى الأحزاب الإسلامية بالجزائر، وحركة الإصلاح الوطني وحركة النهضة، إشارات على أنهم سيخوضون غمار الانتخابات فرادى، عكس ما كانوا عليه خلال
الانتخابات البرلمانية للعام 2012، التي كانت فرصة بالنسبة لهم للتحالف.
ونال الإسلاميون المتكتلون حينها 48 مقعدا بالبرلمان، من مجموع 466 مقعدا، واعتبرت نتيجة الانتخابات بالنسبة لهم، نكسة حقيقية، بعدما رفعوا سقف التفاؤل عاليا، إثر فوز الإسلاميين بالانتخابات بكل من مصر والمغرب وتونس.
ويتهم الشيخ عبد الله جاب الله، السلطة بتزوير نتائج الانتخابات، وتطالب تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، بإنشاء لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات، لكن السلطة ترفض ذلك.
وتتهم حركة مجتمع السلم، السلطة بتقديم قانون للانتخابات على مقاسها، وقال نعمان لعور، نائب رئيس الحركة، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الاثنين: "متخوفون ولهذا التخوف ما يبرره، عندما يتقدم النواب باقتراح 96 تعديلا على القانون، ولا يتم اعتماد أي واحد منها، وعندما نسأل عن أسباب تطبيقه بأثر رجعي إلى غاية انتخابات 2012 فماذا يعني هذا؟ ألا يؤكد وجود نية سيئة لتفصيل نتائج الاستحقاقات القادمة على مقاس أحزاب بعينها؟"، ويقصد بذلك حزبي السلطة، جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي.