كتب الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية أنتوني كوردسمان، تقريرا عن
قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب، الذي أقره
الكونغرس، وينتظر ردا من الرئيس الأمريكي باراك
أوباما.
ويقول الكاتب في تقريره، الذي ترجمته "
عربي21"، إن أوباما يجب عليه استخدام الفيتو ضد هذا القانون، ويجب على الكونغرس التوقف، وعدم تحدي فيتو الرئيس بفيتو آخر، مشيرا إلى أن الرئيس أوباما كان واضحا في أنه سيستخدم حق الفيتو ضد التشريع الذي أقر في 9 أيلول/ سبتمبر، الذي يسمح لعائلات ضحايا 9/11 بمقاضاة
السعودية لأي دور أدته في الهجمات.
ويضيف كوردسمان: "من السهل فهم شعور الغضب لعائلات الضحايا والناجين، ورغبتهم في البحث عن شخص لمعاقبته، وتحميله المسؤولية، وطلب تعويضات عن خسائرهم، لكن من السهل أيضا فهم الدوافع المختلطة للكونغرس، الذي يعيش في ظل الذكرى الخامسة عشرة، وعام الانتخابات، والرغبة بعدم الظهور بمظهر الليونة في التعامل مع الإرهاب".
ويتابع الكاتب قائلا إن "السعودية هي واحدة من أكثر شركاء الولايات المتحدة الاستراتيجيين صعوبة في الفهم، وعادة ما يساء فهم تقدمها وإصلاحاتها وأهميتها الاستراتيجية، ومن السهل التركيز على حقيقة كونها دولة إسلامية في وقت تحتل فيه الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم الدولة، وتنظيم القاعدة، وحركة طالبان، أولويات التفكير، بدلا من التركيز على قضايا الأمن في منطقة الخليج، وحقيقة اعتماد الولايات المتحدة بشكل حيوي على السعودية في كل من التعامل مع إيران، ومحاربة الإرهاب في المنطقة التي يستمد قوته منها".
ويواصل كوردسمان قائلا إن "هذا كله يساعد على توضيح السبب الذي دفع الكونغرس لتمرير قانون قام بشكل فضفاض على 28 صفحة، في تقرير لم يتوصل إلى إدانة الحكومة السعودية، وأنها مذنبة في أي شيء، وتجاهلوا مدى ما يثيره القانون من مشكلات كبيرة تتعلق بالقانون، وتفتح الولايات المتحدة المجال لدعاوى قضائية، وفعلوا هذا دون مناقشة المشروع عندما مرر أولا في مجلس الشيوخ في أيار/ مايو، أو مجلس النواب، الذي مرره في 9 أيلول/ سبتمبر".
ويشير الكاتب إلى أنه "لهذا السبب يفكر الكونغرس بمنع صفقة تسليم أسلحة للسعودية، بعدما حولت الولايات المتحدة المملكة إلى قوة عسكرية إقليمية مهمة، وأصبحت شريكا استراتيجيا رئيسا في الخليج، بعدما باعتها أسلحة بقيمة 152 مليار دولار من السلاح الأمريكي المتقدم، في الفترة ما بين 2001 إلى 2015".
ويعلق كوردسمان قائلا: "قد يكون هناك سبب وجيه بالنسبة للكونغرس والإدارة لإعادة النظر في استراتيجية الولايات المتحدة في منطقة الخليج والشرق الأوسط، خاصة أن قيمة المنطقة الاستراتيجية تتغير، فالاتفاق النووي الإيراني لم يؤد إلى تخفيف التهديد الذي تمثله في الخليج، وتهديدها الصاروخي الذي تمثله على المنطقة كلها، أو تزايد تأثيرها العسكري في العراق وسوريا ولبنان واليمن والمنطقة بشكل عام".
ويلفت الكاتب إلى أن "الحرب ضد تنظيم الدولة ربما حققت انتصارات مهمة في العراق وسوريا، لكن من الواضح أن التهديد الذي يمثله العنف المتطرف والإرهاب سيستمر رغم هذه الانتصارات، ونحن بحاجة إلى استراتيجيات واضحة، وشفافية أكثر، وخطط أوضح، للتعامل مع شركائنا الاستراتيجيين، ونريد إجماع الحزبين، بحيث يثق به حلفاؤنا الإقليميون".
ويبين كوردسمان أنه "لا يمكن أن تقوم هذه الجهود على نظريات مؤامرة فارغة، ومواقف تتعلق بالسياسة المحلية، والإخفاق من التأكد من صدق الحقائق، ولا يمكن أن تقوم على بناء حالة من التفسير السيئ، الذي جاء في 28 صفحة حظرت من تقرير للكونغرس تحت عنوان التحقيق المشترك للكونغرس حول النشاطات الاستخباراتية قبل وبعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 الإرهابية، وصدر في كانون الأول/ ديسمبر 2002، وأعده فريق يعتمد على مصادر محدودة، وجاء قبل ظهور الحقائق".
ومن هنا يرى كوردسمان أن الكونغرس بحاجة لأن يفهم بشكل كامل ومفتوح الآتي:
أولا: اعتماد الاقتصاديات العالمية والولايات المتحدة على التدفق المستقر للنفط من دول الخليج، وأثر ذلك في شركاء الولايات المتحدة الرئيسيين التجاريين في آسيا، وأثره في اقتصاد الولايات المتحدة، رغم الانخفاض المستمر لاستيراد أمريكا المباشر منها.
ثانيا: لم يعثر السجل التاريخي الكامل حول ما حدث في 11/ 9، وتحقيقات "إف بي آي"، والاستخبارات الأمريكية، على أي مشاركة سعودية جادة في 11/ 9.
ثالثا: ظهور السعودية وغيرها من الحلفاء العرب المهمين في النزاع الأوسع ضد الإرهاب والتطرف الإسلامي.
رابعا: الدور الذي تؤديه السعودية في قيادة دول مجلس التعاون الخليجي، والأمن الإقليمي في الخليج ودول الشرق الأوسط، وردع إيران.
ويجد الكاتب أن هذا لا يعني عدم تشجيع الولايات المتحدة السعودية على القيام بإصلاحات بدأت بها، ولا يعني ألا تطلب من السعودية والحلفاء الإقليميين عمل المزيد من أجل مواجهة التطرف العنيف، والدفاع عن نفسها قدر الإمكان.
ويقول كوردسمان إن "آخر ما تريده الولايات المتحدة هو أن تجد نفسها تحارب الإرهاب من خلال تنفير شريك مهم في ذلك القتال، وبشكل متساو ومهم التأثير في جهود احتواء إيران وردعها".
ويختم الكاتب مقاله قائلا: "ترى السعودية أن تصويت الكونغرس قام على فرضية أنها مذنبة قبل أن تثبت براءتها، ومن واجب الولايات المتحدة التأكد من المذنب والبريء، ووضع السجل على حقيقته، كما أن الولايات المتحدة بحاجة للنظر في طبيعة علاقتها مع السعودية، وكون الأخيرة حليفا، وعليه، فإن التركيز على هجمات 11/ 9 لا يكفي".