نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا انتقدت فيه الدراسة التي نشرت أخيرا من قبل بعض المجلات والصحف العلمية، التي تؤكد علاقة مرض
السرطان بالهواتف
الخلوية.
ونقلت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، بعض ما تداولته الصحف العالمية، فقد نشرت صحيفة "تايم" تقريرا بعنوان "دراسة على الفئران تظهر علاقة الهاتف الخلوي بالسرطان"، ونشرت مجلة "آي إي إي إي سبكترم" الأمريكية مقالا بعنوان "دراسة أجريت على الفئران تظهر علاقة إشعاعات الهاتف الخلوي بالسرطان".
واعتبر البروفيسور أرون إي كارول، المتابع لأحدث الدراسات الصادرة حول العالم، أن هذه العناوين مبالغ فيها ولا تعكس الحقيقة، فعمل على تعقبها، مشيرا إلى أن الدراسة المشار إليها في هذه العناوين لم تكتمل، ولم تنشر بعد.
وقال كارول إن الدراسة قامت في الأول بعرض فئران حوامل على أشعة "سي دي أم آي" أو "جي أس أم"/ ترددات الراديو التضمينية، لمدة ثماني ساعات في اليوم لأسبوع كامل، وعند وضع تلك الفئران أخذ الباحثون من كل جنس مجموعة، وعرضوها لنوعين من الأشعة بمستويات مختلفة، ومع نهاية الدراسة اكتشفوا أن ذكور الفئران التي تعرضت لأشعة "سي دي أم آي" لديها مستويات عالية من الورم الدبقي وورم في الأدمغة وورم الشوفاني وورم عصب في قلب.
وأشار إلى أنه "لم يلحظ أي اختلاف لدى الفئران التي تعرضت لأشعة (جي أس أم)، ولكن وسائل الإعلام وجدت أن هذا كاف لتصرح بأن الهاتف الخلوي قد يقتلك، ولكن ليس هذا ما قالته الدراسة".
وأضاف كارول: "إننا متفقون على أن هذه الدراسة أجريت على الفئران، ولكن يجب أن لا ننساق مباشرة إلى استنتاج أن ما يحدث مع الفئران والسرطان هو الأمر نفسه الذي يحدث مع الإنسان".
ولفت إلى أن "معدلات السرطان التي ظهرت على ذكور الفئران غريبة، ولم تظهر على الإناث"، متسائلا: "هل علينا أن نؤمن أن الإناث محمية من إشعاعات الهاتف الخلوي؟".
وتابع: "من الغريب أن ذكور الفئران الموجودة في المجموعة المراقبة؛ عاشت أقل من المتوقع، فهل هذا كاف لنؤمن أن إخضاع إشعاعات الهاتف الخلوي على الفئران يجعلها تعيش أطول؟".
وأوضح أن "معدلات السرطان في فئران المجموعة المراقبة؛ تتطابق مع ما هو متوقع الحدوث مع الفئران عامة، بينما كانت معدلات السرطان لدى الفئران التي عرضت على الأشعة الخلوية أقل بقليل، فهل يجب أن نؤمن أن إخضاعها لأشعة الهاتف الخلوي عالجها من السرطان؟ الإجابة عن كل هذا هو (لا) طبعا، ولكن عناوين الصحف تموه حول تلك النتائج فقط لجذب القارئ".
وأضافت الصحيفة أن البروفيسور كارول أشار إلى أن العينة الصغيرة من الفئران التي خضعت للتجربة؛ كانت المعدلات المنخفضة من السرطان بينها جميعا، وقال: "يجب علينا أن نهتم بصحة النتائج"، مؤكدا أن "هذه الدراسة لا تخضع لسند علمي صحيح".
وبين أن وسائل الإعلام تسلط الضوء على اكتشافات، وتتجاهل اكتشافات أخرى، لافتا إلى أن "هذا الاكتشاف مرعب ومخيف، وهو بالتأكيد سيجذب الكثير من الاهتمام من قبل الرأي العام، ولكن لا يمكن مناقشة دراسة في معزل عن غيرها، فقد أجريت العديد من الدراسات من قبل، ولم تتوصل إلى النتيجة نفسها".
وأكد كارول أن هذه الدراسة منحازة، وتجعل الناس الذين أصابهم خطب ما يعتقدون أن ما أصابهم سببه الهاتف الخلوي، بينما لم تثبت دراسات أكثر مصداقية أية روابط بين الهاتف الخلوي ومرض السرطان.
وذكرت الصحيفة أن عديد المؤسسات العلمية، مثل جمعية السرطان الأمريكية، والمعهد الوطني الأمريكي لعلوم البيئة والصحة وإدارة الغذاء والدواء، اطلعت على ملخص الدراسة، وقالت بعدم توفر الحقائق التي تثبت علاقة السرطان لدى الفئران بأشعة الهاتف الخلوي.
وقالت إن البروفيسور كارول اعتمد في تفنيده لنتائج هذه الدراسة على إحدى الحجج الواقعية، والتي تقول إن 90 بالمئة من سكان أمريكا يستخدمون هاتفا خلويا على الأقل بانتظام، فإن كان هذا سيسبب السرطان لوجدنا أن معدلات مرضى السرطان قد ارتفعت، ولكن الإحصائيات تشير إلى عكس ذلك، فمنذ عام 1980 ومعدلات سرطان الدماغ في الولايات المتحدة في تراجع.
وفي الختام؛ قال كارول: "عند صدور دراسات جديدة؛ يجب أن تدرس على نطاق واسع؛ لرؤية مدى صلابة نتائجها، وأن تقيَّم تحت الضوء، مقارنة بدراسات أخرى موجودة حينها، وأن تكون متقاربة مع بيانات الواقع، حتى يكون لها معنى".