بدا التحرك البريطاني الأخير مفاجئا للنخب
اليمنية، وعلى نحو مثير للمخاوف، فقد أعلن المندوب الدائم للمملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، ماثيو راكروفت، عن اعتزام بلاده تقديم مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في اليمن، ويدعو الأطراف للجلوس إلى طاولة الحوار.
ودعا وزيرا خارجية لندن وواشنطن، بحضور المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، الأحد، الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والحوثيين إلى وقف إطلاق نار غير مشروط خلال أيام، يعقبه العودة إلى المفاوضات.
هذا الموقف الذي تبنته
بريطانيا، وصفه سياسيون يمنيون بأنه يحقق حلم الحوثيين الذي لم يتحقق خلال أربع جولات من المحادثات، وهو "الوقف غير المشروط لإطلاق النار" وهو ما يشير إلى "تراخي المجتمع الدولي في الضغط على الانقلابيين للقبول بالقرارات الدولية، وسط تحذيرهم من سوريا ثانية في اليمن".
تحرك دولي مع تقدم الشرعية
وفي هذا السياق، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، عبدالباقي شمسان إن التحرك البريطاني يأتي في إطار الاستراتيجية الغربية للمنطقة، ومنها اليمن التي تواجه مخطط استنبات الحوثيين كطرف أصيل، إضافة إلى منظومة المخلوع علي صالح، وهذا ما يتم ملاحظته". حسب قوله.
وأضاف في حديث لـ"
عربي21" أن هذا التحرك والضغط نحو الذهاب للمشاورات والتصريح بأن "الحل باليمن سياسي وليس عسكريا"، يأتي تزامنا مع تقدم قوات الشرعية نحو استعادة صنعاء أو في مدن أخرى.
وأشار شمسان إلى أن تحرك لندن يندرج في إطار توزيع الأدوار، حيث يتم التناوب بين وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري وولد الشيخ المبعوث الأممي، وصولا إلى وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون.
ولفت الأكاديمي اليمني إلى أنه يتوجب التعامل مع هذه التصريحات من حيث رؤيتها لحل المسألة اليمنية، والتحرك من قبل السلطة الشرعية ودول التحالف للتأثير على تلك التصورات، بما يحقق أهدافها كاملة أو يحققها إلى حد كبير.
حلم الحوثيين يتحقق
من جانبه، أكد الدبلوماسي اليمني، عبدالوهاب العمراني، أن ما يحلم به الحوثي سيتحقق بما لم تحققه أربع جولات من المفاوضات عقب إعلان واشنطن ولندن "الوقف غيرل امشروط لإطلاق النار"، الأمر الذي سيفضي إلى مسار خطير يكمن في "انسحاب التحالف وتشكيل حكومة يمنية يشارك فيها الحوثي بسلاحه، قبل أي شيء".
وقال في منشور له على صفحته بموقع "فيسبوك" إن ذلك المشروع سيصوت عليه
مجلس الأمن بالإجماع حتما، لأنها إرادة دولية تماما على غرار "توافق روسيا وأمريكا والغرب في الشأن السوري".
وحذر العمراني من "لبننة" اليمن ولن يتوقف الأمر إلى أن يحصل الحوثيون على "الثلث المعطل" على غرار حزب الله اللبناني فحسب، بل سيتجاوز ذلك لجعل اليمن شرطي المنطقة مثل "شاه إيران".
وأوضح الدبلوماسي اليمني أن المساعي دؤوبة لاختزال دور التحالف العربي في "الدمار والفشل" لخلق حالة عداء كامل بين شعوب المنطقة.
كما توقع التئام مجلس الأمن خلال أيام، لإصدار القرار لوقف الحرب في اليمن، وهو ما سيتجرعه اليمنيون مرارة هذه الخطوة تكرس الحرب الداخلية التي تمكن من "حوثنة الدولة" بصورة متسارعة خلال سنوات قادمة.
وأِشار السفير العمراني إلى أن المجتمع الدولي يريد أن تكون اليمن سوريا ثانية، وعلى خلفية قصف الصالة الكبرى المتزامن مع مسلسل الهجمات لثلاث مرات على مدمرة أمريكية دون أن تصيبها، مسرحية مفضوحة.
وتعرضت مدمرة أمريكية لهجوم صاروخي تكرر ثلاث مرات يوم "الأحد والأربعاء والسبت" من منطقة يسيطر عليها الحوثيون قريبة من باب المندب، فيما أعلن الجيش الأمريكي استهداف مواقع رادار تابعة للحوثيين يوم الخميس، بصورايخ موجه من نوع "توماهوك".
تحرك وتراخٍ
بدوره، رأى رئيس مركز "أبعاد" للدراسات والبحوث، عبدالسلام محمد أن تصريحات وزيري خارجية لندن وواشنطن، جاءت بعد مشاورات تمت مع دول التحالف العربي والحكومة اليمنية، وفي إطار هدنة مقترحة 72 ساعة.
وتابع قائلا: هذا التحرك يصب في إطار تطبيق القرارات الدولية ومن ضمنها القرار 2216 الذي يلزم الانقلابيين التراجع عن انقلابهم، وتسليم السلاح للدولة والانسحاب من المعسكرات والمدن، والتحول للعمل السياسي.
لكن محمد استدرك: هناك تراخ من المجتمع الدولي في الضغط على الانقلابيين للقبول بالقرارات الدولية، وهو ما يجعل مثل هذه الهدن فرصة لإعادة الحياة لهم عبر ترتيب أوراقهم، وربما تكرار تجربة هدنة الكويت التي استغلوها للحصول على أسلحة نوعية من بينها صواريخ تم إرسالها للمدن السعودية.
وذكر رئيس مركز أبعاد اليمني أن "الحرب في اليمن لن تخضع لاعتبارات بريطانيا وأمريكا، خاصة أنهما متماهيان أمام طموح إيران في السيطرة على المنطقة، من خلال الفوضى التي تعتمد في إثارتها على مليشياتها، لافتا إلى أن استعادة الدولة اليمنية وهزيمة الانقلاب وبتر أذرع طهران، جزء من الأمن القومي للخليج وللمنطقة".
وفشلت أربع جولات من المحادثات رعتها الأمم المتحدة بين الحوثيين وحزب المؤتمر (جناح المخلوع علي صالح) والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في التوصل لأي اتفاق ينهي الصراع الحالي الذي تسبب في مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص وآلاف الجرحى والمشردين.