اتهم إعلاميون وسياسيون ونقابيون مصريون، الحكومة المصرية بخداع المواطنين، عبر افتعال
أزمة اختفاء
السكر، من أجل رفع سعره، وهو ما نجحت به في النهاية، مضللة الرأي العام بمزاعم كاذبة حول تسبب خلية إخوانية تحمل اسم "السكرية" في الأزمة، علاوة على تركها للمحتكرين الحقيقيين، وإلقائها القبض على مواطنين بسطاء بزعم أنهم تسببوا في الأزمة، بتخزين السكر، والتلاعب بسعره.
وعلق نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي على المشهد بالقول إن الحكومة بذلك تكون قد نجحت، بتلك الحيلة، في رفع سعر سلعة استراتيجية، تحظى بتوفير دعم مالي لها، تمهيدا لتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، من أجل منحها قرض الاثني عشر مليار دولار، الذي تسعى للحصول عليه من الصندوق، خلال السنوات المقبلة، لكنه يشترط تحرير سعر صرف الجنيه، وإلغاء دعم المحروقات، وإلغاء دعم العديد من السلع، التي لم تكن تجرؤ على المساس بها في السنوات الماضية.
وكانت الحكومة قد وصلت بالأزمة إلى مرحلة قطع الطرق، الخميس، بحسب تعبير صحيفة "المصري اليوم" التي قالت: "أزمة السكر تدخل مرحلة قطع الطرق"، مشيرة إلى قيام الأهالي بقطع الطرق في عدد من المحافظات، احتجاجا على عدم توفير السكر، وغيره من السلع التموينية، لهم.
توفير السكر بعد رفع سعره
وبعد أن بلغت الأزمة "حافة الهاوية"، وأصبح المواطن العادي يتمنى الحصول على السكر، بأي سعر، خرج معاون وزير التموين، محمد كمال، بتصريحات، الأحد، أكد فيها أن أزمة السكر ستشهد انفراجة كبيرة خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد رفع معدلات الضخ في المنافذ التابعة للوزارة.
وأضاف، في برنامج "الحياة اليوم"، عبر قناة "الحياة"، أنه تم رفع معدلات الضخ إلى سبعة آلاف طن سكر يوميا، وأن الوزارة ضخت خلال الأيام القليلة الماضية 111 ألف طن، وأنه تم الانتهاء من إجراءات التعاقد على 126 ألف طن سكر، وأن المخزون يكفي حتى شهر شباط/ فبراير 2017.
في السياق نفسه، قال المتحدث باسم وزارة التموين، محمد عسكر، الأحد، إن ظاهرة عدم تواجد السكر في طريقها نحو الزوال، مرجعا ذلك إلى تشديد الرقابة، وزيادة الضخ.
أمين: "لعبة حكومية" وراء الأزمة
وفي المقابل، كشف الكاتب الصحفي محمد أمين، عما اعتبره "مخطط الحكومة لرفع سعر أحد أهم السلع الأساسية والضرورية للمواطن ألا وهي السكر"، مؤكدا أن خدعة حاكتها الحكومة من أجل رسم دور "المنخدع" بجشع التجار وفساد ضمائرهم، في الوقت الذى ظهر فيه دور الحكومة جليا في الوقوف صامتة أمام أزمة الدولار وغيرها، بحسب قوله.
وأشار أمين، في مقاله بجريدة "المصري اليوم"، تحت عنوان "مش انتوا الحكومة؟"، إلى أن القرار الوزاري الصادر من وزير التموين محمد مصيلحي، بشأن قيام منافذ وزارة التموين بتوفير السكر الحر للمستهلك بستة جنيهات للكيلو مع استمرار صرف السكر لأصحاب البطاقات التموينية بسعر خمسة جنيهات للكيلو هو ما كشف "اللعبة الحكومية".
وأضاف أن معنى هذا القرار "أنها كانت لعبة حكومية، وأن الهدف كان رفع السعر، والناس كانت فاهمة الحكاية طبعا.. السكر موجود في المخازن، بس الحكومة عاوزة قرشين.. فكرة عقيمة وموضة قديمة.. لا مقبولة ولا متصورة.. نحرق البلد لنرفع السعر فنقبله صاغرين.. مين يا جماعة بيشير عليكم بكده؟".
وأشار: "الأغرب أن الوزير يبرر ذلك بقوله: إن هدف القرار السيطرة على الأسعار، وضبط الأسواق، والحد من عمليات التهريب والاحتكار، والتلاعب بالأسعار.. وأسأل الوزير مصيلحي بكل صراحة: يا بيه مش إنتوا عارفين التجار، وعارفين فين الاحتكار؟.. يا بيه مش إنتوا الحكومة برضه، ولا أنا فاهم غلط؟".
واستطرد الكاتب: "من يمارس الاحتكار، هناك قانون يحاكمه.. يا بيه مش إنتوا الحكومة، اللي عارفة القرد مخبي ابنه فين؟.. معقول مش عارفين المهربين؟ معقول مش عارفين المحتكرين؟ أومال فين الأجهزة الأمنية والرقابية والمباحثية؟ الناس بتقول: اللي حصل تمثيلية".
وأضاف أمين متسائلا: "هل عجزت الدولة بجلالة قدرها عن ضبط الأسواق قبل زيادة الأسعار؟، وهل هي الآن قادرة بقدرة قادر على الحد من التهريب والاحتكار بعد القرار بزيادة الأسعار؟ وهل سيظهر الاحتياطي بعد القرار الوزاري، أم ندوخ السبع دوخات في المجمعات على كيلو سكر؟ هل ستعرفون الآن المحتكرين والمتلاعبين بالأسعار؟ هل سيتم إغراق الأسواق الآن؟.. يبقى الحكاية بانت، وعرفنا سر الأزمة".
واختتم مقاله محذرا: "إلا رغيف الخبز والسكر.. العبوا في أى شيء إلا هاتين السلعتين.. أيوه الحكاية كانت لعبة، وكانت تمثيلية.. كانت عملية جس نبض بالدم.. كادت تنتهي بحرق مصر، لا قدّر الله.. خرجت منها الحكومة كسبانة، وخرجت منها الحكومة بزيادة السعر.. فهل ستضبطون الأسعار الآن؟ وهل ستعرفون المهربين والمحتكرين؟"، وفق تساؤلاته.
شعبة المواد الغذائية: الحكومة سبب الأزمة
وغير بعيد، طالب رئيس شعبة المواد الغذائية، أحمد يحيي، الحكومة، بإعلان سعر السكر في المصنع لمنع استغلال التجار، مؤكدا أنه لم يتم التعامل مع أزمة السكر بشكل فوري من جانب الحكومة مما تسبب في ارتباك السوق.
وأضاف، في لقائه مع برنامج "الحياة اليوم"، عبر فضائية "الحياة"، مساء الأحد، أن أسعار السكر ارتفعت خلال الشهرين الماضيين لأسباب غير معروفة برغم أن 80% إنتاج محلي.
أبو عيطة: النظام متواطيء مع المستوردين
ومن جهته، أكد وزير القوى العاملة الأسبق، كمال أبو عيطة، أن الأجهزة الرقابية تعلم أماكن تخزين المستوردين للسكر، لكنها تغمض عينيها، وتشارك في زيادة الأزمة بصمتها عن ازدياد سعر السكر.
وقال إن الأمر الذي يجب على الدولة أن تبتعد عنه هو الاهتمام بمستوردي السكر الذين وصفهم بـ"المافيا"، وأن تهتم بتنمية الفلاح ومساعدته في زراعة البنجر والقصب، كي يوفر احتياجات المواطنين من السكر، مستنكرا الحديث عن أن السكر سلعة غير ضرورية.
وأكد أبو عيطة، في تصريحات لصحيفة "البداية"، أن السكر "سلعة استراتيجية وتحدث عنها رؤساء حكموا مصر كالسادات وعبد الناصر"، مشيرا إلى أن الأخير "غير حكومة كاملة عشان زودت سعر السكر تعريفة".
وأضاف أن مصر لا تعاني من أزمة في إنتاجها المحلي من السكر، وأن الأزمة متعلقة باستغلال مستوردي السكر، حيث قاموا باستيراد الكميات الكافية لاحتياجات السوق المحلية، لتعطيش السوق، ثم ضخ الكميات بأسعار يتم تحديدها فيما بين كبار التجار والمستوردين.
وأشار إلى أن كل ما ذكره تعلمه الرقابة والمسؤولون جيدا، وأنه يتم برعايتهم ومباركتهم لهذه الظاهرة؛ وأنها ليست فسادا، وإنما هى "مافيا" القضاء على المواطنين، وهي جزء من مافيا الفساد في قطاعات عدة بالدولة، وغير مقصورة على السكر فقط.
الإلهاء بخلية "السكرية" الإخوانية
وكان النائب العام، المستشار نبيل صادق، أمر، الأحد، بحبس ثلاثة أفراد قامت قوات أمن القاهرة باعتقالهم، بدعوى أنهم من الإخوان المسلمين، وأنهم قاموا بتأسيس خلية تحمل اسم "السكرية"، وذلك مع ضبط وإحضار آخرين، بتهمة تورطهم في تأسيس خلية لجمع السكر والأرز وبعض السلع الاستراتيجية من الأسواق بهدف إثارة الرأي العام.
وذكرت تقارير إعلامية أن تحقيقات النيابة العامة كشفت ضلوع أفراد الخلية في تشكيل مجموعة عمل حملت اسم "السُكرية"، وتولت مهمة تنفيذ تكليفات قيادات تنظيم الإخوان، بشراء كميات كبيرة من السكر والأرز، بأسعار مرتفعة، لزيادة أزمة نقصها في الأسواق.
اعتقال مواطن بتهمة حيازة 10 كيلو سكر
وأثار الجدل أيضا.. قرار نيابة مصر الجديدة إخلاء سبيل عامل بكفالة ألف جنيه بعد اتهامه بحيازة عشرة كيلوغرامات من السكر، بهدف احتكار السلعة، والتربح منها.
وأشارت تحقيقات النيابة إلى أنه في أثناء مرور قوة أمنية لتفقد الحالة الأمنية بميدان مصر الجديدة، لاحظت حمل أحد الأشخاص كمية من السكر متوجها بها لإحدى المحلات، عقب عبوره الطريق.
وأضافت أن القوة تحركت نحوه، وبمجرد شعوره بها، حاول الإسراع بالدخول للمحل، وعند اقترابها منه عثرت على عشرة كيلو جرامات من السكر، بهدف احتكارها، وحبسها عن التداول، بدون فواتير. لكن محاميه قال إن موكله يمتلك مقهى يعمل فيه المتهم، وفجأة دخل عليه أحد الضباط المكلفين بالتأمين، وعثر على لفافة تحتوي على عشرة كيلو من السكر، مشيرا إلى أن العامل يستخدمها في أثناء عمله.
سخرية النشطاء وتعليقاتهم
وسخر نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي من خلية "السكرية"، واعتقال عامل المقهى.
وسخر أحدهم بالقول: "أحب أضيف لمعلومات سيادة النائب العام أن فيه خلية تانية بتخطط لجمع الدقيق اسمها الدقيقية.. وخلية بتخطط لجمع الملح اسمها الملحية .. وخلية كمان بتخطط لجمع المكرونة بتقعد في مقهى المكرونية.. ولسه".
وقالت شمس محمد: "خبر عاجل.. القبض على مواطن بحوزته رواية باسم السكرية.. ويشتبه في ضلوعه بأزمة السكر في مصر".
وعلق رجب رزق: "علشان يحبكوا التهمة كان لازم يقولوا عشرة كيلو سكر معدة للتحلية.. كده الراجل هياخد براءة من أول جلسة.. علشان فيه خطأ في الإجراءات".
وقال أنس زكي: "قهوجي معاه عشرة كيلو سكر؟ إيه الإجرام ده؟ طيب يشيل حتة حشيش مثلا عشان يبقى في الأمان".
وتهكم أحمد مصطفى: "جميع أعضاء الخلية بيشربوا الشاي سكر زيادة".. فيما قال محمود عثمان: "حالة سُكَر بين".
وأخيرا، ألمح محمود الكاشف إلى السيسي وحكومته بالقول: "يا ريت يقبضوا على خلية الحمورية المكون من 23 وزعيمهم.. دول سبب كل أزمات مصر.. وللعلم مكانها معروف لكل المصريين.. ودي بقى اللي الإعدام فيها حلال وبدون محاكمات والكل يؤيد ذلك".
وكانت أسواق التجزئة ومنافذ التموين قد شهدت أزمة طاحنة في توفير السكر بمصر للمواطنين، طيلة الأسابيع القليلة الماضية، مما جعل سعر الكيلوغرام منه، يرتفع من خمسة إلى عشرة جنيهات (نحو نصف دولار إلى دولار أمريكي).
واكتفت جمعية "مواطنون ضد الغلاء" بتدشين حملة لترشيد استهلاك السكر، تحت اسم "ملعقة سكر كفاية"، فيما استهجن رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في خطابه الأخير، قبل أيام، شكوى المصريين من نقص كمياته.