تضاربت الأنباء والروايات حول ما حدث في العاصمة الليبية
طرابلس، اليومين الماضيين، من
اشتباكات دامية بين عدة كتائب، أسقطت ما يقرب من 10 قتلى، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، لتشهد المدينة بعدها هدوءا حذرا، على إثر تدخل أعيان من مدينتي مصراتة وترهونة للتهدئة.
وبحسب شهود عيان ومصدر أمني ليبي؛ فقد رصدت "
عربي21" ثلاث روايات للأحداث وأسبابها، الأولى أن سبب الاشتباكات "اغتيال الداعية الليبي
نادر العمراني"، ما دفع كتيبة تابعة لشخص يدعى غنيوة الككلي، مقرها حي أبوسليم بطرابلس، مدعومة بكتيبة ثوار طرابلس، وقوة الردع الخاصة، للهجوم على كتيبة "الإحسان" التابعة لطارق درمان، ومقرها منطقة غابة النصر، كون الكتيبة كشفت عن الشخص الذي قتل العمراني، وهو ما أكده درمان خلال مداخلة مع قناة "التناصح" الليبية مساء الجمعة الماضي.
والرواية الثانية، تقول إن سبب الاشتباكات هو "
اتفاق الصخيرات"، حيث إن الكتائب الثلاث نفسها، غنيوة وثوار طرابلس والردع، هاجمت عناصر كتيبة درمان ومن يؤيدها لأنهم يرفضون الاتفاق السياسي، محاولة الاستيلاء على مقرات الكتيبة، إلا أنها لم تنجح في ذلك، بحسب مصدر أمني طلب من "
عربي21" عدم ذكر اسمه "لخطورة الموقف".
وأما الرواية الثالثة، فتقول إنها مجرد اشتباكات من أجل السيطرة والنفوذ، بين مؤيدين لحكومة الوفاق الوطني، ورافضين لها، وتوسعت رقعتها بسبب "مجاملة" الكتائب لبعضها، بحسب مصدر مطلع لـ"
عربي21".
وأثارت الاشتباكات الأخيرة عدة تساؤلات حول هوية المسيطر الحقيقي على العاصمة الليبية.. وأين الحكومة ورئاسة الأركان في طرابلس من هذه المجموعات المسلحة؟ وهل ستؤثر هذه الفوضى على العمليات الدائرة في مدينة سرت ضد تنظيم الدولة؟
حالة ترقب وتنافس
وقال الضابط في رئاسة الأركان الليبية بطرابلس، العقيد عادل عبد الكافي، إنه "في ظل وجود تشكيلات مدججة بالسلاح الثقيل؛ فستظل العاصمة فى حالة معارك مؤجلة"، مؤكدا أن "الانقسام العسكري سببه وجود حكومة الوفاق في طرابلس، حيث توجد مجموعات مؤيدة لها تؤمّن تحركاتها، وأخرى رافضة لوجودها في العاصمة، وغير معترفة بها".
وأضاف عبدالكافي لـ"
عربي21" أن "محاولة إدخال العاصمة في فوضى عسكرية أمر مستبعد، وخاصة بعد صدور بيان موحد من معظم التشكيلات العسكرية التي تشارك في عمليات
البنيان المرصوص، شددت فيه على أنها ستقف ضد كل من يهدد أمن العاصمة، وهذا يؤكد أن ما حدث لن يؤثر على معارك سرت".
من جهته؛ قال أستاذ علم الاجتماع السياسي الليبي، رمضان بن طاهر، إن "خلفية المعارك الأخيرة تعود بشكل أساسي إلى وجود طرفين متنافسين داخل العاصمة؛ هما حكومة السراج، وحكومة الغويل، حيث يحاول كل منهما السيطرة على المواقع الحيوية في العاصمة لتحسين موقعه التفاوضي".
وبخصوص موقف الكتائب المحاربة في سرت من الوضع بالعاصمة؛ أوضح ابن طاهر لـ"
عربي21" أن "كتائب البنيان المرصوص لن تشارك في حالة الانقسام، ولكنها ستقوم بوضع خطة لما بعد تحرير سرت تتضمن تأمين العاصمة، ومن ثم سيكون لها دور وكلمة في حسم الأمر".
تصفية حسابات
من جهته؛ أكد الباحث السياسي الليبي، نزار كريكش، أن "ما حدث في طرابلس هو تصفية حساب انتقلت بعد ذلك لقياس توازن القوى".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "المتقاتلين يتبعون لوزارة الداخلية، ما يوضح أبعاد هذه المعضلة، وهي وجود هياكل بلا تسلسل إداري يضمن صناعة قرار تؤول لسلطة واحدة".
وتابع كريكش بأنه "إذا استطاع المجلس الرئاسي الاستفادة من الانضباط العملياتي لقوات البنيان المرصوص؛ فإنه يمكن أن ينجح في إيجاد قوة تنضبط برؤية أوسع للدولة، وهنا ستكون المهمة الأصعب، وهي التسريح والدمج باستخدام قوة ناعمة، وأخرى قاسية، لكن ذلك كله يفتقد إلى قيادة تملك من المعرفة والحزم ما يحقق الاستقرار".
أما الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية، عبدالله الرفادي، فقال إنه "لا أحد يسيطر على العاصمة الآن، فهناك توازن قوى بين التشكيلات الموجودة"، مؤكدا أن هناك "تهويلا لما حدث مؤخرا بطرابلس، في محاولة لإظهارها في ثوب الفوضى وعدم الاستقرار".
وأضاف لـ"
عربي21": "لن يكون لهذه المناوشات أي تأثير على سير العمليات العسكرية في سرت، كون المعارك هناك شبه محسومة، والإعلان عن انتهاء تنظيم الدولة مسألة وقت".