بعد غياب إعلامي طويل لهذا التنظيم بالتّوازي مع حضور
تنظيم الدولة، جاء إصدار تنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي"، ليشكل ردا على تصريحات الحكومة في
تونس عن القضاء على كتيبة عقبة بن نافع، المتمركزة في مُرتفعات الشعانبي وجبل سمّامة، على الحدود التونسية الجزائرية.
ونشر التسجيل المصور لتنظيم
القاعدة، ومدته 50 دقيقة، على "يوتيوب"، يوم الجمعة الماضي.
وأهدت "مُؤسّسة الأندلس" التي أشرفت على إنتاج الفيديو، الذي جاء في شكل شريط وثائقي بجودة تصوير ومونتاج عالية، هذا الإصدار؛ لمن أسمتهم "شباب تونس التواق لنصرة الدين" و"أسرى وأسيرات التوحيد"، بالإضافة "لحرّاس كتيبة عقبة بن نافع".
محاولة لإعادة الظهور
وفي تعليقه على الإصدار، قال طارق الكحلاوي، الرئيس الأسبق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، إنه أطول فيديو حول كتيبة عقبة بن نافع، مشيرا إلى أن ذلك فيه "محاولة واضحة للترويج للكتيبة على أنها الطرف
الإرهابي الأساسي في تونس، في مقابل تراجع المجموعات المرتبطة بداعش".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الفيديو بحث عن التأكيد - بعكس التصريحات الرسمية - على أن كتيبة عقبة بن نافع لم تنته، وأنها لا تزال تقوم بأنشطتها الإرهابية، خاصة في جبل سمامة، من خلال عرض مقاطع فيديو جديدة لم تنشر من قبل حول عمليات قامت بها المجموعة ضد أجهزة مختلفة من جيش وحرس وطني وحرس ديواني".
وحول ما إذا كان توقيت الفيديو مُرتبط بمُحاولة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب استثمار تراجع داعش، قال الكحلاوي إن "تموقع كتيبة عقبة بن نافع سابق على وجود داعش".
وأشار إلى أن أسلوبها استمرار لتكتيك القاعدة الخاص بتونس، "وهو تكتيك أقل استعراضية بالمُقارنة مع أساليب تنظيم الدولة، وأكثر ارتباطا بمنهجية حرب العصابات، بالإضافة للحفاظ على معسكرات إرهابية صغيرة وخفيفة للحفاظ على قدرة الحركة، والقيام بكمائن مفاجئة في مناطق جبلية قريبة من الحدود مع الجزائر، وبالتالي يمكن إسنادها بشكل مستمر من قبل الممثل الرئيسي للقاعدة في المنطقة، أي شبكة القاعدة في الجزائر عبر الإسناد اللوجستي وعلى مُستوى الخبرات"، وفق قوله.
وينطلق الإصدار بمُهاجمة الجيوش العربية والإسلامية، واصفا إياها "بالسيف المُسلّط على رقاب المُسلمين المُستضعفين في يد أذناب المُحتل".
وحوى الفيلم مقاطع الانتهاكات التي تعرّض لها المسجد الأقصى من طرف قوات الاحتلال، وضحايا القصف الذي تتعرض له بنغازي وأفغانستان وسوريا.
وضمن "البعد التحريضي" للإصدار، وظف الفيديو مقاطع صوتية لأبي عياض وأسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأبي مصعب عبد الودود، بالإضافة لفتاوى منسوبة للعلامة التونسي الطّاهر بن عاشور، تصُب كلها في ضرورة رفع السلاح في وجه الدولة وجيشها.
وركز الفيديو على ما أسماه "جانبا من يوميات مُجاهدي كتيبة عقبة بن نافع"، ليُظهرهم في شكل دعائي وهم ينحرون الخراف ويقيمون حفلات الشواء والأكل في الجبال.
وتوجّهت بعض عناصر الكتيبة، وهم بحسب ملامحهم لم يتجاوزوا العشرين من العمر، بكلمات يتوعّدون فيها الجيش التونسي، ويدعون فيها "إخوانهم" للثبات و"نبذ الفرقة".
ونقل الإصدار تفاصيل إحدى العمليات التي استهدفت مُدرّعة تابعة للجيش التونسي في جبل سمّامة، بداية بالرّصد ثُمّ تحضير العبوة النّاسفة فالتنفيذ، بالإضافة لعمليات سابقة استعملت فيها الألغام الأرضية وتم توثيقها.
التداعيات المُمكنة
ويقول الكحلاوي: "من الواضح أن التخلص من لقمان أبي صخر لم يؤد إلى وقف هذا التواصل والتدفق، حيث يمكن أن نميز في الفيديو وجوها وأصواتا ذات علاقة بالتنظيم الجزائري".
وحول التغييرات المُتوقّعة في أسلوب كتيبة عقبة بن نافع، أوضح الكحلاوي لـ"
عربي21"؛ أن التغيير الوحيد الممكن في المُستقبل المنظور سيتعلق بتصعيد ممكن في عملياتها، وهو ما أشار إليه الفيديو، وفق تحليله.
وأكد الكحلاوي ضرورة توقع استتباعات تشتت قوات تنطيم الدولة في ليبيا، خاصة بعد دحرها في سرت في إطار عملية البنيان المرصوص.
وأشار إلى أنه "من المتوقع أن تلجأ عناصره (تنظيم الدولة)، وكثير منهم تونسيون، لعمليات سريعة وغير منظمة في شكل انتقامي من باب رقصة الديك المذبوح، ويمكن أن يشمل ذلك تونس"، وفق تقديره.