قالت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها إن سقوط
حلب بات وشيكا، حيث استعادت القوات الموالية للحكومة معظم المناطق التي كان يسيطر عليها
الثوار خلال أيام.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إن "سقوط حلب سيكون بداية النهاية للثوار السوريين، الذين دخلوا المدينة عام 2012 محتفلين باحتمال الإطاحة برئيس النظام السوري بشار
الأسد، لكنهم شاهدوا الهزيمة في الأشهر الأخيرة تقترب لا محالة، فمع الغارات الجوية الروسية، وقرار الدول الغربية بألا ترد عسكريا مع ضعفها الدبلوماسي، وقرار تركيا وغيرها العودة عن محاولات الإطاحة بالأسد، وفوق هذا كله كان انتخاب دونالد ترامب بدلا من هيلاري كلينتون يشير إلى اتجاه واحد".
وتشير الصحيفة إلى أن "عشرات الآلاف من الناس لا يزالون محاصرين في شرق حلب، وليس لديهم سوى القليل من الماء والطعام والمأوى، ولم يتبق مستشفيات، وعانت المدينة من أهوال عظيمة، فتحولت إلى (مقبرة ضخمة) و(مكان يوحي بنهاية العالم) و(عار على هذا الجيل)، وأعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هذا الأسبوع عن قلقه بخصوص التقارير التي تشير إلى أن مئات الرجال اختفوا بعد الفرار إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وعن قلقه أيضا تجاه ادعاءات بأن المجموعات الجهادية منعت المدنيين من مغادرة المناطق التي يسيطرون عليها، وادعاءات بقيامهم باختطاف أو قتل الأشخاص الذين يطالبونهم بالانسحاب من مناطقهم".
وتجد الافتتاحية أنه "حتى في حرب أثبتت أنها غير قابلة للتنبؤ بالنتائج، فإنه يبدو أنه سيكون من الصعب على الثوار أن يعكسوا خسارتهم، عندما لا يبدي مؤيدوهم مؤشرات حتى على الإبقاء على مستوى الإمداد ذاته، ويمكنهم التوقع بأن ما بقي لهم من جيوب ستتم مهاجمتها، لكن كما أكد المبعوث الأممي ستيفان دميستورا يوم السبت، فإن سقوط المدينة لن ينهي الصراع في
سوريا، الذي استمر لما يقارب الست سنوات، وذهب ضحيته مئات الآلاف، وأدى إلى نزوح نصف السكان، البالغ عددهم 22 مليونا".
وترى الصحيفة أن "انتصار الأسد في حلب سيعني سيطرته على الخمس مدن الرئيسة في سوريا، لكن ذلك يشكل ثلث مساحة سوريا فقط، ولا يزال تنظيم الدولة يسيطر على معظم شرق سوريا، وعاد واحتل تدمر نهاية هذا الأسبوع، في معركة تظهر مدى الضغوط التي تواجهها حكومة النظام السوري، التي تعتمد على قوة الطيران الروسي، ويسيطر الأكراد على مساحات واسعة شمال شرق سوريا، ويهيمن على الثوار في محافظة إدلب على الحدود مع تركيا الإسلاميون المتشددون، ويسيطر الثوار على مناطق متناثرة في جنوب سوريا، ومن غير المرجح أن يستطيع النظام إعادة السيطرة على كثير من الأراضي التي خسرها، ويمكنه توقع حرب عصابات تستهدف الأماكن التي يسيطر عليها، رغم اعتقاد الأسد بأنه قادر على العيش حتى مع تمرد ممتد في المناطق النائية".
وتلفت الافتتاحية إلى أن "الأسد مدين في بقائه في الحكم لكل من
روسيا وإيران، وليس لقواته العسكرية العاجزة والمنهكة، إن القوى التي تكسب الحرب لصالحه هي التي تحدد ماذا يحدث مستقبلا أيضا، وروسيا لا ترغب في أن تبقى عالقة في سوريا، وعقدت مفاوضات مع الثوار في تركيا، وسواء تبين أن هذه المفاوضات جادة أم غير ذلك، فإن إيران والأسد لهما أجندة مختلفة: وهي حل عسكري وليس سياسيا، فإيران تريد أن تؤمن هلال سيطرتها عبر المنطقة".
وتنوه الصحيفة إلى أن "موسكو وطهران لا تملكان لا المال ولا الرغبة بعمليات إعادة بناء ضخمة، التي ستعاني على أي حال من العنف الدائر، واقتصاد سوريا في حالة من الدمار، كما هو حال أجزاء كبيرة من المدن، والفقر والاضطرابات، وتفكك الدولة، وظهور أمراء الحرب، وهزيمة الثوار المعتدلين، ووجود المليشيات الشيعية التي تدعمها إيران، خاصة عندما يتسبب على المدى الطويل بتشريد المجتمعات السنية، والكراهية التي خلقتها هذه الحرب الهمجية، ذلك كله يتوقع أن يزيد من التطرف".
وتفيد الافتتاحية بأنه "حتى في الوقت الذي يواجه فيه تنظيم الدولة ضغطا عسكريا متزايدا، فإنه سيستطيع هو والمجموعات الجهادية الأخرى أن تصور للمجتمع السني بأنها هي المدافعة عنه، وأنه لا يمكن الاعتماد على الدول السنية كالسعودية، ولا على الدول الغربية، مهما كانت الوعود التي أخذتها على نفسها".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "التداعيات المحتملة في منطقة مضطربة واضحة، (فبغض النظر عمن قام بتفجيري السبت في اسطنبول، فما يقف وراءهما لم تتم صياغته، ولن يتم علاجه داخل الحدود التركية تماما). لكن ستشعر بها أوروبا، القلقة أصلا تجاه أمنها، والحريصة على وقف تدفق اللاجئين، لكن أسوأ مأساة لحلب هو أن معاناة السوريين لن تشارف على الانتهاء عندما يتوقف القتال هناك".