قلّل الحزب التقدمي الاشتراكي من أهمية الهجوم الذي يشنه رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام
وهاب على زعيم الحزب وليد
جنبلاط.
واعتبر الحزب الاشتراكي في تصريحات خاصة لـ"عربي21" عبر مفوض الإعلام رامي الريس، أن الحزب ورئيسه "ليسا بحاجة إلى شهادة من أحد"، مقللا في الوقت عينه من أهمية الاستعراض "شبه العسكري" الأخير لسرايا التوحيد، التابعة لوهاب، في منطقة الجاهلية بجبل
لبنان".
وكانت "سرايا التوحيد" التابعة لوهاب؛ قد استعرضت قوتها من دون أسلحة، في مهرجان ضخم، بحضور ممثلين عن حزب الله، قبل ثلاثة أسابيع.
وشنّ وهاب، المدعوم من حزب الله، هجوما جديدا على جنبلاط، الأحد، متهما إياه بأنه فشل في رهاناته ومن بينها بشأن "انتصار بشار الأسد"، كما قال.
ولفت وهاب في حديث تلفزيوني إلى أن "انقطاع علاقته بالنائب جنبلاط سببها قضية بهيج أبو حمزة الذي أصبح ضحية القضاء والفساد المستشري فيه"، داعياً "الرئيس العماد ميشال عون الى التدخل لحماية القضاء من الفساد"، على حد قوله.
وكان بهيج أبو حمزة أحد أبرز المقربين من جنبلاط، قبل أن تسوء العلاقة بينهما، على خلفية تهم فساد وجهها القضاء اللبناني إلى أبو حمزة.
وتعد الطائفة الدرزية أقلية في لبنان، حيث لا تتجاوز نسبتهم 6 في المئة من سكان لبنان بحسب إحصائيات متطابقة. ويعد الحزب الاشتراكي الأكثر حضورا وتمثيلا للرأي العام الدرزي، بحسب ما عكسته نتائج الانتخابات المتعاقبة في فترة ما بعد الحرب الأهلية، بدءا من الانتخابات النيابية عام 1992.
الواقع السياسي الدرزي
وعن الواقع السياسي للطائفة الدرزية في لبنان، أكد الريس أن "التنسيق قائم بين الحزب الاشتراكي ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، حول ملف تأليف الحكومة وسائر الملفات الوطنية، وأيضا الأمور و القضايا المتعلقة بشأن الطائفة الدرزية".
وحول التباينات الحاصلة بين أقطاب السياسة الدرزية في لبنان، حول الكثير من الملفات، رأى الريس أنه "ليس من الضرورة التطابق على مختلف الأمور"، مشيرا الى أن "توافقا كبيرا حاصل في كثير من الملفات"، كما قال.
وحول الاتهامات التي توجه إلى جنبلاط بأنه يحاول الهيمنة المطلقة على القرار الدرزي، أشاد الريس بمبدأ تعدد وجهات النظر، وقال: "نحن حريصون على وجود تنوع في قرار الجبل (يقصد به القرار الدرزي) على جميع الأصعدة".
أرقامنا ترد على الاتهامات
وحول الهجوم الأخير للوزير وئام وهاب على وليد جنبلاط، قال الريس: "الحزب التقدمي الإشتراكي وجنبلاط ليسا بحاجة إلى شهادة من أحد، فأعمالهم ومواقفهم على المستوى الوطني، وما يبذلونه من أجل الجبل يتحدث عنهم"، وفق قوله.
وحول الاستعراض العسكري الأخير لسرايا التوحيد التابعة لوهاب، رفض الريس "إعطاء الأمر أكثر من حجمه"، مشيرا الى أن الحزب يكتفي برد "جنبلاط والذي جاء على على طريقته"، على حد تعبيره.
وكان جنبلاط قد غرّد عبر تويتر بعد الاستعراض؛ قائلا: "جلسة تأمل تصاعدي بالرغم من بعض الضجيج المختلق وسهام ورقية طائشة". ورد عليه وهاب بتغريدة أخرى جاء فيها: "نمور كرتونيه لا تستأهل أكثر من صواريخ ورقيه".
وبشأن الاتهامات التي كالها وهاب لجنبلاط، بأنه لا يعمل من أجل صالح أبناء طائفته، اعتبر الريس أن "النائب وليد جنبلاط قلّ ما لجأ إلى أسلوب نشر الوقائع والأرقام والمعطيات والملفات التي تظهر مستوى الخدمات التي قدمها، وما زال يقدمها، بالتوازي مع جهود الحزب التقدمي الاشتراكي في مختلف القرى والبلدات"، بحسب تعبيره.
وأردف: "جنبلاط يعتبر ما ينجزه جزءا من الواجب، وهو بالتالي لا يستخدمه كمنّة على أحد"، موضحا أن "البعض حاول استغلال عدم نشر أرقام وحجم المنجزات المقدمة لأبناء الجبل، ليوحي بتراجع الاهتمام الخدماتي بالقاعدة الشعبية في الجبل"، كما قال.
وأشار الى أن "جبل لبنان ليس جزيرة معزولة عن باقي الوطن، فإذا كان ثمة تقصير في مجال معين فهذا من واجب الدولة اللبنانية أولا، فلا يستطيع الحزب ولا أي مرجعية سياسية أن يحلّ مكان الدولة".
واستشهد الريس بما نشرته جريدة النبأ، الالكترونية التابعة للحزب التقدمي الاشتراكي من "أرقام ومعطيات تظهر مستوى التقديمات الإنسانية والاجتماعية والاستشفائية التي يقدمها النائب وليد جنبلاط، ومن بينها مؤسسة تحمل اسمه للدراسات الجامعية، تقدم مساعدات مالية للطلاب بما يوازي مليونا ومئتي ألف دولار سنويا، وهي دعمت لغاية الآن 15 ألف طالب جامعي"، وفق الصحيفة.
من يمتلك القوة درزيا؟
من جهته، شدد الكاتب والمحلل السياسي، وليد عربيد، على أن القوتين الرئيسيتين في الطائفة الدرزية تتمثل "بالحزب التقدمي الإشتراكي بزعامة جنبلاط والحزب الديمقراطي بقيادة أرسلان، فيما يبحث وئام وهاب عن موقع له في الخارطة القيادية للطائفة الدرزية".
وعبّر عربيد عن تخوفه من "محاولة وهاب ربط الواقع الدرزي بأماكن تواجد الطائفة في سوريا وفلسطين"، معتبرا "أن الطائفة الدرزية وقيادتها ترفضان خوض العمل العسكري لأنه لا يخدم
الدروز، إلا إذا كان الأمر يهدد بيوتهم وقراهم، وفي هذه الحالة تكون الصورة واضحة بأنها للدفاع عن النفس"، بحسب تعبيره.
وانتقد عربيد استعراضات وهاب شبه العسكرية، وقال: "بإمكان الجميع الحشد، لكن ذلك لا يعكس ميزان القوى"، وفق قوله.
وعن رؤيته تجاه ما يسمى بالصراع الدرزي القائم، قال عربيد: "أنا علماني ولا أدعو الى الدرزية السياسية، بل أدعو الى استراتيجية بناء الوطن وليس الطوائف"، على حد تعبيره.
واعتبر عربيد أن من حق وهاب كأي شخصية سياسية أخرى أن يكون له مواقف من الأحداث والمستجدات السياسية والاجتماعية، وحتى الاقتصادية"، لكنه "اعتبر أن جنبلاط يبقى الأقوى على المستوى الدرزي، مع حضور قوي أيضا لأرسلان، فيما يعرف بالثنائية الدرزية التي تمثل تسعين في المئة من الرأي العام للطائفة الدرزية، وهناك 10 في المئة تتوزع بين الحزب القومي السوري والقياديين الدرزيين فيصل الداود ووئام وهاب"، بحسب قول عربيد.
ورأى عربيد أن الدروز عموما يعيشون في "ظل أزمة الواقع اللبناني، وهو ما يتطلب منهم أن يحافظوا على مكانتهم باعتبارهم أقلية، كما في فلسطين وسوريا".