نشر موقع ميدل إيست آي البريطاني مقابلة مع مستشار روسي لمبعوث الأمم المتحدة في
سوريا، حيث قال إن بلاده أخبرت بشار الأسد بأنه لا يمكن فرض حل عسكري في سوريا، على الرغم من إعلان النظام السيطرة على القسم الشرقي من حلب.
وقال البروفسور فيتالي نومكن، رئيس معهد الدراسات الشرقية في موسكو، إن
روسيا ستواصل ضغطها على الأسد من أجل القبول بإنشاء حكومة وحدة وطنية يكون من بينها أعضاء من المعارضة، دون أن يحدد صفة هذه المعارضة.
وذكر الموقع، في تقرير ترجمته "عربي21"، أن نومكن هو أحد أربعة من كبار المستشارين السياسيين للمبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، وقد حاول التوسط بين عدد من الأطراف الفاعلة في الصراع السوري في تموز/ يوليو 2014.
وقال نومكن إنه يؤمن بأن الأسد يرغب في خلق جو من التوافق في الجولة القادمة من محادثات السلام، بعد استعادته ثاني أكبر مدينة من يد المعارضة.
وأضاف: "آمل أن لا يتردد، وأن يكون أكثر استجابة لضغوط الدوائر الانتخابية والشعب السوري المقسم، وأن يكون أكثر استجابة لضغوط شركائه، وأن يتقبل التسويات السياسية".
وأعرب نومكن عن رفضه وجهة نظر العديد من المحللين؛ الذين رأوا أن تقدم الأسد في حلب سيزيد من صلابة موقفه، وسيغريه باستعادة كل شبر من يد معارضيه. واعتبر، أن الأمر على النقيض من ذلك، حيث أن "الأسد خاضع لشركائه، خاصة روسيا التي ساعدته على كسب معركة حلب".
وأضاف: "من وجهة نظري الأسد يعرف أنه من دون إصلاحات وبعض التغييرات لن يمكنه بسط سيطرته على كامل البلاد وحصر دور المعارضة، لذا عليه السعي نحو التوافق، وهذا ما دعت له روسيا وقالت إنه لا حل عسكريا للوضع في سوريا".
وقال نومكن: "بعد استعادة قوات النظام لشرق حلب، ستكون المهمة الرئيسية التوجه نحو محادثات مباشرة بين ممثلي الأسد والمعارضة في جنيف، من دون شروط مسبقة".
واتهم نومكن المعارضة بإفساد
المفاوضات السابقة بسبب إصرارها على تنحي الأسد، وقال: "لقد أفسدت الهيئة العليا للمفاوضات (المعارضة) المحادثات. كان هذا هدفها حتى تصل هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض وتقوم بتسليح المعارضة بمعدات حربية متطورة"، كما قال.
ورأى نومكن أن خسارة هيلاري كلينتون أمام دونالد ترامب أمر جيد؛ إن تمسك هذا الأخير بوعوده الانتخابية، وبتحسين العلاقات مع روسيا ومحاربة "الإرهابيين"، خاصة في سوريا، واعتبارهم هدفا رئيسيا له.
وقال: "هناك أمل في أن يكون ترامب عاملا أساسيا محفزا للضغط على المعارضة من أجل الجلوس في طاولة المفاوضات مع الحكومة، من دون شروط مسبقة".
وأشار إلى أن السياسيين والإعلام الغربي عادة ما يتهمون روسيا بأنها تتعامل مع معارضي الأسد على أنهم إرهابيون. لكنه يقول إن هذا غير صحيح، فهو يرى أن جوهر الصراع في سوريا يتمثل في حرب أهلية، وهو الموقف نفسه الذي تتبناه الصحافة الروسية، التي تصف معارضي الأسد في حلب بالقوات "المسلحة غير الشرعية" أو بـ"المقاتلين"، ولا تصفهم بالإرهابيين، وفق قوله.
كما ربط نومكن عن أسباب فشل لجنة المفاوضات العليا المتمثل بغياب ممثلين عن كل المجموعات المقاتلة على الأرض، خاصة تنظيم الدولة وجبهة النصرة، المصنفين كمنظمتين إرهابيتين.
يذكر أن جبهة النصرة، التي قاتلت إلى جانب المجموعات المعارضة طويلا، غيّرت اسمها في وقت مبكر من هذه السنة إلى "جبهة فتح الشام" من أجل القطع مع تنظيم القاعدة.
ورأى نومكن أن محادثات السلام كان من الممكن لها أن تتم حتى مع استمرار القتال.
وفي مقارنة بين معارك شرقي حلب والمعارك الدائرة الآن في الموصل بمشاركة قوات الجيش العراقي والبمشركة الكردية والمليشيات الشيعية، بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، قال نومكن: "لا أحد يتحدث عن القتلى من المدنيين في الموصل، لا أعلم أين مات العدد الأكبر من المدنيين في الأسابيع الأخيرة، هل في حلب أم في الموصل"، وفق قوله.
أما عن دور تركيا في الوضع الحالي، قال نومكن إن الكثير من الأشياء مرتبطة بشكل كبير بتركيا، التي يسعى رئيسها رجب طيب أردوغان الآن إلى تحسين العلاقات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعد أن توترت العلاقات بينهما منذ إسقاط تركيا للطائرة الحربية الروسية بالقرب من الحدود السورية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.
وأشار إلى أن تركيا كانت دائما داعما وفيا للمعارضة السورية وطالبت الأسد بالتخلي عن السلطة، لكن قال إن أنقرة خففت الضغط على الأسد من أجل ممارسة المزيد من الضغط على وحدات حماية الشعب الكردي، التي تسيطر على مواقع في سوريا وترى فيها أنقرة حليفا رئيسيا لحزب العمال الكردستاني.
وقال البروفسور نومكن إن هذا الأمر مثّل مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم وحدات حماية الشعب في قتالها ضد تنظيم الدولة، ولكنها في الوقت نفسه صديق لتركيا في حلف الناتو.
وقال نومكن إن روسيا مستعدة لمساعدة أكراد سوريا وتركيا على الوصول لاتفاق يعترف بالخطوط الحمراء. ورأى أنه يتوجب على الأكراد أن يتقبلوا رفض تركيا لوجود حزام كردي في شمال سوريا، وعلى تركيا أن تحترم سيادة سوريا وأن لا تتوسع داخلها.
أما عن فكرة إقامة أقاليم فيدرالية في سوريا، اقترحها بعض المسؤولين الروس، قال نومكن إن هذا الأمر مرفوض من قبل النظام السوري. ولكنه سارع بالتوضيح بأن الرأي العام في روسيا يرى ضرورة وجود نظام لا مركزي، فالمجتمع السوري متنوع ويجب أن يعيش في إطار توافقي، ليس من ناحية عرقية فقط، ولكن أيضا بما يحمي حقوق الأقليات في كل مكان في سوريا، على حد قوله.