دعت جماعة
العدل والإحسان (أكبر جماعة إسلامية بالمغرب) إلى إقامة "دولة الإنسان"، وحذرت من فساد الحكم الذي اعتبرته "مكمن الداء في الأمة".
قال الأمين العام لجماعة العدل والإحسان،
محمد عبادي، الأحد، بسلا (وسط)، في
حفل تأبين مؤسس الجماعة، عبد السلام ياسين، "سُؤلنا البارحة (السبت) عن أي دولة تريدونها، وجوابنا: نريد دولة القرآن، دولة الإحسان، دولة الإنسان"، وأضاف: "الدولة الإسلامية هي الدولة الإنسانية التي تتلاءم أحكامها مع فطرة الإنسان".
واعتبر عبادي أن مكمن الداء في الأمة هو "فساد الحكم" بحسب ما استخلصه مؤسس الجماعة في أدبياته، وقال "إن عبد السلام ياسين نادى بأعلى صوته ألّا صلاح للأمة إلا بمعالجة هذا الداء العضال، وبيّن كيف يعالج هذا الداء عن طريق الحكمة والرحمة والرفق وبالطرق المشروعة".
وأشار الأمين العام للجماعة أن كثيرا من الحركات التغييرية في العالم "كانت ترزح تحت الظلم فثارت على الوضع الفاسد، واستطاعت أن تهدم أنظمة وتقيم أنظمة أخرى، ودول أخرى وحكومات أخرى، ولكن هذه الأنظمة بمجرد ما تستلم زمام الأمور ما هي إلا فترات قصيرة حتى تنقلب على شعوبها، أو الشعب ينقلب على الشعوب الأخرى، فيقلب ظهر المجن، وواقعنا العربي خير شاهد على ذلك".
وأوضح عبادي أن الحركات التحررية في العالم العربي نبذت الاستعمار، ولكن عندما تخلصت منه "وجدنا أنفسنا تحت قهر الاستبداد من أبناء جلدتنا"، وذلك راجع لأن "الطبيعة البشرية مفطورة على الظلم، فالأمر يحتاج إلى الإحسان.. الإحسان هو الذي يطهر القلب من الأنانية، من العجب، من الشعور بالتفوق، من حب الدنيا، من الأثرة من كل أدواء القلب".
وكشف عن أن "التربية الإحسانية هي الكفيلة بتطهير القلب، وهي التي تولج الإحسان العواطف النبيلة والأخلاق الكريمة، فيشعر الإنسان تجاه أخيه بالشفقة والرحمة والعطف والحنان، فإن شاءت أقدار الله أن يتسلم زمام الأمور لا يضل. وإنما يكون آخر من يشبع وآخر من يلبس وآخر من يشرب يقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة"، مستخلصا أن "الإحسان هو الطريق إلى العدل".
ولفت الأمين العام للجماعة أن "المحسن يكتشف بإحسانه معية الله وتأييده وتوفيقه.. فيفتح الله له الباب للتمكين.."، واستدرك: "التمكين الذين ننشده ليس هو التحكم في رقاب الناس واستعبادهم وإنما هو تمكين لشرع الله الذي هو رحمة للعالمين، لا يستقيم أمرهم إلا بالخضوع له".
وأكد أن
الحوار طريق للتعارف الذي يؤدي إلى التآلف والتواد والتعاون على ما فيه مصلحة البلاد والعباد.
وشدد عبادي على أن الحوار بالنسبة للجماعة "هي دعوة"، و"مفهوم الدعوة عندنا هي رحمة ورفق ومحبة للخلق وإسداء النصح لهم".
وقال إن "الحوار البارحة (السبت) كان ينحصر في تغيير الوضع الفاسد وإقامة مجتمع يضمن للإنسان كرامته، وحريته، وآدميته، نحن على استعداد أن نتعاون على هذا الأمر مع الجميع، مسلمين وغير مسلمين، ولكن إن لم نحمل رسالة الإسلام إلى من نحاورهم وإلى من نحتك بهم نكون قد خُنّاهم، فالإحسان رسالة أُمرنا بتبليغها. إن لم نقل للإنسان أيها الإنسان ما وظيفتك في هذه الدنيا؟ لماذا خلقك؟ ماذا تقول لربك عندما يسألك كيف قضيت حياتك... هل أديت واجبك..؟".
اقرأ أيضا: خبراء وسياسيون يدعون من المغرب لحوار مؤسس لدولة ديمقراطية
وفي إشارة لما يقوم به تنظيم الدولة من قتل المسلمين وغير المسلمين باسم الإسلام، قال عبادي إن الله تعالى لم يأمر في كتابه بقتل الكفار فما بالك بالمسلمين، وأورد قوله تعالى: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه"، فقال عبادي: "ما معنى أجره؟ وفر له الأمن الصحي والغذائي والنفسي والاجتماعي ليسمع كلام الله، أما الإنسان الجائع المضطهد المغلوب على أمره لا مجال له لأن يفكر في مصيره وفي غايته في هذا الوجود.. فهل تقطع رأسه إن لم يستجب؟ علاقته بالله لا نتدخل بها".
وتساءل: "لماذا نقاتل الكفار؟ هل نقاتلهم لكفرهم أم نقاتلهم لمقاتلتهم إيانا؟"، وأكد "لا نقاتلهم لكفرهم وإنما نقاتلهم ردا للعدوان.."، وشدد على أن القتال يأتي لدفع الظالم "قال (الله تعالى) نقاتل ولم يقل اقتلوا.. من لم يُؤذنا مطالبون بأن نعامله ليس بالعدل فحسب، وإنما بالإحسان وأن نقسط إليهم، فقدم الله الإحسان على العدل".
وعرفت فعاليات الذكرى الرابعة لرحيل مؤسس جماعة العدل والإحسان، عبد السلام ياسين، المنظمة على مدى يومين (السبت والأحد) حضور فعاليات سياسية ومدنية وحقوقية من بلدان عربية وإسلامية.