أثار تمرير إدارة الرئيس باراك اوباما في أيامها الأخيرة قرار إدانة
الاستيطان في الأراضي المحتلة وعدم استخدام حق النقض الفيتو، الكثير من التساؤلات عن الأسباب التي دفعت لهذا السلوك المفاجىء في ظل تكرار استخدام الفيتو في قرارات أخرى مشابهة أثناء فترة ولايته المكررة لدورتين .
وأحدث القرار جدلا وسخطا كبيرين داخل الحكومة
الإسرائيلية ووسائل الإعلام التي ركزت غالب تغطياتها حول الحدث الذي وصفته بالأول الذي يتعارض ومصالح إسرائيل ويمر دون استخدام الفيتو الأمريكي .
ووصلت حالة الحنق الإسرائيلية لإطلاق اتهامات من قبل ساسة كبار قالوا فيها إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري، كانا وراء مشروع القرار المناهض للاستيطان .
أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الأردنية أحمد نوفل فسر السلوك الأمريكي بالقول إن إدارة أوباما بامتناعها عن استخدام حق النقض "الفيتو" يبدو أنها أرادت التكفر عن خطاياها قبل انتهاء ولاية أوباما الشهر القادم .
لكنه حذر في الوقت ذاته وفي حديث لـ"
عربي21" من التعويل كثيرا على ما حصل، بالنظر لكون الموقف الأمريكي واضح من الاستيطان ويأتي منسجما مع القوانين الدولية التي تنص على أنه مخالف للأعراف الدولية،
وزاد نوفل " لا يوجد دولة في العالم إلا وتدين الاستيطان في الأراضي الفلسطينية بالتالي ما قامت به إدارة اوباما ليس نابعا من مبدأ رفض الاستيطان الموجود ومصيره بل مرتبط بوقف المستقبل منه ".
ولفت إلى العلاقة الأمريكية المتوترة بين إدارة أوباما وحكومة الاحتلال برئاسة
نتنياهو خلال الفترة الأخيرة بسبب الجمود الذي مارسته الحكومة الإسرائيلية تجاه عملية التسوية، حيث ضربت مرارا عرض الحائط النصائح الأمريكية التي كانت تقدم طيلة السنوات الماضية من أجل تغيير المواقف تجاه الاستيطان وحل الدولتين .
وفيما يتعلق بالإدارة الأمريكية القادمة قال:"ممكن أن تتغير الكثير من المواقف الحالية مع مجيء ترامب خاصة فيما يتعلق بالاستيطان؛ فالعلاقة في ظل وجود ترامب ستكون أكثر دفئا وتأييدا للسياسة العدوانية الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، والجميع في إسرائيل ينتظر بفارغ الصبر تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة".
وأوضح أنه " لا يجب أن نضع آمال كبيرة على ما حصل في
مجلس الأمن من إدانة للاستيطان، وعلى الشعب الفلسطيني ألا ينخدع كثيرا مما حصل، لأن القرار هو وقف الاستيطان لكنه لم يتحدث عن مصير أكثر من 120 مستوطنة جاثمة على الأراضي الفلسطينية بالإضافة لأكثر من 900 مستوطن موجودين فيها".
مفاجئا لإسرائيل
من جهته قال المتخصص في الشأن الإسرائيلي باسم أبو عطايا لـ"
عربي 21 " إن قرار مجلس الأمن كان مفاجئا لإسرائيل وشكل صدمة كبرى خاصة من الموقف الأمريكي الذي سمح بتمريره".
وقال "إسرائيل حاولت أن تحصر القرار في شخصي الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري وأن ما حصل هوا تصفية حسابات بين أوباما ونتنياهو ".
ولفت أبو عطايا إلى أن الإعلام الإسرائيلي نقل عن العديد من الشخصيات البارزة في إسرائيل تخوفها من أن القرار أسس لمرحلة جديدة في العلاقات بين إسرائيل والأمم المتحدة، وقال "إسرائيل لديها حساسية كبيرة جدا من أي تعاطف دولي مع الفلسطينيين وخصوصا في مجلس الأمن، فالقرار يجعل إسرائيل غاية في الحرج ويدفعها لمزيد من التغول والشراسة فيما يتعلق بالاستيطان والفلسطينيين".
مسألة داخلية
وأضاف أبو عطايا :"إسرائيل تتعامل مع الاستيطان على أنه مسألة داخلية لا يحق لأحد التدخل فيها وتعتبر أن أي حل للدولتين لن يفرض على إسرائيل اذا كان يشترط التخلي عن الاستيطان، ولم يستجب نتنياهو لنداءات المجتمع الدولي المتكررة بضرورة وقفه".
وأشار أن نتنياهو يعد الأكثر تعتنا في بين الساسة الإسرائيليين فيما يتعلق بالاستيطان خصوصا حينما كانت تحاول الإدارة الأمريكية إعادة المفاوضات حيث اصطدمت خطة كيري برفض حكومة نتنياهو تجميد الاستيطان كشرط لاستئناف عملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ الأمر الذي خلق أزمة بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل نتج عنها اليوم تمرير قرار إدانة الاستيطان.