لم أتهرب من مسؤولياتي أو أترك الميدان بل انتقلت لموقع آخر أهم
أدعو جميع قيادات "الإخوان" للاستقالة ومواصلة العطاء من تموضع آخر
الانتخابات التكميلية بدعة والحل أن تكون "شاملة" تفرز قيادة جديدة
ما يجري ليس تأسيسا ثالثا للجماعة بل تجديد شامل للدماء والأفكار
تعاطينا بشكل إيجابي مع كل المبادرات بينما كان موقف الآخرين سلبيا
استمرار الأشخاص في مناصبهم بعد انتهاء ولايتهم ينتاقض مع ثوابتنا
نحن جزء أصيل من الجماعة ودعوات البعض لنا بتأسيس كيان جديد مرفوضة
دعا الدكتور
عمرو دراج، وزير التخطيط والتعاون الدولي في حكومة الرئيس محمد مرسي، قادة جماعة الإخوان المسلمين في الجبهة المعروفة إعلاميا بالقيادة التاريخية، إلى تقديم استقالاتهم من مناصبهم،
على غرار الخطوة التي قام بها جميع قادة الإخوان في الطرف الآخر، عقب انتهائهم مما وصفوه بالانتخابات الشاملة.
وحول توقعه لاحتمالية إقدامهم على تلك الخطوة، قال – في مقابلة خاصة مع "
عربي 21"- :" هذا ما اتمناه وأرجوه، وهذا هو عهدي بهم كقيادات تاريخية مسؤولة، واعتقد أن لديهم من العقل والحكمة والرشد ما يدفعهم للقيام بهذه الخطوة المنتظرة منهم، وأدعوهم لمواصلة العطاء من تموضع آخر".
وأشار دراج، مسؤول الملف السياسي بمكتب الإخوان بالخارج سابقا، إلى أن "الخلافات داخل الإخوان ليست صراعا على المناصب – كما يروج البعض، والاستقالات عقب الانتخابات الأخيرة أثبتت ذلك تماما- بل هي اختلاف في الرؤية، وفي طريقة الإدارة، وكيفية التعاطي مع أمور كثيرة"، مضيفا أن "علينا ترك الساحة لقيادة جديدة تستطيع إبداع وسائل جديدة ومتطورة".
ورأى أن الطريقة الوحيدة لإنهاء أزمة الجماعة تتمثل في انخراط الجميع في انتخابات شاملة، تفرز قيادة جديدة لتكون هي القيادة الشرعية التي لا يختلف عليها أحد، متسائلا:" طالما أن الظروف سمحت بإجراء انتخابات تكميلية فما الذي يمنع من إجراء الانتخابات الشاملة؟".
وأكد أن الاصطفاف سيحدث حتما بين ثوار يناير، وأن
الثورة مصيرها الانتصار، لافتا إلى أن الأسباب الموجودة حاليا كدوافع لتجدد حراك الثورة أكبر بكثير من تلك التي كانت موجودة قبل عام 2011، في ظل الممارسات الفاشية والفاشلة لسلطة الانقلاب.. وفي ما يأتي نص المقابلة كاملة:
ما هي أبعاد قرارك باعتزال العمل العام بكل أشكاله المختلفة؟
في الحقيقة، كنت أفكر في هذا الأمر منذ فترة طويلة، وقد اتخذت هذا القرار منذ عدّة أشهر، وتم إعلانه مؤخرا بمناسبة إجراء الانتخابات الداخلية الشاملة بجماعة الإخوان، التي جرت داخل
مصر، وأفرزت مجلس شورى عام جديد، ومكتب إرشاد مؤقت تحت مسمى "المكتب العام للإخوان".
وباعتباري جزءا من تيار التغيير بالإخوان أؤمن بعدم أبدية المناصب، وعدم الاستمرار اللانهائي في المواقع القيادية، وبالتالي بعد الانتخابات الأخيرة كان من الطبيعي أن يقدم مكتب الخارج – الذي كنت مسؤولا عن ملفه السياسي- استقالته، وقد أصبح موقعي شاغرا الآن، وأنا لا أقدم جديدا باستقالتي، فالمكتب كله تقدم بالاستقالة.
وطالما كان الشخص مكلفا بمهمة معينة، وقام بتأديتها، وانتهت فترة ولايته، فمن الواجب أن يفسح الطريق لآخرين كي يكملوا المسيرة، وهذه نهج اتبعته كل التشكيلات الإدارية والفنية بالإخوان التي تدعم تيار التغيير عندما تقدمت باستقالاتها، و منهجية شخصية اتبعتها أنا طوال حياتي.
البعض يقول إن "الاعتزال ليس هو الحل" لأن ذلك بمثابة تهرب من تحمل المسؤولية على الأقل حتى إسقاط الانقلاب؟
نحن في تيار التغيير بجماعة الإخوان نؤمن بتدوير المناصب، بحيث لا يبقى المسؤولون في مناصبهم لفترات طويلة، لأنه ينبغي أن يحدث تغيير في الوجوه والسياسات بشكل مستمر، ليكون هناك تجديد في الوسائل وفعالية في الأداء، وهذا التوجه من الطبيعي أن نطبقه على أنفسنا - قبل أن نطالب الآخرين به- ولذلك تقدم جميع المسؤولين بالجماعة من هذا التيار - سواء في الداخل أو الخارج- باستقالاتهم من كافة التشكيلات الإدارية والتنظيمية للإدارة الجديدة المنتخبة.
وبالتالي ما قمنا به تصرف طبيعي ومتسق تماما مع ما نؤمن به وندعو إليه، خاصة أن كافة التشكيلات بالجماعة قد انتهت فترة ولايتها، بالرغم من أن مكتب الخارج هو المكتب الوحيد الذي لم تنتهي فترته حتى الآن.
وأنا لم أعلن أنني مستقيل من جماعة الإخوان، ولم أقل إنني لن أشارك في أي عمل على الإطلاق، بل قلت إنني لن أكون في أية مواقع مسؤولية إدارية أو قيادية سواء في الإخوان أو في حزب الحرية والعدالة أو غيرهما، وأنا انتقل إلى موقع أراه مناسبا لي ولخبراتي، وهو الاستمرار في رئاسة المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية،الذي قمت بتأسيسه كمركز فكر ودراسات مستقل، وأصبح له حاليا مكانة متميزة في هذا الأمر، وهذا المركز الذي يدعم الثورة المصرية بالفكر والدراسات ليس له نظير على الساحة المصرية في مجاله وأهدافه، والأمة العربية بها عدد محدود من مثل هذه المراكز.
وأنا لم أترك الميدان، وما قمت به ليس هروبا، بل استكمالا للعمل الذي لم أكن أجد له الوقت الكافي، خاصة أن مراكز الدراسات البحثية منوط بها الكثير من المهام والأعباء، منها التفكير السياسي والإستراتيجي للثورة المصرية، واقتراح السياسات والأطر بعد فهم متغيرات العالم، والتي يمكن على أساسها مثلا أن تقوم قيادات الثورة بوضع الخطط لكسر الانقلاب، ثم عقب إسقاط الانقلاب يمكن بلورة رؤى لكيفية بناء الدولة وإدارتها، وكيفية رسم مسار مرحلة انتقالية صحيحة، ونؤطر للعلاقات المدنية
العسكرية، ونبحث حلول للأزمة الاقتصادية وغيرها من القضايا الهامة.
وهذا أحد أهم الأمور، التي نحن بحاجة ماسة لها، لدعم الثورة المصرية التي لم تجد مثل هذه الدراسات والأفكار بعد موجتها الأولى، مما مكن للثورة المضادة أن تحسم جولة لصالحها، ولذلك ما قمت به لا يمكن أن يعد هروبا بأي شكل من الأشكال، ولا يجب أن يُفهم منه اختفائي عن المشهد أو تقاعسي عن العمل، لكنه انتقال وتركيز على عمل آخر شديد الأهمية.
ألا ترى أن توقيت مثل هذا القرار كان غير مناسب خاصة أنه يأتي قبيل أسابيع قليلة من الذكرى السادسة لثورة يناير؟
إحياء ذكرى يناير مهمة الداخل بالأساس، وليس من مسؤوليتنا التخطيط للحراك الثوري والميداني، وكما أوضحت أن توقيت القرار كان مرتبطا بشكل وثيق الصلة بما تم الإعلان عنه من تشكيل مجلس شورى عام جديد ومكتب إرشاد مؤقت.
ز
عيم حزب غد الثورة أيمن نور دعاكم لدعم مسار الاصطفاف وجهود لم الشمل والتوقيع على "ميثاق الشرف الوطني".. كيف ترى هذه الدعوة؟
معروف عني أنني من أشد الداعمين للاصطفاف الوطني لدعم مسار الثورة، ولا يمنعني وضعي الجديد (التفرغ لرئاسة مركز دراسات) من مثل هذا العمل، لأن هذا الأمر ليس مقتصرا على القادة والسياسيين، بل أراه ضرورة بالنسبة للجميع من مختلف المشارب والمواقع، ولهذا سوف استمر بقوة في دعم مسار الاصطفاف، لكن على أسس سليمه ودون أي تفريط في مستهدفات ثورة يناير.
لكن لماذا لم توقع على "ميثاق الشرف الوطني" الذي وقع عليه مئات الشخصيات من التوجهات المختلفة؟
ما جاء في الوثيقة أمر جيد ومطلوب واتفق معه كثيرا، لكني أرى أن التوقيع على وثائق يجب أن يكون من خلال إطار عام و خطة متكاملة ورؤية واضحة في قضية الاصطفاف وما يمكن فعله، وانتظر وجود إطار مخطط تخطيطا جيدا وواضحا يحقق الاصطفاف على أسس سليمة وعادلة لكي أتفاعل معه.
هل فقدت الأمل في نجاح مشروع الاصطفاف؟
إطلاقا، البعض فهم إعلاني الاعتزال نتيجة اليأس، وهذا غير صحيح بالمرة، فالثورة مصيرها إلى الانتصار، والاصطفاف سيحدث حتما، وهذه طبيعة الأمور، والتأخير يرجع بقدر كبير للقمع الشديد وكذلك عدم جاهزية الصف الثوري بالقدر الكافي، والوضع بالنسبة للقوى السياسية والثورية في عام 2011 لم يكن أفضل كثيرا من الوقت الحالي، بل أن الأسباب الموجودة حاليا كدوافع لتجدد حراك الثورة أكبر بكثير من تلك التي كانت موجودة قبل 2011، في ظل الممارسات الفاشية والفاشلة لسلطة الانقلاب.وأنا أؤمن أنه يجب علينا ترك الساحة لقيادة جديدة لتستطيع إبداع وسائل جديدة ومتطورة، و لن أتأخر عن تقديم الرأي و الاستشارة لكل من يطلبها، وأنا متفائل جدا، فمثلا ثقتي كبيرة فيما يمكن أن يترتب على الانتخابات الأخيرة التي جرت داخل جسم الجماعة، ورأينا بشائره بالفعل في عدد من القرارات على المسار الصحيح، وانتصار الثورة سيحدث عاجلا أو آجلا، خاصة أن النظام فاشل على كافة المستويات، ونسب الدعم والتأييد له أصبحت شبه متلاشية وشبه منعدمة.
هل الاتهامات التي تعرضت لها سواء من معسكر الانقلاب أم معسكر رفض الانقلاب ساهمت في اتخاذك لهذا القرار؟
من يعمل بالعمل العام لا ينبغي له أن يضع في اعتباره الاتهامات الظالمة التي توجه له من هنا أو هناك، وإذا ما كان هناك نقد موضوعي وبنّاء فإنه يجب تقبله وتحمله والاستفادة منه، أما حملات التشويه والافتراءات فينبغي التغاضي عنها وتجاهلها تماما، فلابد للسياسي أن يتمتع بالحكمة والكياسة والصبر، حتى لا يتأثر بمحاولات النيل منه.
وأنا أعمل بشكل مباشر و مكثف في العمل السياسي العام بأشكال متنوعه منذ ثورة يناير، أي منذ حوالي 6 سنوات، وغير المباشر لما يقرب من 10 سنوات قبلها، وهو الأمر الذي جعل لدي تراكم لا بأس به من الخبرات، وآن الآوان لوضع هذه الخبرات بشكل أفيد وأصلح للثورة، بالإضافة لترسيخ مفهوم تداول المناصب والمسؤولية.
هل أزمة الإخوان الداخلية جزء منها صراع على المناصب؟
أظن ما حدث بعد الانتخابات الأخيرة يثبت تماما أن الأمر ليس صراعا على مناصب – كما حاول أن يروج لذلك البعض زاعمين أن هناك تنازع على مقاعد أو أن هناك شق للصف من أجل اقتناص المناصب القيادية- فتشكيل المكتب العام الجديد للإخوان، كما نقل لي، لا يوجد به أي شخص كان في موقع المسؤولية سابقا، فجميع أعضائه شخصيات جديدة تماما بعيدا عن الوجوه القديمة.
وبالتالي نحن بصدد قيادة جديدة تماما، لديها خبرة الثورة والعمل على الأرض، ولديها رؤى جديدة، وكانت هذه أمور ضرورية، كي تتخلص الجماعة من الجمود الذي شابها، نتيجة طول استمرار القيادات في مواقعها لفترات طويلة، وأرى مبشرات كثيرة في القرارات التي اتخذها المكتب الجديد بفصل الرقابي عن التنفيذي وإعطاء الفرصة للشباب والمرأة و تكريس المؤسسية و احترام التخصص وغيرها من القرارات.
ونحن لم نسع مطلقا إلى أن نكون جزءا من القيادة الجديدة، وأكدنا على أننا لن نشارك في أي قيادة، ليتضح للكافة أن ما كنا نقوم به هو الصالح العام ولدعم تيار التغيير والتجديد داخل الإخوان، وهذه رسالة قوية وواضحة جدا بعد كل هذه الاستقالات، وأصبحت مزاعم الصراع على المناصب منعدمة المصداقية، وثبت بما لايدع مجال للشك أنها غير صحيحة تماما، وحقيقة الاختلاف الموجود هو اختلاف في الرؤية، وفي طريقة الإدارة، وكيفية التعاطي مع أمور كثيرة.
ومكتب الخارج في خطاب الاستقالة - التي ستُنشر قريبا كاملة- وضع بالتفصيل كل ما استطاع
القيام به، وتحدثنا عن أهدافنا ورؤيتنا ومجالات عملنا، وتحدثنا عن الانجازات التي حققناها، وقدمنا كشف حساب متكامل بما لنا وما علينا.
البعض يقول إن ما قمتم به هو بمثابة إجراءات تكتيكية لإحراج الطرف الآخر ولمحاولة الضغط عليه للاستقالة أو التنحي؟
ليست إجراءات تكتيكة بل حقيقية، وأنا أدعو من هم في التيار الآخر – وهم أساتذتي الذين أكن لهم كل المحبة والمودة والاحترام والتقدير، فهم أصحاب فضل على الدعوة والجماعة بل والوطن - وخاصة من
أمضوا سنوات طويلة في مواقعهم، أن يراجعوا أنفسهم، ويتركوا مناصبهم للآخرين من أبناء الجماعة، لتجديد العمل والدماء، بغض النظر عن أدائهم السابق سواء كان سلبيا أو إيجابيا، خاصة أن بعضهم أمضى ما يزيد عن 20 أو 30 عاما في منصبه، وهو الأمر الذي أراه غير مناسبا أو مقبولا في الظروف المتغيرة الراهنة، فيجب عليهم أن يسلموا الراية للصف كي يختار بإرادة حرة من يمثله ويعبر عنه بشكل حقيقي، وأظن أنهم تبيّنوا أننا لم نكن نسعى لأي مناصب أو مواقع قيادية بالجماعة.
وهل تعتقد أن يقدم قادة الإخوان الآخرون على هذا النهج نفسه؟
هذا ما أتمناه وأرجوه، وهذا هو عهدي بهم كقيادات تاريخية مسؤولة، وأعتقد أن لديهم من العقل والحكمة والرشد ما يدفعهم للقيام بهذه الخطوة المنتظرة منهم، وبالمناسبة أنا أرى أن هذا لا يقتصر فقط على جماعة الإخوان، بل على معظم القيادات التاريخية التي تتصدى لقيادة العمل العام من جميع التوجهات، حيث ينبغي أن تفسح المجال لجيل قيادي أكثر شبابا وقدرة على مواجهة تحديات المرحلة، وأدعو هذه القيادات التاريخية لمواصلة العطاء من تموضع آخر.
ما موقع حزب الحرية والعدالة من التغييرات التي حدثت بالجماعة؟
لم يحدث تغيير بشأنه حتى الآن، ونشاط الحزب - نتيجة عدم وجود ممارسة سياسية بالداخل- يتمثل حاليا في التواصل مع القوى السياسية الأخرى بالخارج، ونحن ننادي بتمييز المسار الحزبي التنافسي عن المسار الدعوي، من أجل العمل في مسار منفصل عن باقي مسارات الجماعة سواء في العمل الدعوي أو المجتمعي أو حتى الثوري على الأرض.
وأرى أنه يمكن لبعض أفراد الجماعة الانضمام لأحزاب أخرى بخلاف "الحرية والعدالة"، أو تأسيس أحزاب جديدة تضم إخوانا وغير إخوان، لتعكس تنوع مختلف الصف الإسلامي، والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية من المنتظر منها مراجعة ممارساتها السابقة، والأحزاب الجديدة عليها أن تخطط للمستقبل بما فيها "الحرية والعدالة"، وأن تضع استرتيجيات تتناسب مع مرحلة الثورة والمتغيرات الراهنة ولما بعد انتصار الثورة، وكيف يمكن إنجاح الاصطفاف مع القوى الليبرالية واليسارية والقومية في المجتمع، ثم كيف يكون لديهم برامج في المستقبل لاكتساب ثقة الناس. وحقيقة السياسيين أمامهم عمل ثقيل وكبير وواسع خلال الفترة المقبلة.
ولماذا تأخر التمييز بين الدعوي والحزبي حتى الآن؟
الأحزاب معنية بالتنافس على السلطة بالأساس، ومصر حاليا ليس فيها حياة سياسية على الإطلاق، وعلى الجميع العمل في إطار الثورة وكسر الانقلاب، وبالتالي فقد يكون من غير المناسب اتخاذ مثل هذا الخطوة الآن، وإذا ما تم اتخاذها فلن يكون لها معنى أو قيمة على أرض الواقع، فضلا عن أن الفصل التام صعب خلال هذه المرحلة الراهنة من الناحية العملية.
مجلس الشورى العام قال إنه قرر استمرار العمل الثوري وهو المسار الذي تم اعتماده في يوليو 2013.. فما هو الجديد في هذا المسار؟
هذا أمر هام للغاية، وكان من أهم القرارات التي تم اتخاذها، فمن الضروري التأكيد على استمرار الثورة التي نؤمن بها، ونحن على يقين أنها حتما منتصرة، ونسعى للإبداع بكافة السبل والوسائل السلمية والمشروعة لإنجاحها، بما يحقق الأهداف المطلوبة لتحفيز طوائف الشعب للمشاركة في التغيير.
ومجلس الشورى وضع مجموعة من المستهدفات الواضحة، وتحدث عن التوجه نحو امتلاك أدوات النصر، وبناء خريطة تحالفات سياسية جديدة، وبناء بيوت الخبرة والمؤسسات المتخصصة، ورفع كفاءة المنظومة التربوية، وتطوير المسار الدعوي بالجماعة، وهذه أمور يمكن محاسبته عليها، وأظن أنهم سيعملون بشكل مكثف ومختلف وبأفكار من خارج الصندوق كي يحققوا اختراقات وانجازات ملموسة، خاصة أن لديهم توجه للعمل الجاد والفاعل بعد تجديد دماء الجماعة.
بعض المواقع الإخبارية قالت إنه تم استحداث منصب يقوم بمهام المرشد العام للجماعة يسمى "المراقب العام".. ما مدى صحة ذلك؟
غير صحيح، لأن الانتخابات الشاملة جرت وفقا للائحة القديمة التي لا يزال العمل بها ساريا حتى إشعار آخر، وهناك مقترحات قُدمت سابقا للجنة المكلفة بإعداد مشروع اللائحة الجديدة، منها استحداث منصب "المراقب العام" للإخوان بمصر، مثل باقي الأقطار الأخرى، ليكون مختصا فقط بالشأن المصري في الداخل والخارج، بينما ينسق المرشد العام بين مؤسسات الإخوان حول العالم، وما زال الأستاذ الدكتور محمد بديع محتفظا بموقعه كمرشد عام حتى يخرج سالما بإذن الله من محبسه، وسيتم تقديم اللائحة المقترحة لمجلس الشورى المنتخب لدراستها واعتماد ما يراه مناسبا، إلا أن هذا الأمر لم يتم تفعيله بعد، وبالتالي فالقرارات المعلنة هي التي تم اتخاذها فقط.
هل سيتم تطوير اللائحة الداخلية للجماعة أم اعتماد لائحة جديدة؟ ومتى تنتهون من ذلك؟
ستكون هناك لائحة جديدة تماما، وهذا لا يعني أنه سيتم نسف كل ما كان موجودا في اللائحة القديمة التي مضى عليها فترة طويلة، بل سيؤخذ منها ما هو مناسب، وتُجري تعديلات على ما هو ضروري ومطلوب، والأصل أن هناك روح جديدة ومتغيرات كثيرة، منها مراعاة نسب الشباب والمرأة في المواقع القيادية بالجماعة، وهناك مسودات للائحة الجديدة التي تم تعديلها أكثر من مرة، وكانت متاحة للجميع في موقع على الإنترنت، وكل هذا سيكون مطروحا أمام مجلس الشورى العام الجديد.
المكتب العام لجماعة الإخوان كلف مكتب الخارج، مثلما كلف كافة الأقسام، واللجان الفنية، والمكتب التنفيذي، بتسيير الأعمال لحين الانتهاء من التشكيلات الإدارية والتنظيمية للإدارة الجديدة المنتخبة.. فلماذا لم تنتظر لحين الانتهاء من تلك التشكيلات؟
هذا ترتيب مؤقت وانتقالي، وأعتقد أن فترة تسيير الأعمال ستنتهي خلال أسابيع قليلة، وبالطبع أنا ملتزم بهذا التكليف.
نائب المرشد إبراهيم منير قال إن ما قمتم به مخالف لثوابت جماعة الإخوان، وأن من يخالف هذه الثوابت يعفي نفسه من الانتساب للجماعة؟
أعتقد أن هذا الكلام مردود عليه، مع احترامي لقائله، لأن من ثوابت الجماعة العمل الديمقراطي واختيار القيادات بالآليات الانتخابية والشورية، وهذه الآليات موجودة ومتاحة للجميع، وبالتالي من لم يشارك في هذه العملية الديمقراطية هو المقصر، ولا أحد يملك وقف الإجراءات الشورية، ولا يحق له التذرّع بأية ظروف.
وما قام به إخواننا في الداخل هو تفعيل لمبادرة الشيخ يوسف القرضاوي وعدد كبير من العلماء الثقات، والذين أوصوا بإجراء انتخابات شاملة خلال ستة أشهر، واليوم مضى أكثر من ستة أشهر، وفكرة استمرار بعض الأشخاص في مناصبهم بعد انتهاء فترة ولايتهم هو الذي يتناقض مع ثوابت الجماعة، وما قمنا به يثبت للقاصي والداني أننا لم نكن نسعى لاقتناص مناصبهم أو مقاعدهم.
وأتمنى استكمال الانتخابات الشاملة بشكل حاسم ونهائي، ليكون جسد الجماعة كله مبني على شورى حقيقية بين عموم الصف الإخواني، وكي لا يكون مختزلا في إرادة بعض القيادات التاريخية، فالانتخابات هي التي تفرز مسئولي الجماعة، وليس قادة كبار نقدر دورهم وتاريخهم.
طلعت فهمي المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان وصف ما حدث بأنه محاولة انشقاق غير ناجحة ولا تعبر عن جموع الإخوان.. ما تعقيبكم؟
من يعبر عن جموع الإخوان هم جموع الإخوان، ولا يستطيع أحد أن يصادر إرادتهم في إجراء الانتخابات الشاملة، والصف الإخواني ليس قاصرا حتى يقول أحد – خاصة من هم بالخارج- أن هذا أو ذاك هو المعبر عن جموع الإخوان.
هناك دعوات لكم بإعلان الخروج من الجماعة وتأسيس أي كيان آخر تحت أي مسمى وقد يكون هناك تنسيق بينكم وبين جماعة الإخوان؟
نحن جزء أصيل من الجماعة، ولا أحد يستطع أن يفصلنا عنها أو يمنعنا من المشاركة فيها، ونحن تيار كبير ونسعى للتغيير الأفضل، وعلى إخواننا إدراك حقائق العصر والزمن، ومثل هذا الكلام هو الذي يشق الصف، ولا نستطيع أن نهدر تاريخ الجماعة ووضعها بين المصريين بالخروج منها وتكوين هيئات أخرى، بل أن نعمل على أن تكون أكثر قدرة وحيوية.
وتيار التغيير بالإخوان حريص على ألا يقوم بهذا، فالخروج بكيان جديد مسار سهل، والبعض حاول القيام به من الإخوان سابقا، ومعظم تلك المحاولات لم تنجح، والإخوان منظومة ناجحة وقوية وممتدة بالمجتمع والأمة كلها بحاجة لها، ولذلك ينبغي أن تكون لها مواصفات صارمة من أهمها الاستمرار في التجديد، وإنتاج رؤى عصرية، والتخصص، وتأسيس المؤسسات الفاعلة، وتجديد الأطر التنظيمية، وهذه تجديدات يجب أن تتم في جسم الإخوان مثل أي منظمات أخرى ناجحة، وإذا لم تقم بهذا سيَأفُل نجمها.
وفق تقديرك.. ما هي نسبة تيار التغيير الذي تعبرون عنه داخل الجماعة؟
لا أملك معلومات تفصيلية، إلا أن ما أعرفه من خلال تواصلي مع الداخل، أن نسبة هذا التيار كبيرة جدا، فعدد المنتمين له ضخم، رغم أن البعض لم يشارك في الانتخابات الشاملة نظرا للظروف الأمنية، وآخرون لعدم قناعتهم بهذا المسار.
تبنيتم شعار "نحو النور.. التأسيس الثالث" إلا أن طلعت فهمي قال إنه "لا يوجد شيء اسمه تأسيس ثالث أو حتى تأسيس ثان أصلا"؟
هذه شعارات مرتبطة بحماس البعض وخاصة الشباب، وهي صياغات أدبية يحاولون التعبير بها، لتجسد التغيير الكبير والشامل والمأمول، لكن من وجهة نظري ما يجري حاليا ليس تأسيسا ثالثا، بل هو تجديد شامل للدماء والأفكار والممارسات، وهو تجديد مهم لاستمرار المسيرة في إطار المؤسسية التي يجب أن تكون عليها.
جبهة القيادة التاريخية تقول إنها أجرت انتخابات تكميلية وتم تشكيل مجلس شورى في الداخل والخارج لكنها لم تعلن نتائج الانتخابات بسبب الملاحقات الأمنية.. ما تعقيبكم؟
هذا يتناقض مع أي لوائح وأي مؤسسية يتحدثون عن احترامها، فلا يوجد شيء اسمه "انتخابات تكميلية" في المؤسسات الناجحة، بحيث تحتفظ القيادات التي انتهت مدتها بمواقعها وتستكمل المقاعد الشاغرة بآخرين، هذه بدعة ولا يوجد ما يبررها على الإطلاق، وإذا ما كانوا قادرين على إجراء "انتخابات تكميلية" فلماذا لم يقوموا بانتخابات شاملة حرة ونزيهة؟ ولو فعلوا ذلك كنا سنشجعهم ونشارك معهم.
قلت إنكم سعيتم بشكل حقيقي وجاد لتجنب الخلافات الداخلية والطرف الآخر يقول نفس هذا الكلام وإنهم بذلوا جهودا كثيرة معكم طوال العامين الماضيين من أجل رأب الصدع.. أين الحقيقة؟
هناك فارق كبير بين الأقوال والأفعال، فهم لا يعاملوننا كطرف بل كأتباع يجب أن ننصاع لهم ولقراراتهم التي لم تؤخذ على أسس مؤسسية سليمة، ونحن قد بذلنا الكثير من الجهود الموثقة لإنهاء تلك الأزمة، لكن لم نقابل إلا بالتعنت والرفض دائما من الطرف الآخر، ونحن من استجبنا وتعاطينا بشكل إيجابي مع كل المبادرات التي طُرحت في هذا الصدد، بينما كان موقف الآخرين سلبيا ومتجاهلا لكل محاولات حل الخلافات، ولم يحدث على الإطلاق أن تمت مراجعتنا أو منقاشتنا أو حتى التحقيق معنا - كما قالوا سابقا- وبالتالي فكل هذا الكلام ليس له أي أصل.
وفقا للواقع الراهن، هل هناك استحالة للتفاهم وإنهاء الأزمة بين طرفي الجماعة؟
نتمنى أن تنتهي هذه الأزمة في أقرب وقت، والطريقة الوحيدة لذلك هي انخراط الجميع في انتخابات شاملة، تفرز قيادة جديدة لتكون هي القيادة الشرعية التي لا يختلف عليها أحد، وطالما أن الظروف سمحت بإجراء انتخابات "تكميلية" فما الذي يمنع من إجراء الانتخابات الشاملة؟
والسبب الرئيس في الأزمة هو تمسك البعض بمواقعهم القيادية، وينبغي عليهم ترك مواقعهم وأن يدخلوا الانتخابات -مثل الآخرين- وكلي ثقة في الله - عز وجل- وفي حكمة وتجرد إخواننا لما رأوه بأعينهم من كل من اتهموهم بالمنازعة، ونأمل أن تتغير مواقفهم، ولعلهم يهدأون ويدركون المسار الأوفق لنا ولهم وللجميع، وندعو الله أن يرقق قلوبهم وعقلوهم.
تحدثتم عن مراجعات قمتم بها.. فما هي أبعادها؟ ومتى يتم الإعلان عنها؟
من أهم الأدوار التي ساهمنا فيها خلال فترة عملنا، هي المراجعات بشكل عام لممارسات الجماعة التي تعود إلى ما قبل ثورة يناير وحتى حكم الرئيس مرسي، وخلال فترة حكم مرسي، ومنذ الانقلاب وحتى الآن، وهناك سلسلة عميقة من المراجعات جرت، وهناك مسودات مكتوبة بالفعل على أكثر من مستوى: الفكري، والتنظيمي والإداري، والسياسي، والتربوي، وكلها بها تفاصيل كثيرة، وستكون متاحة للنشر قريبا، ونريد من كل القوى السياسية والمجتمعية أن تقوم بمثل هذه المراجعات لكي نضع أسسا جديدة للعمل الوطني، يتشارك من خلالها الجميع لتحقيق صالح الوطن وانتصار ثورته.
في الحقيقة، كنت أفكر في هذا الأمر منذ فترة طويلة، وقد اتخذت هذا القرار منذ عدّة أشهر، وتم إعلانه مؤخرا بمناسبة إجراء الانتخابات الداخلية الشاملة بجماعة الإخوان، التي جرت داخل مصر، وأفرزت مجلس شورى عام جديد، ومكتب إرشاد مؤقت تحت مسمى "المكتب العام للإخوان".
وباعتباري جزءا من تيار التغيير بالإخوان أؤمن بعدم أبدية المناصب، وعدم الاستمرار اللانهائي في المواقع القيادية، وبالتالي بعد الانتخابات الأخيرة كان من الطبيعي أن يقدم مكتب الخارج – الذي كنت مسؤولا عن ملفه السياسي- استقالته، وقد أصبح موقعي شاغرا الآن، وأنا لا أقدم جديدا باستقالتي، فالمكتب كله تقدم بالاستقالة.
وطالما كان الشخص مكلفا بمهمة معينة، وقام بتأديتها، وانتهت فترة ولايته، فمن الواجب أن يفسح الطريق لآخرين كي يكملوا المسيرة، وهذه نهج اتبعته كل التشكيلات الإدارية والفنية بالإخوان التي تدعم تيار التغيير عندما تقدمت باستقالاتها، و منهجية شخصية اتبعتها أنا طوال حياتي.
هذا أمر هام للغاية، وكان من أهم القرارات التي تم اتخاذها، فمن الضروري التأكيد على استمرار الثورة التي نؤمن بها، ونحن على يقين أنها حتما منتصرة، ونسعى للإبداع بكافة السبل والوسائل السلمية والمشروعة لإنجاحها، بما يحقق الأهداف المطلوبة لتحفيز طوائف الشعب للمشاركة في التغيير.
ومجلس الشورى وضع مجموعة من المستهدفات الواضحة، وتحدث عن التوجه نحو امتلاك أدوات النصر، وبناء خريطة تحالفات سياسية جديدة، وبناء بيوت الخبرة والمؤسسات المتخصصة، ورفع كفاءة المنظومة التربوية، وتطوير المسار الدعوي بالجماعة، وهذه أمور يمكن محاسبته عليها، وأظن أنهم سيعملون بشكل مكثف ومختلف وبأفكار من خارج الصندوق كي يحققوا اختراقات وانجازات ملموسة، خاصة أن لديهم توجه للعمل الجاد والفاعل بعد تجديد دماء الجماعة.
هذا أمر هام للغاية، وكان من أهم القرارات التي تم اتخاذها، فمن الضروري التأكيد على استمرار الثورة التي نؤمن بها، ونحن على يقين أنها حتما منتصرة، ونسعى للإبداع بكافة السبل والوسائل السلمية والمشروعة لإنجاحها، بما يحقق الأهداف المطلوبة لتحفيز طوائف الشعب للمشاركة في التغيير.
ومجلس الشورى وضع مجموعة من المستهدفات الواضحة، وتحدث عن التوجه نحو امتلاك أدوات النصر، وبناء خريطة تحالفات سياسية جديدة، وبناء بيوت الخبرة والمؤسسات المتخصصة، ورفع كفاءة المنظومة التربوية، وتطوير المسار الدعوي بالجماعة، وهذه أمور يمكن محاسبته عليها، وأظن أنهم سيعملون بشكل مكثف ومختلف وبأفكار من خارج الصندوق كي يحققوا اختراقات وانجازات ملموسة، خاصة أن لديهم توجه للعمل الجاد والفاعل بعد تجديد دماء الجماعة.