أعلنت
أحزاب سياسية تونسية في مؤتمر صحفي، الخميس الماضي، عن تأسيس "
جبهة الإنقاذ"، وذلك عقب اجتماع انعقد بين مكونات هذه الجبهة في مقر حزب الاتحاد الوطني الحر.
وتتكون هذه الجبهة من: حركة مشروع تونس، وحركة
نداء تونس (شق رضا بلحاج)، والاتحاد الوطني الحر، وحزب الثوابت، والحزب الاشتراكي، وحزب العمل الوطني الديمقراطي.
وانطلقت المشاورات بهدف تأسيس هذه الجبهة إثر لقاءات عقدت في بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، بين قيادات من حزب الاتحاد الوطني الحر وحركة مشروع تونس، بالتوازي مع اتصالات ومشاورات مع أحزاب سياسية أخرى، بهدف تجميع عدد أكبر من الأحزاب في إطار جبهة سياسية موحدة.
أهم الأهداف والمحطات القادمة
وقال الأمين العام للحزب الاشتراكي، محمد الكيلاني، خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، إن هذه الجبهة السياسية الجديدة تهدف للعمل على تجاوز "الوضع الخطير الذي تمر به البلاد"، وتسعى "لتجميع الجهود من أجل السعي لإنقاذ هذا الوضع".
وأضاف أنه "تم الاتفاق أيضا على تأجيل الإعلان عن الوثيقة التأسيسية النهائية إلى يوم الاثنين القادم، على أن يكون يوم 18 كانون الثاني/ يناير موعد عقد ندوة صحفية للإعلان الرسمي عن الجبهة ومكوناتها، وتقديم الوثيقة التأسيسية".
ومن المنتظر أن ينتظم يوم 29 كانون الثاني/ يناير، حفل توقيع الوثيقة التأسيسية لـ"جبهة الإنقاذ" من قبل مكوناتها، وفتح الباب لكل من يرغب في الالتحاق بها، وفق الكيلاني.
ودعا البيان الختامي للاجتماع، جميع مؤسسات الدولة والأحزاب الوطنية والمنظمات والقوى المدنية، إلى أن تتحمل مسؤولياتها كاملة في ما تعدّه "جبهة الإنقاذ" أولوية اجتماعية وسياسية، أمام تدهور الأوضاع الاجتماعية، وتصاعد الاحتجاجات في عديد القطاعات والجهات.
محاولة للتشويش
وقال المحلل السياسي، نورالدين الختروشي، إن فكرة الجبهة "تستمد مشروعيتها من حاجة موضوعية في الخارطة السياسية لتموقع أطراف وازنة في قلب الهيكل العام للمربع الحزبي الوطني".
وأضاف لـ"
عربي21" أن هذه الجبهة "ولدت مشوهة؛ لأنها تجمع لفيفا من الخاسرين في مسار التوافق بمحطته الأخيرة، وهي تشكيل حكومة الشاهد"، مؤكدا أنها "مجرد ردة فعل متشنجة على اليوميات، وليس استجابة مباشرة لحاجة مرحلية مشروعة"، وفق تعبيره.
ورأى الختروشي أن جبهة الإنقاذ "على عكس ما يصرح بعض المعنيين بها؛ ولدت معادية ومخاصمة لحركة النهضة، وهو ما يعد خطأ استراتيجيا، باعتبار أن من يختار التموقع سياسيا على قاعدة العداء المجاني المبدئي؛ لم يتفطن إلى أن كرسي العداء للنهضة كسره الزمن السياسي لتونس الجديده"، وفق تعبيره.
وتابع: "بقدر حاجة تونس
الديمقراطية إلى مجتمع حزبي متوازن يتبادل المواقع والأدوار بين الحكم والمعارضة؛ فإنه يبدو أن النخبة السياسية لم تنجح إلى اليوم في تجاوز الامتحانين".
وتوقع أن تكون جبهة الإنقاذ "عامل تشويش فقط، ولن تكون غير قادرة على تغيير موازين القوة، باعتبار أنها تنطلق من قراءة سياسية خاطئة للمشهد السياسي التونسي، وأكبر دليل هو اختيار عنوان الإنقاذ، في حين أن الوضع في تونس مستقر، ويحتاج إلى رؤية وبرامج".
وحول قدرة هذه الجبهة على إعادة تجربة "نداء تونس" قبل انتخابات 2014، والاستفادة من رصيده بالتزامن مع المشاكل الداخلية التي يعيشها؛ قال الختروشي إن بديل "النداء" سيكون حزبيا وليس جبهويا، مؤكدا أن "الماكينات الانتخابية لا يمكن أن تبنى على أرضية الجبهات، باعتبارها أرضية متحركة وغير ثابتة".
استهداف المسار الديمقراطي
من جهته؛ قال القيادي في
حركة النهضة وعضو مجلس شوراها، عبد الحميد الجلاصي، إن "من الطبيعي في السياقات الديمقراطية؛ أن تتكاثر محاولات إعادة تشكيل المشهد؛ لضمان حظوظ أوفر في المواعيد الانتخابية".
واستدرك: "غير أن للمسألة وجها آخر، فعديد القوى أرادت تقويض المشهد السياسي والمؤسساتي في صائفة 2013، إلا أن الحوار الوطني قطع الطريق أمام محاولاتها، فراهنت على انتخابات أواخر 2014 لتحقيق الهدف نفسه، ولكن تلك الانتخابات منحتها فوزا عدديا، ولم تمنحها فوزا سياسيا يسمح لها بالحكم وحدها، أو على الأقل استبعاد حركة النهضة من المعادلة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن هناك من يستهدف المسار الديمقراطي برمته، وليست حركة النهضة وحدها، "باعتبار أنه لا يمكن استبعاد قوة اجتماعية وسياسية في حجم النهضة إلا بالتجييش الاستئصالي"، متوقعا أن تحصل "هبة من القوى الديمقراطية لتحديد بوصلة التدافع في البلاد على أساس المطلب الديمقراطي أولا، على قاعدة استمرار البرنامج الثوري".
وتابع الجلاصي: "ستنتصر هذه الهبة في شوطها الثاني، رغم أن معسكر التقويض يحظى بالدعم المالي والإعلامي لغرفة عمليات أصبحت معلومة في المنطقة".