حذر مفتي البقاع الشيخ خليل الميس؛ من استمرار تلقي بعض "العمائم السنية" في
لبنان أموالا من
إيران، عبر انضمامها لبعض التجمعات المدعومة إيرانيا، في إشارة إلى "تجمع العلماء المسلمين".
وأكد الميس في تصريحات خاصة لـ"عربي21"؛ أن الدور الإيراني أدى إلى "تخريب العديد من الدول في المنطقة".
يأتي ذلك، في وقت صعّد فيه تجمع علماء المسلمين من مواقفه ضد دول الخليج، في تناغم مع مواقف حزب الله وطهران. فقد استنكر التجمع في بيان له، السبت، "إقدام السلطات البحرينية على إعدام ثلاثة شبان رميا بالرصاص"، وقال: "كنا دائما ندعو الشعب في البحرين للإصرار على الحراك السلمي وعدم الانجرار لمواجهة من نوع آخر"، واصفا نظام البحرين بـ"الظالم"، بحسب البيان.
وتأسس التجمع عام 1982، إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان بدعم إيراني، وتم الترخيص له من قبل الدولة اللبنانية عام 1983. وهو يضم مشايخ سنة وشيعة، ويرفع شعار "مواجهة الاحتلال بالوحدة الإسلامية".
وتشير مصادر عدة إلى تلقي أعضاء التجمع رواتب كبيرة وامتيازات أخرى، وذلك وفق ميزانية تصل مباشرة من إيران للهيئة الإدارية للتجمع، في حين ينفي التجمع حصوله على دعم إيراني، ويقول إن مصدر تمويله هو الزكاة والتبرعات والخمس عند الشيعة.
هل يغري المال بعض "العمائم"؟
واعتبر المفتي الميس أن "كثيرا من المشايخ يبحثون عن موقع ريادي، لا بل يطمح بعضهم لتأدية دور المفتي، وهذا ما قلته سابقا لمفتي الجمهورية اللبنانية السابق محمد رشيد قباني"، بحسب قوله.
ورأى الميس أن تجمع علماء المسلمين "يضم مجموعة من المشايخ
السنة المتحمسين، الذين لايعبرون عن المرحلة بشكل واقعي وحقيقي، ولايعكسون نبض الشارع".
وأكد الميس أن "التجمع يتلقى أموالا ورواتب من إيران"، مشددا على أن "قراراته ليست نابعة من قناعات أعضائه"، على حد تعبيره.
ودعا المفتي الميس العلماء الذين يسعون إلى تنفيذ "أجندات خارجية"، إلى نزع "العمائم عن رؤوسهم، والقيام بأي أمر يريدونه، لا أن يقحموا صفتهم الدينية في أمور لا تفيد مجتمعهم ولا بيئتهم".
وعن إصلاح الواقع السني في لبنان، قال الميس: "على السعودية دور كبير، فهناك بعض رجال الدين السنة ممن تغريهم المادة، واتجهوا نحو مسارات أضرت بمجتمعهم"، لكنه أوضح بأن "العلماء الوازنين لا يغريهم المال، ويحافظون على مبادئهم وصوتهم الصدق"، كما قال.
وقال الميس: المشايخ الخارجون عن إجماع السنة؛ "معروفون بأن واقعهم المادي رديء، وهو السبب الذي دفعهم إلى تلك الخيارات"، وفق تقديره.
وانتقد الميس الدور الإيراني في لبنان والمنطقة، وقال: "ماذا فعلت إيران؟ لقد أشعلت المنطقة وساهمت في تدمير العديد من البلدان، وحلب في سوريا شاهدة على ما تسعى إليه إلى جانب العراق وغيره من البلدان"، مستغربا الحديث الإيراني عن تحرير فلسطين، وتساءل: "هل يكون التحرير من العراق أم من سوريا أم من اليمن؟".
تجمع العلماء: نحن مستقلون
وحول الاتهامات الموجهة إلى التجمع بأنه صناعة إيرانية، أكد عضو اتحاد العلماء المسلمين في لبنان/ الشيخ ماهر مزهر، "استقلالية التجمع".
وقال لـ"عربي21": "تجمعنا يضم علماء سنة وشيعة، وهو ليس مرتهنا لأحد سوى منطق الوحدة الإسلامية"، مذكرا بمشاركة أعضاء التجمع بالصلاة الموحدة التي دعا إليها حزب الله عام 2005 في ساحة الشهداء، عقب اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.
وأضاف: "شاركنا تحت منطق الوحدة بين المسلمين، ولم يكن حضورنا نابعا بتوجيه من أحد لا قوى 8 آذار أو أي طرف"، كما قال.
وأردف في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "كنا نواجه، كعلماء سنة في التجمع، محاولات الفتنة بين السنة والشيعة عقب اغتيال الرئيس الحريري".
وحول ما يتردد عن تلقي أعضاء التجمع رواتب تصل إلى خمسة آلاف دولار شهريا، وأن هذه الأموال مصدرها إيران، قال مزهر: "نحصل على أموال مصدرها الزكاة عند السنة والخمس عند الشيعة، ولم نحصل أبدا على أموال من إيران، ولو كانت المسألة مادية لكنّا توجهنا إلى دول الخليج القادرة على دفع أموال أكبر"، كما قال.
وأضاف: "أعضاء التجمع المكونين من 360 شيخا سنيا وشيعيا لا يتلقون بأغلبهم أموالا مقابل انتسابهم، عدا الهيئة الإدارية في التجمع؛ التي تحصل على مخصصات بدل محروقات وهواتف"، وفق قوله.
وفي المقابل، اتهم مزهر "هيئة علماء المسلمين" المناهضة لحزب الله، والقريبة من دار الفتوى في لبنان، بتلقي أموالا ورواتب من دول خليجية، قائلا: "هناك رواتب تصل إلى 2000 دولار شهريا للعلماء المنضوين في الهيئة"، على حد تعبيره.
وعن اتهام المشايخ السنة ضمن التجمع بالسباحة بعكس تيار طائفتهم، المعارض لحزب الله وإيران، قال: "نحن كعلماء سنة في تجمع العلماء المسلمين؛ تربينا على الجهاد في سبيل الله، وبأن العدو هو إسرائيل وبأن المقاومة هي خيارنا، وبالتالي نحن ندعم ونناصر أي حزب أو طرف يواجه العدو الإسرائيلي"، على حد تعبيره.
وعن سبب تناغم آراء التجمع مع المواقف الإيرانية بشأن ما يحدث في المنطقة، كالبحرين واليمن وسوريا، رد مزهر بالقول: "نحن مع أي مظلومية تقع ضد أي شعب أومجموعة أو طرف"، وتحدث عن أن "التجمع حاول مساعدة علماء سنة من إيران بعد علمه بأنهم تعرضوا لمظلومية"، كما قال.