ملفات وتقارير

هل اعترف السيسي أخيرا بوجود "دولة الجيش" بمصر؟

العسكر.. الصندوق الأسود في مصر - أرشيفية
العسكر.. الصندوق الأسود في مصر - أرشيفية
"ما الشعب إلا جزء من الجيش" و"القوات المسلحة هي الدولة"، كانت تلك مقولات كررها قائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي على مدار العامين الماضيين. ومع بداية 2017 كشف السيسي عن نظرته الجديدة حول مصر وشعبها وجيشها.

ففي حوار مع الصحف القومية يوم الاثنين، دافع السيسي عن استقلال الجيش باقتصاده وميزانيته عن اقتصاد البلاد وميزانيتها، وقال إن الجيش يبني قدرته الاقتصادية على مدار سنوات طويلة حتى لا يُضيّق على اقتصاد الدولة. وذكر أيضا أن المشروعات الكبرى تنفذها القوات المسلحة من موازنتها دون أن تُحمل موازنة الدولة أي أعباء.

وكان السيسي قد ذكر في 24 كانون الأول/ ديسمبر الماضي؛ أن اقتصاد الجيش لا يزيد عن 2 في المئة من اقتصاد البلاد، وذلك ردا على أرقام سابقة أوردها تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، في آذار/ مارس 2016، وتضمنت أن الجيش يسيطر على 60 في المئة من الاقتصاد، ويستحوذ على 90 في المئة من أراضي مصر.

وسبق أن قال خلال انقلاب مع تلفزيون "بي بي سي"، في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، أن "الشعب جزء من الجيش". كما أعلن في خطاب، في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2016، أن "القوات المسلحة هي الدولة".

دولة للعسكر وأخرى للجياع

محللون اقتصاديون وسياسيون مصريون، رأوا أن تصريحات السيسي بوجود ميزانية خاصة بالجيش في مصر؛ تعد اعترافا منه بوجود دولتين: واحدة للعسكر وأخرى للمصريين الفقراء، معتبرين أن ما يقيمه الجيش من مشروعات مشروطة بحكم البلاد، وهي حالة فريدة في العالم، وفق تقديرهم.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ الاقتصاد، جهاد صبحي، إن "تصريحات قائد الانقلاب تعد اعترافا بوجود دولتين واقتصادين، أقواهما اقتصاد الجيش الذي يتغذى على اقتصاد الدولة الأضعف، وللأسف فهذا هو الواقع منذ بداية نظام المخلوع حسني مبارك".

واعتبر صبحي، في حديث لـ"عربي21"، أن تلك التصريحات هي "خير دليل على أن الجيش يمتلك شعبا، وليس الشعب هو من يمتلك جيشا"، مضيفا: "هذه هي العقيدة التي يؤمن بها العسكر ويتعامل بها جنرالاتهم مع الشعب الذي استخفوه بمشروعات لا تخدم في الحقيقة سوى أغراضهم بالاستمرار في حكم البلاد"، كما قال.

تعطيل للرقابة

أما الكاتب والمحلل الاقتصادي، ممدوح الولي، فأكد أن "قيام الجيش بمشروعات خارج نطاق الموازنة العامة للدولة؛ يتعارض مع مبدأ وحدة الموازنة، والذي يقتضي إدارج كافة الإيرادات والنفقات في وثيقة واحدة، لا تسمح بوجود إيرادات أونفقات خارج إطارها".

وتابع الولي لـ"عربي21"؛ أن ما تحدث به السيسي "يعد أيضا مخالفة لمبدأ شمول الموازنة لكافة الإيرادات والنفقات العامة للدولة بشفافية كاملة، ويعطل الأجهزة الرقابية في القيام بدورها الرقابي تجاه الأجهزة التنفيذية"، على حد قوله.

كما تحدث الولي كذلك؛ عن مخالفة حديث السيسي لمبدأ "شيوع الموازنة"، والذي يقضي بعدم تخصيص إيرادات معينة لنفقات محددة، موضحا أن "تلك المخالفة تخص بيع الأراضي وتخصيص إيراداتها لبناء مدن جديدة، كما جاء في حوار الجنرال مع رؤساء تحرير الصحف القومية".

كيان مواز

وأشار الولي إلى "المفارقة" في حديث السيسي، وقال: "عندما تصل قيمة المشروعات التي يتولاها الجيش لـ1040 مليار جنيه، والتي قيل إنها خارج موازنة الدولة، يصل مجموع موازنة العام المالي الحالي للدولة 1256 مليار جنيه، وهو ما يشير لوجود كيان موازٍ لدور الدولة"، على حد وصفه.

وأضاف: "بمقارنة حجم مشروعات الجيش البالغة 1040 مليار جنيه؛ بمجمل الاستثمارات المنفذه خلال العام المالي 2015/2016، والبالغة 392 مليار جنيه، يتضح الفارق الضخم، الذي يشير لتدني حجم ما نفذته الدولة بقطاعها الخاص وشركاتها العامة وهيئاتها الاقتصادية واستثماراتها الحكومية؛ مقارنة بأعمال الجيش".

تهرب ضريبي

وأشار الولي إلى "حديث السيسي حول تمويل المشروعات بأرباح بيع 1400 مليون متر مربع من أراضي المدن الجديدة؛ تجلب 1400 مليار جنيه مع متوسط سعر ألف جنيه للمتر، وهذا يعني وجود جانب الربح بتلك المشروعات، خاصة أن المتداول إعلاميا حول ثمن المتر بالعاصمة الإدارية لن يقل عن 4500 جنيه".

وأوضح الولي أن "هامش الربح هذا يجعلنا نطرح مسألة عدم دفع الجيش ضرائب كالقطاع العام والخاص، حيث تخلو بيانات وزارة المالية من وجود ضرائب يدفعها الجيش، في الوقت الذي يتمتع بإعفاءات ضريبية بقرار وزير الدفاع رقم 68 لسنة 2015؛ بإعفاء دور ضيافة ونواد وفنادق وعمارات تابعة للجيش".

كلام متناقض

وفي تعليقه على تصريحات السيسي قال أستاذ العلوم السياسية، إبراهيم البيومي غانم، إن "السيسي دائما ما يقول كلاما غير مفهوم يتناقض آخره مع أوله وشماله يضرب يمينه"، على حد وصفه.

وأضاف لـ"عربي21" أن "حديث السيسي عن الجيش والمشروعات التي يقدمها للشعب من ميزانية القوات المسلحة؛ لهو كلام غير معقول من مسؤول على رأس السلطة في بلد يعاني اقتصاده وشعبه أزمات لا تنتهي".

في جمهوريات الموز

وعلّق الكاتب الصحفي حازم غراب، متهكما: "ميزانية خاصة بالجيش لا علاقة لها بميزانية الدولة؛ ربما يكون هذا الخبل السياسي والاقتصادي موجودا في جمهوريات الموز والكوسة والدويلات الصغيرة، أما دولة بحجم تاريخ مصر فهذا أمر غير مقبول".

ورأى غراب، في حديث لـ"عربي21"، أن "السيسي معدوم الخبرة سياسيا واقتصاديا، وهو ودولته من العسكر والجنرالات متعطشة للسلطة بالانقلابات العسكرية، وللدماء بقتل الأبرياء و(الرز) بالسطو على أموال الشعب"، كما قال.
التعليقات (1)
مصري
الثلاثاء، 17-01-2017 07:37 ص
الجيش السيساوي جيش من الإقطاعيين والبارونات الذين يتحكمون في أكثر من 80% من إقتصاد مصر ، وما يستتبعه من قتل ونهب واستغلال وفساد ورشاوي وسرقه واحتكار وبالمناسبه هناك حوالي 15% من الاقتصاد للخونه والعملاء الموالين للسيسي أما ال5% الباقية فهي لعباد الله المقهورين وهم باقي الشعب بأكمله هذة هي مصر في دولة الجيش الذي لايعمل إلا لمصلحة اسرائيل وفقط .