أثارت تصريحات السفير البريطاني لدى ليبيا،
بيتر مليت، حول شرعية "الاتفاق السياسي الليبي" وأداء المجلس الرئاسي المنبثق عن الاتفاق، جدلا واسعا، وسط تكهنات حول مصير "المجلس الحالي" المدعوم دوليا.
وأكد مليت أن "الاتفاق الليبي لا يحمل أي قيمة ما لم يضمنه مجلس النواب في الإعلان الدستوري للدولة"، وأنه "من الضروري الرجوع لصيغة مجلس رئاسي برئيس ونائبين، وأن لا يكون أعضاؤه من المجلس الحالي"، بحسب تصريحات لرئيس
البرلمان الليبي، عقيلة صالح، عقب لقائه بالسفير البريطاني الثلاثاء.
وفي المقابل؛ أعلن الاتحاد الأوروبي دعمه للاتفاق السياسي في ليبيا، وحرصه على مواكبة جهود المجلس الرئاسي في بسط الاستقرار، والدفع نحو حل سياسي للأزمة الراهنة، وذلك خلال اتصال هاتفي أجرته الأربعاء، الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، فدريكا موغيريني، مع رئيس المجلس الرئاسي فائز
السراج، موجهة له الدعوة لزيارة بروكسل.
ووضعت هذه التصريحات وما قابلها من مواقف؛ مصير المجلس الرئاسي بتشكيلته الحالية على المحك، وسط تساؤلات حول تخلى المجتمع الدولي عن "رئاسي السراج" الحالي، ولمصلحة من يتم هذا التغيير؟ وهل يمكن إلغاء "الرئاسي" وتكليف شخص بإدارة البلاد كرئيس مؤقت؟
بديل مقبول
وقال الكاتب الصحفي الليبي المقيم في
بريطانيا، عبدالله الكبير، إن "تصريحات مليت تعكس إدراك بريطانيا لتوجه فريق الحوار الليبي نحو تغيير المجلس الرئاسي الحالي"، مضيفا لـ"
عربي21" أن "من المبكر الحديث عن تخلي بريطانيا عن رئاسي السراج، مع الإشارة إلى أنهم لن يعارضوا هذا التخلي، وخاصة إذا كان البديل مقبولا لديهم".
ورأى المحلل السياسي الليبي، محمد فؤاد، أن "تصريحات ميليت كانت دقيقة جدا، ولم تكن إلا حول دعم تعديل الاتفاق السياسي إذا رغب الليبيون، ولم يتحدث صراحة عن التخلي عن السراج".
وقال فؤاد لـ"
عربي21" إنه "بات واضحا أن الاتفاق في طريقه للتعديل، وأن السراج وصل إلى طريق مسدود، والخلاف الآن حول آلية التعديل فقط".
تخلٍّ جزئي
من جهته؛ قال عضو حزب العدالة والبناء الليبي، المبروك الهريش، إن "كلام المسؤول البريطاني ليس مفاجئا، فالكثيرون الآن يتحدثون عن فشل المجلس الرئاسي في أداء أبسط مهامه الموكلة إليه".
واستدرك قائلا: "لا أستطيع أن أقول إن المجتمع الدولي تخلى كليا عن المجلس الرئاسي بقيادة السراج".
وأضاف لـ"
عربي21": "ربما ترغب بريطانيا في تغيير المجلس، لكن على النقيض من ذلك نرى
إيطاليا ما زالت متمسكة به، إلا أن الشيء المؤكد والمهم هو أن المجتمع الدولي ما زال إلى الآن متمسكا بالاتفاق السياسي كإطار عام لأي حل".
وأكد الناشط السياسي الليبي، أسامة كعبار، أن "الحديث عن فشل مجلس السراج ومقترح رئيس ونائبين؛ أمر متداول منذ فترة، وفي الحقيقة أن الفشل ليس للسراج ومجلسه، وإنما لمشروع ليون -المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا- وبعثته الأممية التي شكلت توليفة غير متجانسة للمجلس الرئاسي ولقيادة ليبيا".
وقال لـ"
عربي21" إنه "حتما سيكون هناك تعديل فى تركيبة المجلس الرئاسي الحالية، لكن هذا لا يعني حتمية مغادرة شخص فائز السراج؛ لأنه يقوم بدوره المكلف به من قبل المجتمع الدولي، وهو عرقلة المرحلة الانتقالية" على حد قوله.
رئاسي مصغر
من جانبه؛ كشف المستشار بمركز ليبيا للدراسات المتقدمة (غير حكومي) علي حمودة، أن "هناك شبه توافق بين أغلبية الأطراف حول تغيير الرئاسي الحالي، واستبداله بمجلس رئاسي مصغر؛ يقوم بدور القائد الأعلى للجيش، وتكليف رئيس حكومة لها كامل صلاحياتها التنفيذية بمعزل عن المجلس المصغر".
وبخصوص تصريحات السفير البريطاني؛ استبعد حمودة في حديثه لـ"
عربي21" أن "تصدر هذه التصريحات من دبلوماسي مخضرم مثل بيتر ميليت"، مستشهدا بأنه "لا يجوز لسفير دولة معترفة بحكومة الوفاق أن يتحدث بهذا الأسلوب، وفشل الرئاسي من عدمه يقرره الشعب الليبي بممثليه في البرلمان ولجنة الحوار".
أما الخبير بالعلاقات الدولية، عثمان قاجيجي؛ فرأى أن "الرئاسي الحالي تم إفشاله، وخاصة من قبل المصرف المركزي الذي عرقل تسييل الأموال في وقتها لسد العجز في المواد الأساسية، والذي ساهم في تأزيم المشكلة".
وقال قاجيجي لـ"
عربي21": "أما بخصوص موقف المجتمع الدولي؛ فلا أعتقد أنه سيتخلى عن الاتفاق السياسي، لكن أسماء المجلس الرئاسي قابلة للتغيير، وهذا طبيعي".