نشرت صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية حوارا؛ مع وزير الخارجية
الإسرائيلي السابق والمؤرخ، شلومو بن عامي، حول جدية الرئيس الأمريكي الجديد دونالد
ترامب؛ في الوفاء بوعده الانتخابي المتعلق بنقل
السفارة الأمريكية إلى
القدس، وتداعيات هذه الخطوة على العالم العربي، في حال تنفيذها.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن شلومو بن عامي قام بزيارة إلى مدينة برشلونة الإسبانية، بصفته نائب رئيس مركز توليدو الدولي للسلام، في إطار مؤتمر الحرب والسلام الذي تحتضنه المدينة.
وخلال هذه الزيارة، أكد بن عامي، باعتباره من بين الأشخاص الأكثر دراية بعملية السلام مع الفلسطينيين، أنه "يرفض تصديق أن ترامب سيجرؤ على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أو أنه قد يُقدم على هذه الخطوة المتطرفة، التي ستكون بمثابة برهان على طبيعة الرئيس الأمريكي المتناقضة".
ويعتبر بن عامي أنه "ليس من المتوقع أن يثير نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ردود فعل الحكومات العربية، بغض النظر عن بعض الاحتجاجات التي سيشهدها العالم العربي، الذي لا يعبر عن نوبات غضبه إلا للضرورة"، معتبرا أن "هناك الكثير من السياسات المزدوجة في منطقة الشرق الأوسط".
ولفتت الصحيفة إلى أن "نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بها كعاصمة أبدية لليهود"، كان في قائمة الوعود الانتخابية للعديد من الرؤساء الأمريكيين، مثل بيل كلينتون ورونالد ريغان، وهو ما جعل العديد من عناصر المجتمع الدولي يعتقدون أن ترامب سيخطو على منوال باقي الرؤساء الأمريكيين. إلا أنه على خلاف ذلك، تشير تحركات ترامب إلى أن الرئيس الأمريكي الجديد في طريقه إلى الوفاء بوعده الانتخابي.
وأضافت الصحيفة أن تعيين ديفيد فريدمان، أحد مؤيدي النشاطات الاستيطانية وأبرز المدافعين عن حل دولة واحدة، سفيرا في إسرائيل، إضافة إلى تعيين زوج ابنته، جاريدكوشنر، الذي مولت عائلته بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، مبعوثا للشرق الأوسط، هو من بين المؤشرات الأولى على تحرك ترامب في اتجاه نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وحول مآل حل الدولتين، في الوقت الذي يملك فيه الإسرائيليون الحل ولا يمارسون أي ضغوط على قادتهم، قال بن عامي إن "الوضع في حاجة إلى تنظيم من قبل المجتمع الدولي، فأنا أؤمن بأنه لا يملك أي من الفلسطينيين أو الإسرائيليين القوة الداخلية لحل هذه المشكلة".
وأضاف بن عامي: "بما أنني أعلم كل التفاصيل وأصغرها حول عملية السلام، أعترف بأن كلا الطرفين على خطأ، لكن يتحمل المحتل جزءا كبيرا من مسؤولية الجرم الأخلاقي، إذ أنه هو الذي يمارس القمع. لكن يتقاسم كلا الطرفين مسؤولية حل المشكلة".
وفيما يتعلق بتواصل توسع الاستيطان، قال بن عامي إن "الحكومة (الإسرائيلية) الحالية سيئة وغير مسؤولة. كما أن اليمين المتطرف، الذي يعمل على إضعاف الديمقراطية في البلاد، ويحكم بمنطق الإهمال".
وفيما يتعلق بتناقض أقوال نتنياهو مع أفعاله حول مسألة حل دولتين، أوضح بن عامي أنه "بغض النظر عن الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، الذي قال بصريح العبارة إنه لا يدعم حل الدولتين، فإن نتنياهو قضى 11 سنة في منصبه الحالي دون خطة واضحة. وكل ما يصر عليه دائما هو أن لا يقبل الفلسطينيون بشيء. كما أن سياسته كانت سلبية غالبا. وعموما، فإن خطة نتنياهو تتغير حسب مصالحه السياسية".
وقال بن عامي إن "ترامب ليس الرئيس الأمريكي الوحيد الذي وعد بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كما أن ترامب شكّل فريقا يمكن وصفه بالأكثر شذوذا عن النظام والوضوح في تاريخ البلاد. وقد نجم عن هذه الفوضى تناقض في تصريحات الفريق الرئاسي. وعلى سبيل المثال، صرح وزير الدفاع جيمس ماتيس، أن عاصمة إسرائيل هي تل أبيب".
وحول ردة فعل العالم العربي في حال نقلت السفارة الأمريكية إلى القدس، أوضح بن عامي أنه "من الصعب التكهن في هذا الوقت. لكن لا أعتقد أن هذا القرار سيلاقي استحسان العالم العربي، لأنه سيكون من الصعب القبول بهذا القرار بالنسبة لمصر والمملكة العربية السعودية، من المؤكد أن التعليقات والاحتجاجات سوف تتنامى. لكن في حقيقة الأمر، يملك هذان البلدان نوعا من التحالف السري مع إسرائيل، وهما في غاية السرور لخروج أوباما من سدة الحكم".
وأضاف: "هناك الكثير من السياسات المزدوجة في المنطقة. لكن، سيبقى هذا القرار غير مقبول بالنسبة للدول العربية. كما أنه من المتوقع أن يمارس الشارع العربي ضغطا كبيرا من خلال الاحتجاجات".
وتساءلت الصحيفة عن إمكانية تواصل التحالف الأمريكي الإسرائيلي إلى الأبد، وعن إمكانية تغيير واشنطن لحليفها. وفي هذا الصدد أشار بن عامي إلى أنه "عندما يتمعن ترامب في الشرق الأوسط ويبحث عمن تثق فيه، فستكون إسرائيل الخيار الوحيد. وعموما، فإن بلدان العالم العربي مثل الرمال المتحركة".
وقال بن عامي إن الأيام القادمة ستثبت لنا "إلى أي مدى سيتمكن المجتمع المصري من مقاومة "البونابرتية" التي ظهرت مع السيسي... وإلى أي مدى ستقاوم المملكة العربية السعودية، خاصة وأن النفط لم يعد كما كان عليه. وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فإن إسرائيل هي الحصن. وسنرى في المستقبل من سيواجه إيران في المنطقة".